يؤكد مفتى الجمهورية د. شوقى علام أهمية شهر رمضان فى تحصيل المزيد من الطاعات مشددا على ضرورة الانتباه والحذر الشديد فى الشهر الفضيل لئلا يجرفنا طوفان المسلسلات والبرامج غير الهادفة فننصرف عن العبادة لنجد أنفسنا وقد خرجنا من الموسم الايمانى خاسرين،ويدعو مفتى الجمهورية فى حواره لـ«الأخبار» المسلمين للاقتصاد فى الإنفاق لتقتصر مشترياتنا على الحاجات الضرورية ولاننصرف للكماليات تشبها بآخرين مما يساهم فى زيادة جنون الأسعار وموجة الغلاء،كما يجيب عالمنا الجليل عن بعض الفتاوى الخاصة بالمرضى فى شهر الصوم.
< فى البداية سألنا فضيلة المفتى حول الخلاف الذى يتجدد حول رؤية هلال شهر رمضان وإثباته بالحساب الفلكى كل عام، بالإضافة إلى اختلاف ثبوت الهلال من دولة لأخرى، فكيف نخرج من هذا الخلاف؟
ـ يثبت دخول شهر رمضان كغيره من الأشهر العربية القمرية برؤية الهلال، ويُسْتَطْلَع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ شهر رمضان، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: »صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غم عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ«، وبهذه الطريقة أيضًا يثبت دخول شهر شوال..أما فيما يخص الرؤية فالاعتماد على الرؤية البصرية هوالأصل شرعًا، مع الاستئناس بالحساب الفلكي، إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكى يَنْفى ولا يُثْبِت، فيؤخذ به فى نفى إمكان طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه فى الإثبات، حيث يؤخذ فى إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكي،فإذا نفى الحساب إمكان الرؤية فإنه لا تُقْبَل شهادة الشهود على رؤيته بحال؛ لأن الواقع الذى أثبته العلم الفلكى القطعى يُكَذِّبهم. وفى هذا جَمْعٌ بين الأخذ بالرؤية البصرية وبين الأخذ بالعلوم الصحيحة سواء التجريبية أوالعقلية، وكلاهما أمرنا الشرع بالعمل به، وهوما اتفقت عليه قرارات المجامع الفقهية الإسلامية..ونحن فى دار الإفتاء نستعين بالرؤية البصرية سواء كانت بالعين المجردة أوبالعين المسلحة التى تعتمد على استخدام المراصد والآلات بالإضافة إلى الحساب القطعي؛ فعندما يتقرر وفقًا للحساب أن الهلال قد نزل قبل الشمس بدقيقة أودقيقتين فهذا أمر متفق عليه بين كل الحاسبين فى هذا المجال، ولدينا هنا سبعة مراصد فى الجمهورية فإذا أتى إليَّ شخص وقال بأنه قد رأى الهلال فى حين أن الحساب يقر بأنه لم يره يتم حينئذٍ تصديق الحساب فهو هنا ينفي..على النحو الآخر، إذا قرر الحساب أن هذا القمر ينقص بعد الشمس بثلاث دقائق بينما جاء أحد الأشخاص وأقر برؤيته حينئذٍ فالحساب يؤيد قول الشخص ويكون إذن هذا الشخص قد رأى بالفعل الهلال. ولم يحدث عبر أربعين عامًا نتبع خلالها هذه الطريقة أن وقع اختلاف؛ فلم يقل أحد أن الهلال موجود فى حين أن الحساب ينفى وجود الهلال ولم يكذب أحد رؤية الهلال فى الوقت الذى أكد الحساب فيه رؤيته..بالإضافة إلى ذلك، فإن أربعين عامًا من الرؤية تعد وقتًا كافيًا وجديرًا بالثقة؛ حيث قد تم خلال هذه المدة الطويلة رؤية الهلال ثمانين مرة حيث ينطبق الأمر كذلك على هلال شهر شعبان، ونحن فى مصر نقوم بذلك الأمر كل شهر فى العام أى بما يعادل أربعمائة وثمانين مرة مما يؤكد نجاح هذه الخطة.
