خطاب تاريخي ألقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يحمل في طياته نهاية مرحلة تفاوض طويلة استمرت منذ وقعت اتفاقية أوسلو عام 1993 لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عنوانه البحث عن السيادة وإنهاء الاحتلال.
هذا الخطاب الذي سبقه انتصار سياسي جديد للقضية الفلسطينية برفع العلم الفلسطيني بين أعلام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وما حمله من رسالة قوية لإسرائيل بأن وجه العالم بدأ يتغير والدول بدأت تتيقن أن هناك حقاً فلسطينياً ضائعاً عليها أن تسانده.. بين ما جاء في الخطاب من قضايا هامة وبحث عن الحقوق الفلسطينية في الوجود والاستقلال والحرية بإنهاء أطول احتلال في التاريخ وإدانة كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم تصاعدت وتيرتها على القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية مؤخرا والإعلان عن الرغبة الفلسطينية في تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وحصولها على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
تحدثنا مع قيادات فلسطينية في غرفة صناعة القرار والذين ثمنوا الخطاب واحتفلوا برفع العلم وينتظرون التطبيق.
في البداية تحدثت مع د. مصطفي البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الذي قال: نحن نعتبر رفع العلم بمثابة التكريم لكل الشهداء الذين سقطوا ولقد اعتدنا أن يكون رفع العلم الفلسطيني ثمنه القتل أو الإصابة بإعاقة دائمة.
وجاء رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة ليؤكد على الاعتراف بدولة فلسطين ومن ناحية أخرى فهو يحسم وضع الأراضي الفلسطينية وكونها محتلة ونسف الادعاء الإسرائيلي بأنها أراض متنازع عليها وأكد أنها أراضي دولة تحت الاحتلال.
أما ما جاء في الخطاب فيؤكد نهاية مرحلة التفاوض مع إسرائيل بعد أن اتضح أن التفاوض مع إسرائيل لا يفيد بشيء ولابد من إستراتيجية بديلة جديدة وهو يؤكد فشل مشروع أوسلو بالكامل، وأهم ما أعلن في الخطاب أن الجانب الفلسطيني لن يكون ملتزما بالاتفاقيات القائمة مع إسرائيل.
وأكد أن تداعيات القرار تعتمد على التنفيذ وبما أن المرجع هو قرارات المجلس المركزي سيتم إلغاء التنسيق الأمني مع إسرائيل.
حل دائم
أما نبيل عمرو مستشار الرئيس الفلسطيني، فقد اعتبر رفع العلم خطوة رمزية وانتصاراً سياسياً يعزز الأمل عند الفلسطينيين في الوقت الذي ضاع فيه الأمل بحكم التطورات السلبية التي تجري على مستوى العالم العربي. كما أعادت القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية بعد أن زاحمتها قضايا أخرى أكثر سخونة وأكثر استحواذا على الرأي العام.ونؤكد أنها خطوة هامة إذا لم تتبعها خطوات عملية من قبل الدول المؤثرة في السياسة الدولية فربما تسعفنا كثيرا.
وطالب بفتح ملف القضية الفلسطينية علي الحل وليس مجرد المبادرات الرمزية فالقضية الفلسطينية في حاجة إلي حل والاعتراف الدولي بها عمره عقود من الزمن رفع العلم في الأمم المتحدة سبقه رفع العلم علي ارض الوطن أيضا في مناطق السلطة الوطنية المطلوب الآن عمل دولي فعال لقيام الدولة الفلسطينية من خلال حل سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية العالم.
جدل أوسلو
واعتبر نبيل عمرو، أن المطلوب هو تطبيق اتفاقية أوسلو وليس إلغاءها فأسلو ليست سيئة والفيصل هو التعاطي الإسرائيلي معها وبالتالي المطلوب تعديل هذه الطريقة في التعامل مع الفلسطينيين والعمل الإسرائيلي العدواني الذي يطال القدس والمسجد الأقصى أو من خلال تطبيق الاتفاقيات.
وقف الاعتداءات
بينما يؤكد د. نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» ومسئول علاقاتها الخارجية: إن «القيادة الفلسطينية درست بعمق قرارات الرئيس عباس، وأنها جاهزة لكل ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية وأن القيادة الفلسطينية مصممة علي فضح إسرائيل أمام العالم وجرائمه في حق المقدسات الإسلامية والمسيحية، والاعتداءات المتكررة علي الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية.
