«الأسطى يلتف حوله عدد من الصبية لالتقاط سر صناعة الفانوس».. لمن تعود على زيارة «تحت الربع» بمنطقة القاهرة التاريخية قبل شهر رمضان، كان هذا المشهد هو أول ما يلفت انتباهك، لكن الحال تبدل هذا العام، وصار الأسطى بلا صبية.

مصطفى عبد الكريم، واحد من قدامى الصناع الذين تخصصوا في الفانوس المصري، تستطيع بسهولة إدراك حجم معاناته، بعد أن أضطره غياب الصبية إلى ترك مكانه لجلب إحدى الخامات ثم العودة إليه مرة أخرى لاستئناف العمل.

يقول عبد الكريم، وقد أخذ يمسح العرق الذي انهمر من جبينه: «المشكلة مش في إني بعاني، المشكلة أن مهنتنا هتنقرض عشان مش بنورثها لآخرين».

وقبل أن اسأله عن السبب في حدوث هذه الأزمة، يمر بجوار ورشته أحد الصبية وهو يقود «التوك التوك»، ليقول الرجل منفعلا وهو يشير لتلك المركبة الصغيرة: «كله من الزفت ده، بعد ما دخل المنطقة، مش لاقيين أي صبي عايز يشتغل معانا".

ويضيف: «كنا عايشين من غيره والمسؤولين مش هيحسوا بخطورته ألا في المستقبل، لما ما يبقاش عندنا صنايعية في كل المهن».

وتجاوز عبد الكريم حدود مهنته ليقول: «طب صنعتي ممكن البعض يعتبرها رفاهية، لكن في صنعة مش ممكن تستغنى عنها، زي السباك مثلا وساعتها أبقوا خلوا التوك توك ينفعكوا».

وتحول «التوك توك» في مصر إلى مصدر رزق للصبية والشباب، فهو أسهل وسيلة لتوفير فرصة عمل.

ويقول علي حمدي «12 عامًا» سائق «توك توك» في منطقة تحت الربع: « فوانيس إيه اللي هشتغل فيها، هو يديني كام يعني».

وتابع: «أنا بجيب 50 جنيه على الأقل في الوردية اللي بشتغل فيها، هو بقى ممكن يديني كام».