< وماذا عن الاختلاف فى رؤية هلال شوال ونهاية الصوم؟
ـ يجب على كل المسلمين فى أنحاء العالم أن يكون آخر يوم صيام لهم من رمضان متى تحقق أحد الأمور الثلاثةـ وهى إذا رأوا هلال شهر شوال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صوموا وافطروا لرؤيته»، أوبإكمال شهر رمضان ثلاثين يومًا إذا لم يتحقق رؤية الهلال فى يوم التاسع والعشرين من رمضان، وإما إذا قطع علماء الفلك الموثوق بعلمهم بأن هلال شوال سيولد يوم 29 من رمضان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها، أما إذا كانت هناك عوامل طبيعية حالت دون رؤيته، فإنه فى هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب ويثبت دخول شهر شوال بناء على قولهم.
«التزموا برؤية بلدكم»
< وبماذا تنصح المسلمين الذين يخالفون رؤية بلادهم ويصومون ويفطرون وفق رؤية بلد آخر؟

ـ على المسلمين الالتزام بالرؤية الشرعية لهلال رمضان كلٌّ فى بلده، لأننا مطالبون شرعًا بالصوم وفقاً لرؤية هلال شهر رمضان كل فى بلده، وذلك لمنع حدوث البلبلة والشقاق، التى يحدثها البعض بمخالفتهم أهل البلاد والصيام بناءً على رؤية دولة أخرى بدعوى عدم صحة ودقة رؤية أهل العلم فى هذه البلاد،ولا داعى أبداً أن تكون هذه المسألة مثار خلاف ونزاع بين المسلمين حرصاً على وحدة كلمتهم، وجمع صفهم، وعدم الشقاق فيما بينهم امتثالاً لقوله تعالى: »وَلَاتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».
< على الجانب الشخصى كيف يستعد فضيلة المفتى لشهر رمضان؟
ـ رمضان فرصة ومحطة ينبغى استغلالها، وكما جعل الله تعالى الصلاة محطات فعلينا جميعا أن نجعل رمضان بداية عام جديد نستقبل به عامًا آخر نرجوالله » جلَّ وعلا» أن يكرمنا فيه أكثر من العام الفائت، فالهمة تتضاعف للخير وينشط القلب للعبادة أكثر والله عز وجل يضاعف فيه الثواب ويجزل العطاء ويكافئ على صالح الأعمال، وقد اتفق أهل العلم على أفضلية شهر رمضان عن غيره من الشهور لاعتبارات عدة: منها اختصاصه بنزول القرآن الكريم فيه، قال الله تعالى: »شهر رمضان الذى أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان«(البقرة: 185). ومنها فرض صيامه على المسلمين »فمن شهد منكم الشهر فليصمه«(البقرة: 185). والصيام من أقرب القربات الموصلِّة إلى الله عز وجل، كما جاء فى الحديث «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به»رواه البخارى ومسلم. ويرجع فضل رمضان كذلك لاشتماله على ليلة القدر المباركة التى هى امتداد وتكثير لعُمْر المسلم »إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ« (القدر: 1-5) ، ومما ورد فى السُّنَّة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادى منادٍ كل ليلة: يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عز وجل عتقاء من النار، وذلك عند كل ليلة». ورمضان وإن لم يكن من الأشهر الحرم المعروفة، وهى المحرم ورجب وذوالقعدة وذوالحجة، إلا أنه يفضلها بما سبق ذكره، فضلاً عن أنه لا يتقرب إلى الله فى الأشهر الحرم بمثل الصيام فى بعض أيامها نافلة، وهو واجب فى شهر رمضان كله، هذا مع ما سنه النبى صلى الله عليه وسلم من الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان.
< وكيف كان فضيلة المفتى يقضى رمضان فى مقتبل عمره ؟
ـ كنت كأى طفل عادى أفرح بقدوم الشهر الكريم وكنت أحب الصوم وأفرح مع وقت أذان المغرب،وأستمع إلى الشيخ محمد رفعت فى إذاعة القرآن الكريم مترقبا انطلاق مدفع الإفطار حتى نجتمع على الطعام وكانت تغمرنى السعادة كل يوم عند وقت المغرب وأنسى تعب اليوم ومشقة الصيام .
< وما الذى تفعله فضيلتكم مع الأسرة الكريمة خلال هذا الشهر ؟
ـ لقد ربيت أبنائى تربية إسلامية منذ الصغر، فهم يعرفون أهمية هذا الشهر المبارك وفضله ويستعدون له بفرح وقلب مطمئن، ويحاولون جاهدين على فعل الخيرات الكثيرة خلال الشهر سواء كثرة الصلاة أو قراءة القرآن، وكذلك نتبادل مع باقى العائلة والأصدقاء الدعوات للإفطار وقد أصلى بزوجتى وأبنائى صلاة التراويح فى البيت، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .
«سيل المسلسلات»
< مع أول يوم من أيام هذا الشهر الفضيل تبدأ معظم القنوات الفضائية ببث سيل من المسلسلات والبرامج مما يؤدى إلى ذهاب هيبة هذا الشهر وغفلة الصائمين ؛ فهل فضيلتكم تتابع ما يبث من خلال القنوات ؟

ـ عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راع عليهم وهومسئول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهومسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهومسئول عنه فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» فكل شخص مسئول داخل بيته يوجه أبناءه وأهل بيته إلى الصواب وتقع المسئولية علينا جميعاً فى هذا الأمر، فنحن يمكن أن نختار الاستماع إلى ما يهذب الروح والنفس ويساعدنا على تقوى الله عز وجل، أونتجه إلى ما يغضب الله عز وجل فالمسألة قائمة على الاختيار، والقنوات الفضائية مليئة بأشياء غير هادفة وفيها أيضا ما هوصالح ومفيد .
< تداول البعض فتاوى لشخص يدعى أن التدخين فى نهار رمضان لا يفطر، فما رد فضيلتكم؟
ـ هذا الكلام باطل، ولا يمكن أن تصدر مثل هذه الفتاوى من شخص متخصص فى العلم الشرعي، فالتدخين حرام شرعًا فى رمضان وغير رمضان؛ لأن الطب الحديث أثبت أضراره الكبيرة على صحة الإنسان ومن يخالط المدخنين، بل قد يؤدى التدخين إلى الوفاة..والتدخين من المفطرات التى تفسد الصيام لأن الدخان يدخل إلى جوف الصائم، وليست السجائر من المعفوَّات التى عمَّت بها البلوى وذكرها الفقهاء والتى لا تفطر مما لا يمكن الاحتراز عنه، كبلع الريق وغبار الطريق، وذوق الطعام للمرأة فى البيت وشم الروائح الطيبة.
< هل النية فى صوم رمضان فرض؟ وهل تجب لكل يوم أم يكتفى بالنية فى أول الشهر؟
ـ النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات»، ولذا قال الفقهاء إن النية واجبة فى الصيام وفى كافة الأعمال، بل إنها تحدد هدف الإنسان وثوابه فى كثير من الأمور..ويرى بعض الفقهاء أن النية محلها القلب ولا يشترط فيها النطق باللسان، ويرى آخرون أن النية فى الصيام واجبة التجديد ولابد من أن ينوى المسلم الصيام كل يوم ووقتها من بعد غروب الشمس حتى قبيل أذان الفجر، وهذا هوالأصل والأفضل، ولكنه إذا خاف أن ينسى أويسهو فلينوِ فى أول ليلة من رمضان أنه سوف يصوم فريضة شهر رمضان إن شاء الله.
< أسعار السلع والمنتجات قد أصابها الجنون، ومن المعتاد أن ينفق المصريون مبالغ كبيرة فى شهر رمضان على الأكل والمشروبات، فما نصيحة فضيلتكم لهم؟
ـ شهر رمضان هو شهر الطاعات، وليس شهر الأكل والشرب- وإن كان ذلك مباحًا-ولكن الغاية الأسمى هى التقرب إلى الله بفعل الطاعات واجتناب النواهى حتى نحصل ثمرة الصيام التى هى التقوى، يقول تعالى: »كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَاكُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ«؛ لذافنصيحتى للمسلمين أن يقتصدوا فى شهر رمضان فى إنفاقهم فلا يسرفوا فى شراء السلع الباهظة، بل يعيدوا النظر فى إنفاقهم وفق ميزان الأولويات والاحتياجات الأساسية حتى لا يساهموا فى موجة الغلاء ويحملوا أنفسهم ما لا طاقة لهم به.