مضمون سياسي
واعتبر محمود الهباش قاضي القضاة الشرعي ومستشار الرئيس للشئون الدينية رفع العلم خطوة رمزية ولكن المضمون السياسي لها هو مضمون كبير يعني أن العالم قد أصبح أكثر تقبلا لفكرة الدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وهذه الخطوة تعني المزيد من العزلة الدولية للاحتلال الإسرائيلي وضد سياسة التوسع والعدوان الإسرائيلي فلسطين بعثت من جديد ودولة فلسطين قادمة والشعب الفلسطيني يستحق هذا الانجاز الذي تحقق بعد سنوات كثيرة من النضال وشلالات من الدم الفلسطيني من الشهداء والأسرى والمعتقلين والمبعدين في النهاية أثمرت كل هذه التضحيات بهذه الخطوة الكبيرة والمهمة.
وأشار إلى أن خطاب الرئيس دشن مرحلة جديدة في السلوك الفلسطيني تجاه الاحتلال الإسرائيلي بمعني أن تتحمل إسرائيل مسئوليتها كدولة احتلال وأننا لن نلتزم بأية اتفاقيات وقعناها منذ اتفاقية أوسلو وحتى اليوم إلا إذا التزمت إسرائيل بمعنى التزام بالتزام وعدم التزام بعدم التزام.
ونفى أن يكون هناك نية لحل السلطة الفلسطينية «نحن سلطة دولة تحت الاحتلال وهذا كلام عبثي ليس له مغزى سياسي أو قانوني يستند عليه فالسلطة دولة منذ عام 2012 تاريخ إعلان الدولة الفلسطينية ومطلوب إنهاء الاحتلال».
خطوة منقوصة
من ناحية أخرى ذكر خالد البطش المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي أن كل فلسطيني غيور علي وطنه وكل عربي غيور على القضية الفلسطينية شعر بالسعادة عند رفع العلم في الأمم المتحدة ولكن في الوقت الذي نعتبر فيه هذه الخطوة خطوة رمزية ومعنوية هامة إلا أننا نعتبر أن رفع العلم على خلفية قاعدة حل الدولتين منقوصة نحن نريد رفع العلم علي كل فلسطين وارض العرب.أما خطاب الرئيس فقد لمسنا فيه لغة جديدة ولكن غلب عليها طابع الشكوى من الممارسات الإسرائيلية وكنا نأمل أن يعلن الرئيس صراحة الانتهاء من مرحلة أوسلو وأن يطالب الشعب الفلسطيني بالاستعداد لتحمل المسئولية فور الإعلان عن هذه الخطوة.
يرضي الجميع
وقد حسم السفير حازم أبو شنب، القيادي بحركة فتح الجدل حول معني الخطاب هل هو إلغاء لأوسلو أم تهديد بالإلغاء فقال : قرارات المجلس الثوري لحركة فتح وقرارات القيادة المركزية وقرارات المجلس الوطني كلها قرارات بإلغاء الاتفاقيات لأن إسرائيل لم تعد تعمل بهذه الاتفاقيات. وكان الرئيس واضحا وقال نعلن بدء العمل بوقف هذه الاتفاقيات..هذا النص الحرفي وبالتالي لا مجال للاجتهادات في التفسير.
أما رفع العلم فيعتبره خطوة ايجابية لها علاقة بعدة دلالات الدلالة الأولي أنها تثمن وجود دولة فلسطين في الأمم المتحدة علم الدولة أصبح ملاصقا وملازما لأعلام الدول الأخرى العضوة عضوية كاملة في الأمم المتحدة وبالتالي هذا تأكيد لوجود دولة فلسطين.
جريء وواضح
ويثني السفير علي خطاب الرئيس بقوله: الرئيس كان جريئا واضحا خاطب عقول الناس وضمائرهم وأكد الحقوق الفلسطينية بشكل كامل أمام المجتمع الدولي وقوطع عدة مرات بالتصفيق وهذا أمر لافت وهذا يحتاج آليات تطبيق على الأرض لأنه لازال في ملعب الأمم المتحدة التي عليها أن تعترف اعترافا كاملا بدولة فلسطين والثاني أن تجبر دولة الاحتلال الإسرائيلي علي مغادرة الأراضي الفلسطينية.