هل تخيل أحدنا يوما أن الكهرباء يمكن أن تنتقل عبر الهواء بدون استخدام الأسلاك؟ وهل جربت مرة معاناة أن ينفد شحن هاتفك أو حاسوبك فى مكان لا يتوافر به مصدر للكهرباء؟ هذا ما عمل المهندس محمد أحمد حسن عبده المدرس المساعد بقسم الهندسة الكهربية شعبة قوى بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية على إيجاد حل له من خلال ابتكار بنقل الكهرباء لاسلكيا وبدون أسلاك، فيمكنك شحن هاتفك أو حاسوبك فى أى مكان وبدون الحاجة الى حمل الشاحن أو الحاجة الدائمة لوجود مصدر للكهرباء.

تخرج المهندس محمد فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام 2011 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وحصل على درجة الماجستير فى الهندسة الكهربية عام 2015. ونجح فى الوصول إلى هذا البحث الهام فى مجال الكهرباء الذى نتعرف على تفاصيله فى الحوار التالى..

كيف كانت بداية الفكرة؟ وما الخطوات التى اتخذتها لتحويل الحلم إلى حقيقة؟

أثناء دراستى فى السنة الثالثة فى الكلية كنت اعمل على مشروع وبدأت أفكر فى كيفية نقل الطاقة الكهربية فى الهواء دون استخدام أسلاك أو بمعنى آخر لاسلكيا وكنت ادرك من خلال دراستى انه من الصعب تحقيق هذا الحلم ولكن بدأت بتجارب عملية لتحقيق هذا الحلم العديد من المرات ولكنها فشلت، ولكن وقتها تيقنت ان هذا الفشل لابد له من تحليل هندسى فداومت فى البحث فى السنة الرابعة واستمر البحث والتجارب دون جدوى حتى تخرجت في الكلية. لم اجعل اليأس يتملكنى ولكننى اصررت على هذا الحلم وقررت تكملة دراستى فى هذا المجال وتقدمت بالتسجيل لدرجة الماجستير وحددت نقطة البحث فى هذا المجال متحديا كل الصعوبات وظننت اننى كباحث سأجد فى رحلة بحثى حلولا ولكننى اكتشفت عقبات أكثر فحينما كنت أحاول الاستعانة بالأساتذة ممن اعرفهم فى علم الهندسة الكهربية سواء كانوا ممن درسوا لى او ممن اعمل معهم فكنت استخلص منهم ان بعض اسئلتى ليس لها اجابة او انه لا يمكن الجواب على اسئلة تتعلق بعلم لم يتم دراسته او تدريسه فى جامعاتنا المصرية ونصحنى بعضهم بتغيير نقطة البحث حفاظا على الوقت.

إصرار

وما الذى جعلك تستمر فى هذا البحث؟

كان عندى إصرار على ان أكون أول باحث فى هذا المجال مما جعلنى متحمسا اكثر لاننى اجتهد فى مجال جديد لا يعرف عنه الكثيرون من المتخصصين فى مجالى. بدأت رحلة طويلة من البحث والتجارب العملية التى كانت صعوبتها فى شقين أساسيين أولهما عدم توافر الإمكانيات المعملية والمادية اللازمة للدخول الى هذا العالم الجديد وهذه التكنولوجيا الغامضة والاخر هو عدم توافر خبرة بشرية تعاملت فى هذا المجال من قبل.

إضافة إلى إحباط الكثيرين فى مجال تخصصى لى حتى وان كان بشكل غير مباشر إلا اننى واستمررت فى البحث والتجارب بطريقة جديدة استمرت لمدة حوالى خمس سنوات وبالفعل نجحت بأول تجربة عملية لشحن الموبايل لاسلكيا فى فجر احد أيام رمضان ومن بعدها فتح الله على كثيرا وبفضل الله استمرت التجارب حتى استطعت ان أطور النماذج العملية المختلفة التى من أمثلتها إضاءة لمبات موفرة عن بعد لاسلكيا بدون استخدام أسلاك. وحصلت على درجة الماجستير عن هذا البحث واستعد حاليا لمناقشة رسالة الدكتوراة.

حدثنا عن فكرة بحثك لنقل الكهرباء لاسلكيا ومميزاتها؟

الاختراع ببساطة يعتمد على فكرة نقل الكهرباء لاسلكيا وهي إحدى أنواع التكنولوجيا المستقبلية التى يُلقى عليها الضوء من خلال نقل الطاقة أو الكهرباء فى الهواء بدون استخدام الأسلاك. والمميزات المرجوة منها تتمثل فى توفير الأمان والتقليل من ملحقات الاجهزة الكهربية "الشواحن والبطاريات".

هذه التكنولوجيا يتكون نظامها من مرسل ومستقبل كل منهما يحتوي على دوائرالكترونية، ويتم نقل الطاقة الكهربية لاسلكيا من مصدر القدرة الكهربية إلى الحمل الكهربى دون وجود اسلاك وهذا يجعل الحمل الكهربى معزولا تماما عن المصدر الكهربى مما يحافظ عليه من حالات القصر الكهربى لضمان وقاية افضل للحماية من الحرائق فى الأحمال السكنية، ويمكن استخدام هذه الطريقة فى الأماكن التى يصعب وصول الطاقة الكهربية إليها باستخدام الأسلاك مثل العمليات الجراحية فى المجال الطبي، وحيث إن استخدام هذه الفكرة سيقدم حلا لمشكلة شحن الأجهزة البيولوجية التى يتم زراعتها داخل جسم الإنسان مثل جهاز ضبط نبضات القلب أو مضخة الأنسولين لمرضى السكرى خاصة الأطفال والمزودة ببطاريات متقدمة من نوعية أيونات الليثيوم لتزويدها بالطاقة اللازمة وعند انتهاء شحنة البطارية يتطلب الأمر تغييرها بإجراء جراحة بسيطة. ولكن باستخدام الشحن بالطاقة لاسلكياً يمكن شحن البطارية بدون إجراء جراحة.