< متى يفطر المسافر بالطائرة لمسافات طويلة إن أدركه وقت غروب الشمس وهوفى الجو؟
ـ الإفطار المعتبَر فى حق المسافرين بالطائرة إنما هوبرؤيتهم غروبَ الشمس بالنسبة إليهم وفى النقطة التى هم فيها أثناء الرحلة، ولا يفطرون بتوقيت البلد الذى يُحَلِّقُون عليه، ولا التى سافروا منها، ولا التى يتجهون إليها، بل عند رؤيتهم غروب الشمس بكامل قُرصِها.فإن طالت مدةُ الصيام طولا يَشُقُّ مثلُه على مستطيع الصوم فى الحالة المعتادة، فلهم حينئذٍ أن يُفطروا للمشقة الزائدة وكذلك لأنهم على سفر وليس لانتهاء اليوم، وعليهم أن يقضوا الأيام التى أفطروها..وما يقوله بعض قُوّاد الطائرات من الإفطار على ميقات البلد الأصلى أوالبلد الحالى غير صحيح شرعًا، لأن هناك حالة تغيب فيها الشمس ثم تخرج مرة أخرى من جهة المغرب لسرعة الطائرة، وهنا يفطر الصائم عند غيابها الأول ولا يلتفت لردها وعودتها.
«تحقيق التقوى»
< من المعروف أن الصيام قد يضيع ثوابه بأفعال أوأقوال دون أن ندرك، فماذا علينا أن نفعل لكى نحافظ على صيامنا؟

ـ يجب على الصائم ألا يُعرّض صيامه لما يفسده ويضيّع ثوابه فيمسك أعضاءه وجوارحه عن كل ما يغضب الله تعالى، ويضيع الصوم، كالغيبة والنميمة والقيل والقال، والنظر إلى ما حرّمه الله تعالى والخصام والشقاق وقطع الرحم، وغير ذلك من الأمور التى من شأنها ضياع ثواب الصوم عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر»، فكل قول أوفعل يذهب التقوى أويؤثر فيها يضعف ثواب الصيام أويذهب به، فالغرض من الصيام أن يتحقق الإنسان بالتقوى، يقول تعالى: »يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواكُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَاكُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ«.
< فى شهر رمضان يحرص أئمة المساجد على ختم القرآن الكريم، فهل لذلك فضيلة؟
ـ بالطبع فشهر رمضان هوشهر القرآن وفيه نزل، يقول تعالى: »شَهْرُرَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ«، وقد كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم شديد الحرص على قراءة القرآن فى رمضان، وكان أمين الوحى جبريل عليه السلام يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، وفى هذا دليل على استحباب قراءة القرآن فى رمضان وختمه مرة أوأكثر، والإكثار من تلاوته ليلاً ونهارًا مع كون القراءة ليلاً أفضل، وأكثر ثوابًا لقوله تعالى: »إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًاوَأَقْوَمُ قِيلًا«، وجاء فى الحديث القدسي: «وما يزال عبدى يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها وإن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه».
«زكاة الفطر»
< زكاة الفطر من الفرائض المرتبطة بشهر رمضان والتى قد يسهوعنها كثير من الناس.. فمتى نخرجها ؟

ـ تجب زكاة الفطر على كل فرد من المسلمين، لقول ابن عمر: «فرض رسول الله صلى الله ليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أوصاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين»، وهى واجبة على المسلم الحر المالك لمقدار صاعٍ مما ذُكر، يزيد عن قوته وقوت عياله يومًا وليلة، وتجب عليه عن نفسه وعمن تلزمه نفقته..ووقتها غروب الشمس ليلة العيد، وقيل: وقتها طلوع الفجر يوم العيد، ويجوز تعجيلها من أول رمضان على مذهب الشافعى رضى الله عنه وهوما نميل إليه، كما يجوز نقل زكاة الفطر إلى بلد آخر غير البلد الذى يقيم فيه المزكي، إذا كان فى ذلك البلد من هم أحوج إليها من أهل البلد الذى فيه المزكى أوكان فى ذلك البلد قرابة للمزكى من أهل استحقاق الزكاة، أوإذا كان فى نقلها تحقيق مصلحة عامة للمسلمين أكثر مما لولم تنقل..ويُسَنُّ ألاَّ تؤخر عن صلاة العيد، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر، والراجح أنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم أغنوهم عن المسألة فى هذا اليوم، لصدق اليوم على جميع النهار.
< ما هى الحكمة من إخفاء ليلة القدر رغم ما فيها من الثواب العظيم؟
ـ اقتضت حكمة الله أن يخفى ليلة القدر فى رمضان ليجتهد الصائم فى طلبها، خاصة فى العشر الأواخر منه، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أملاً فى أن توافقه ليلة القدر التى قال تعالى فيها: »لَيْلَةُالْقَدْرِخَيْرٌمِنْ أَلْفِ شَهْرٍ »3« تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَابِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلّ أَمْرٍ »4« سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ«، وقد أخفى الله ليلة القدر فى أيام شهر رمضان حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل فى رمضان، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يجتهد فى طلبها فى العشر الأواخر من رمضان، وقد اختلف الفقهاء فى تعيينها، ونظراً للخلاف القائم بين العلماء ينبغى للمسلم ألا يتوانى فى طلبها فى الوتر من العشر الأواخر، وقد ورد فضل إحيائها فى أحاديث كثيرة أشهرها قول النبى صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».
