فى هذا الوقت العصيب الذى تشهده البلاد.. وفى ظل الهجمة الشرسة التى تتعرض لها مصر من الناحية السياحية.. اصبح لزاما علينا التفكير خارج الصندوق.. فكيف نعيد السائح مرة اخرى الى ام الدنيا!.. لقد حبانا الله بمواقع اثرية وسياحية فريدة متواجدة داخل مصر.. ونحن لا نعرف قيمتها.. بل ننساها احيانا!.. اذا دخلت هذه المواقع بؤرة اهتمامنا سينعكس بالطبع على الجذب السياحي.. من ضمن هذه المواقع واحة سيوة.. اشهر محمية طبيعية فى أرض الكنانة.. المياه وأشجار النخيل والجبال والوجوة الحسنة.. كل مقومات الجذب السياحى داخل تلك الواحة التى تعد المكان الاول فى العالم للاستشفاء الطبيعي.. ولكن للاسف «الحلو ميكملش»! الجانب الترويجى والتسويقى للواحة ضئيل للغاية.. وهو ما رصدناه.. كما ان السلبيات تنافس الاماكن السياحية بالواحة.. «الأخبار» قضت ٣٦ ساعة داخل واحة سيوة لرصد اهم المعالم السياحية داخل الكنز المفقود وهو واحة سيوة.
على بعد ٨٥٠ كيلو مترا.. تقع واحة الأجداد.. واحة الفراعنة والرومان.. واحة فى بطن الساحل الغربى لجمهورية مصر العربية وتبعد عن ليبيا ٤٠ كيلو مترا.. انها واحة سيوة.. او ان صح التعبير «محمية سيوة الطبيعية».
بعد انتهاء طريق «القاهرة - مرسى مطروح» تسلل طريق منبثق وهو طريق «مرسى مطروح - سيوة» يبلغ طوله ٣٠٦ كيلو مترات.. على جانبى هذا الطريق تقع الصحراء الغربية.. على مرمى البصر تشاهد رمالا صفراء لا تنتهى.. تشاهد كثبانا رملية تلازمك طول الطريق.. ليس هذا فحسب، ولكن يلازمك ايضا «السراب» تعتقد طوال الرحلة بأن هناك مياها على الطريق تطل من بعيد.. وعندما تقترب تكتشف انها وهم وانه لا توجد نهاية مياه.. انه «السراب» الذى تحدث عنه القرآن فى الآية الكريمة التى تقول «يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجسده شيئا» صدق الله العظيم.
«علامات تحذير»
أول ٧٠ كيلو فى طريق «مرسى مطروح ـ سيوة» غير ممهدة على الإطلاق، فالحفر والنتوءات والمطبات تسيطر على الطريق فضلا عن تواجد علامات تحذير فى قلب الطريق على الاسفلت تشير الى تواجد حفرة كبيرة خلف اللوحة التحذيرية، وعلى السائقين وعابرى الطريق ان يفادوها.
عدة نقاط امنية تنتشر بطول الطريق للتفتيش او السؤال عن الهوية.. اخيرا وبعد ٩ ساعات من خروجنا من محافظة القاهرة نصل الى المدينة السياحية «سيوة».
الشمس تميل الى الغروب، والحركة داخل المدينة توحى بانتهاء اليوم.. الفلاحون يعودون من مزارع النخيل والزيتون الى بيوتهم.. اصحاب الحرف الصغيرة بدأوا فى تجهيز ادوات العمل لليوم الثاني.. محلات البقالة لاتزال ابوابها مفتوحة.. افران العيش «الافرنجي» تخبز وتبيع للمواطنين.. «البنك الأهلي» يستقبلك عند مدخل الواحة.. البنك يتكون من دور واحد على شكل البيت السيوى الذى تزينه افرع اشجار النخيل.. الحياة بدائية وبسيطة للغاية داخل الواحة.
هرولنا الى الفندق الذى سنقيم فيه بعد مشقة سفر، وسرعان ما وضعنا امتعتنا ثم خرجنا مرة اخرى للواحة لاستكشاف الطبيعة فى مهدها.. لرؤية الآثار والمعالم السياحية فى ابهى صورها.. لمشاهدة جزء من التاريخ المصرى القديم والتاريخ الرومانى واليوناني.. للوقوف على تفاصيل محمية طبيعية زارها الامير تشارلز ولى العهد البريطانى عام ٢٠٠٨.
يبدو ان شوقنا ولهفتنا للوقوف على ملامح المدينة سيستمران حتى صباح الغد.. فقد حل المساء واسدل الليل ستاره على سيوة.. لنعود مرة اخرى الى الفندق لنيل قسط من الراحة يعقبها رحلة عمل داخل البقعة السياحية «سيوة» وخلال عودتنا كانت المفاجأة.
وقعت اعيننا على بعض المظاهر التى لم نتوقع مشاهدتها داخل المدينة السياحية.. فشوارع المدينة او الواحة اشبه بـ «سيرك» للكائن المسمى بالتروسيكل.. فضلا عن انتشار «الكارو» كوسيلة مواصلات وتنقل داخل الواحة بالاضافة الى تعرض عدد من الطرق للكسر.
«إحباط ويأس»
ذهبنا للفندق وحالة من الاحباط واليأس تسيطر علينا بسبب ما شاهدناه فى الواحة السياحية وفى المساء.. فما بالك بالصباح؟ وبدأت الاسئلة تتوالى فى عقولنا.. اين الاجهزة المحلية لمحافظة مطروح من هذه المشاهد التى تسىء للواحة!.
واذا كانت وزارة السياحة تتحدث عن برامج لتطوير الجانب السياحي، فلماذا لا تهتم بتطوير مدينة سيوة احد اهم المدن السياحية فى جمهورية مصر العربية والعمل على اختفاء هذه المشاهد!
خلدنا للنوم على امل رؤية ما يسر خاطرنا فى الصباح ويمحو الصورة السلبية التى تكونت فى مخيلتنا، وبعد عدة ساعات استيقظنا من النوم وكانت وجهتنا الى الوحدة المحلية لواحة سيوة.
«العجب العجاب»
كان فى انتظارنا محمد عمران مدير العلاقات العامة بالوحدة المحلية لواحة سيوة.. اصطحبنا الرجل فى جولة شملت اهم المعالم السياحية والاثرية بالواحة لنرى العجب العجاب.. لنرى معانى الجمال والرونق والبيئة الزاهدة.. لنرى تراثا سيظل شاهدا على روعة تاريخنا القديم.. لنرى بيئة تعتمد فى جاذبيتها على الطبيعة والفطرة والحياة البسيطة.