وبالفعل تم تطبيق هذه الفكرة لشحن موبايل لمجرد إثبات إمكانية تحقيق هذه الفكرة وكذلك تطبيق الفكرة من خلال إضاءة لمبة موفرة عن بعد. فهذه الطريقة تضمن سهولة أكبر فى التعامل مع أجهزة الموبايل فى حالات يصعب توصيل الشاحن بالموبايل مباشرة بالكهرباء. ويهدف المشروع إلى تحويل النظريات المتعلقة به إلى ارض الواقع، ومحاولة الاستفادة منه من خلال إيجاد تطبيقات تلائم احتياجات المستخدمين ورغباتهم، وهى على وجه الخصوص كمرحلة أولية شحن الهاتف النقال والحاسوب المحمول.

شحن الموبايل

ما المسابقات التى شاركت فيها والجوائز التى حصلت عليها؟

بمجرد ظهور نتائج أول تجربة عملية لشحن الموبايل لاسلكيا تمت خطوات كتابة اول بحث علمى فى هذا المجال الجديد تحت إشراف الأستاذ الدكتور عمرو محمد عثمان الزواوى المشرف على رسالة الماجستير. ولقد ساعدنى كثيرا بعلمه وكان مشجعا لى أثناء مراحل البحث والتطبيق وحينما تمت الموافقة على هذا البحث من قبل مؤتمر بالولايات المتحدة الأمريكية، وكنت لا أستطيع السفر فسافر الدكتور عمرو وتم عرض البحث فى المؤتمر ولقى قبولا واعجابا واندهاشا لوجود بحث مصرى فى هذا الموضوع وكان الاندهاش قائما على عدم تصور توصل البحث الى تكنولوجيا جديدة بدون وجود امكانيات او جهات مساندة فى البحث.

كما شاركت فى العديد من المعارض والمسابقات وايضا المؤتمرات العلمية كان اولها مشاركتى فى معرض القاهرة الدولى الاول للابتكار والذى تم تحت اشراف أكاديمية البحث العلمى واستطعت بفضل الله ان انير لمبات امام جمهور الحضور دون توصيلها بالكهرباء والذى اندهش له الحضور انى كنت امسك اللمبات بيدى دون ان اصعق كما ان بعض الحضور اراد التأكد بنفسه فأنار بنفسه اللمبات لاسلكيا دون ان يصعق. وكان من اهم ما حدث وقتها ان رئيس اكاديمية البحث العلمى د. محمود صقر ناقشنى فى هذا الابتكار.

هل حصلت على براءة اختراع عن هذا الابتكار المدهش؟

تم تقييم ابتكارى كبراءة اختراع من قبل اكاديمية البحث العلمى وتم تصنيفى من افضل 10 مبتكرين فى مصر عام 2014 وذلك من خلال جمعية نهضة المحروسة التى ساهمت فى تدريبى وتعليمى خطوات كثيرة من اجل تحويل الابتكار الى قيمة حقيقية لخدمة المجتمع وتم اختيارى للمشاركة فى برنامج تليفزيونى بعنوان القاهرة تبتكر من خلال اكاديمية البحث العلمى لعرض الفكرة على المشاهدين فى كل انحاء مصر ولكن الحصول على براءة الاختراع يستغرق عدة سنوات.

صعوبات

ما الصعوبات التى تواجهك كباحث فى مجال علمى جديد؟

العديد من الصعوبات من أهمها عدم توافر الامكانيات المعملية والمادية والمكونات الالكترونية المتطلب استيرادها من الخارج وعدم توافر خبرة بشرية تعاملت فى هذا المجال من قبل. أما اكبر تحد فهو ثقافة المجتمع الذى اعتمد على عدم تقبل الجديد الا من خلال تطبيق عملى ولذلك قمت بتجهيز نماذج عديدة للمجتمع مطبقة على ارض الواقع للوصول الى تحقيق متطلباتهم فى استخدام هذه التكنولوجيا الجديدة.

ما طموحاتك التى تسعى لتحقيقها مستقبلا؟

أحلم بان اكون رائد اعمال فى هذا المجال يربط بين البحث العلمى المتطور والسوق من خلال صناعة جديدة تكون احد الاعمدة الاساسية لاعادة انعاش الاقتصاد المصرى من خلال المنافسة بهذا المجال فى السوق العالمى كما احلم بان اقدم خلال رحلتى نموذجا لتطوير المجتمع والمساهمة فى رقيه ونمائه. واود ان اوجه رسالة الى كل رجال الاعمال والجهات البحثية والجامعات للتعاون معى من اجل تحقيق هذا الحلم على هذه الارض للربط بين التطوير البحثى والتطبيق العملى من اجل ازدهار السوق المصرى وتقدم مصر على طريق التكنولوجيا.