«أحكام المرضى»
< المرضى فى رمضان لهم أحكام خاصة، فما حكم أخذ إبر الأنسولين خلال الصوم؟

ـ لا مانع شرعًا من أخذ حقن الأنسولين تحت الجلد أثناء الصيام ويكون الصيام معها صحيحًا لأنها وإن وصلت إلى الجوف فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد ومن ثَمَّ يكون الصوم معها صحيحًا.
< ما حكم تناول المرأة لأدوية تؤخر الحيض لتصوم الشهر كاملاً؟
ـ يجوز للمرأة ذلك ما لم يثبت ضرر ذلك طِبِّيًّا، والأَوْلى والأفضل تركه؛ لأن وقوف المرأة المسلمة مع مراد الله تعالى وخضوعها لما قدَّره الله عليها من الحيض ووجوب الإفطار أثناءه، وقضاءها لِمَا أفطرته بعد ذلك أثْوَب لها وأعظم أجرًا.
< هل الغسيل الكلوى أثناء الصيام يفطر؟
ـ الغسيل الكلوى لا يضر الصيام طالما كان من الأوردة والشرايين؛ وعليه فإن الصوم لا يفسد بالغسيل الكلوي.
< هل وضع قطرة العين تفسد الصيام؟
ـ إن مذهب الإمام مالك أن كل ما دخل من الفم ووصل إلى الحلق، والجوف فإنه يفطر، وعند أبى حنيفة كل ما وصل شيء من الخارج إلى الجوف فهومفسد للصوم حتى الحصاة أوالنواة أوالتراب، ومثل ذلك لووصل إلى جوف الرأس بالإقسطار فى الأذن، ومذهب الشافعى أن الداخل المقطر بالعين الواصلة من الظاهر إلى الباطن فى منفذ إلى البطن لا يفطر.
< ما حكم استعمال بخاخة الربوأثناء الصيام؟
ـ يبطل الصوم باستعمال بخاخة الربوويجب القضاء؛ لأنها توصل الدواء السائل إلى الجوف على هيئة رذاذ له جِرْمٌ عن طريق منفذٍ مفتوح طَبْعًا، وهوالفم، فإن لم يستطع المريض القضاء، وكان المرض مزمنًا فعليه الفدية عن كل يوم إطعام مسكين بما مقداره مدّ من طعام من قوت البلد كالأرز مثلاً، والمُدّ مكيال (حجم) يساوى بالوزن 510 جرامات من القمح، ويجوز إخراج قيمتها ودفعها للمسكين.
< ما حكم وضع النقط فى الأنف أوالأذن أثناء الصيام؟
ـ وضع النقط فى الأنف مُفسِد للصوم إذا وصل الدواء إلى الدماغ، فإذا لم يجاوز الخيشوم فلا قضاء فيه، وكذلك وضع النقط فى الأذن، فمذهب جمهور الفقهاء فيها والأصح عند الشافعية أن الصوم يفسد بالتقطير فى الأذن إذا كان يصل إلى الدماغ، بينما يرى بعض الشافعية أنه لا يُفطِر؛ ذهابًا منهم إلى أنه لا يوجد منفذ منفتح حِسًّا من الأذن إلى الدماغ، وإنما يصله بالمسامِّ كالكحل، فلا مانع من تقليد هذا القول دفعًا للحرج، وإن كان الأول أحوط.
< هل الحقنة الوريدية أوالعضل للعلاج أوللتقوية مبطلة للصوم؟
ـ لا يبطل الصوم بشيء مِمَّا ذكر؛ لأن شرط نقض الصوم أن يصل الداخل إلى الجوف من منفذٍ طبَعى مفتوح ظاهرًا حِسًّا، والمادة التى يحقن بها لا تصل إلى الجوف أصلاً، ولا تدخل من منفذٍ طبَعى مفتوحٍ ظاهرًا حِسًّا، فوصولها إلى الجسم من طريق المسامِّ لا ينقض الصوم.