تؤمن أن المشروعات الاقتصادية الضخمة التى تقدمها الدولة حاليا تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي تؤدي إلى قفزة حقيقية في مجال التنمية الاجتماعية وتلعب دورًا حقيقيًا في إعادة التوزيع الجغرافي للسكان، وحل جانب كبير من مشكلات المجتمع عامة والشباب بصفة خاصة، وأن كل ذلك سيؤدي في النهاية إلى تحسين الخصائص السكانية للمجتمع المصرى، وهو الهدف الذي نحلم به منذ عقود طويلة والذي تهدف إليه الاستراتيجية القومية للسكان.

هذه الرؤية هي أهم ما أكدته د. هالة يوسف وزيرة السكان السابقة وعضو المجلس الرئاسي للتنمية المجتمعية في حواري معها، حول تأثير المشروعات الاقتصادية الضخمة التي تتم حاليا على معدلات التنمية الاجتماعية.

في البداية سألتها.. من خبراتك السابقة كوزيرة للسكان كيف تحكمين على مؤشرات التنمية الحالية؟

لا يمكن أن ينكر أحد وجود طفرة ضخمة في المشروعات الاقتصادية الكبرى التى يتم سباق الزمن في انجازها بمتابعة دقيقة ومستمرة من الرئيس نفسه، والواقع يؤكد ان المشروعات الاقتصادية التي تتم حاليا ستؤدي قطعًا إلى تنمية اجتماعية وتحسين للخصائص السكانية، وهذه ليست توقعات بل حقائق قائمة على مؤشرات علمية،لأن كل هذه المشروعات تتم برؤية مختلفة عما كان يحدث من قبل.

فكر مختلف

كيف؟

إذا تحدثنا مثلا عن المجتمعات الجديدة التى يتم بناؤها وبذل جهود ضخمة فيها في توفير البنية الاساسية المتكاملة على مساحات متفرقة مثل الفرافرة وسيناء والمثلث الذهبى، فاننا نرى أن الفكر الذي يتم به انشاء هذه المجتمعات يختلف عما كان يتم من 30 سنة، فخلال الثلاثين عاما الماضية كان العمل والتركيز على توسيع العمران والرقعة السكانية، وليس على اعادة توزيع السكان، فكنا نطالب السكان بالانتقال الى مناطق جديدة غير متكاملة الخدمات، مما يجعلها غير جاذبة للشباب او لغيرهم، وهو ما ادى الى الفشل في اعادة توزيع السكان او جذبهم بعيدا عن المناطق المكدسة، اما الآن فيتم انشاء مجتمعات عمرانية متكاملة بكل خدماتها، وهو ما يجعل انتقال البشر اسهل كثيرا،وكل ما ينقصنا الآن هو تنمية موازية في الجانب البشرى، بحيث يغير الناس والشباب افكارهم، ويسعون لمبادرة الانتقال لهذه المجتمعات، والبحث عن فرص بها، وكل ذلك سيؤدى الى اعادة التوزيع الجغرافي للسكان، ليصب في النهاية في تحقيق ونجاح الاستراتيجية القومية للسكان.

أهم الضمانات

وما الضمانات التى يمكن تقديمها للسكان للانتقال الى هذه المناطق ؟

أهم ضمان أن كل هذه المشروعات قامت على تخطيط علمى مدروس، ودراسات علمية دقيقة، فمثلا مشروع مثلث التنمية في صعيد مصر أعدت دراساته جهات علمية مثل الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، وهو أول مشروع استراتيجى يتبنى استخراج وتصنيع الخامات المعدنية بمصر بهدف تنمية منطقة صعيد مصر، ويتضمن إقامة مشروعات صناعية وتعدينية وسياحية وتجارية لتحقيق التنمية في جنوب مصر.

تخطيط علمي

ايضا مشروع الفرافرة الذي يستهدف 1.5 ملايين فدان تمت دراسته على أيدى خبراء في الزراعة والرى لدراسة التربة والمياه واختبار افضل الزراعات، وأعلن الرئيس توفير جميع الامكانيات لزيادة انتاجية الاراضى، وانه سيوفر جميع الخدمات المطلوبة لسكان القرى قبل انتقالهم اليها، وهذه الرؤية هى الضمان الحقيقى لجدية الفرص المتاحة، وهى ضمانات يجب ان يقرأها المواطن بعين الدراسة ليفكر كيف يستفيد منها. وهناك ايضا مشروع مصنع موبكو بدمياط، والذي يعد أحد المشروعات المهمة التى ستساهم في إنجاح مشروع المليون ونصف فدان، وهو مشروع استخدمت في تنفيذه احدث التقنيات العالمية والتكنولوجيا الحديثة مما يضمن سلامة البيئة كما أنه سيوفر فرص عمل كثيرة للشباب.

بحث ميداني

قمت بإعداد بحث ميداني عن الشباب، فماذا كانت أهم مطالبهم، وإلى أي مدى تجاوبت الدولة مع هذه المطالب خاصة بعد إعلان الرئيس عام 2016 عاما للشباب؟

مبدئيا يجب أن نعلم أن الشباب في مصر "من 18 الى35" يمثلون نسبة كبيرة تصل الى اكثر من 30%، واستثمار هذه القوة يحقق الكثير لمصر، ومن خلال البحث الذي قام به مركز البحوث الجنائية والاجتماعية بتكليف من المجلس القومى للسكان منذ عام تقريبا، استطلعنا اراء الشباب حول احتياجاتهم، وانحصرت طلباتهم في متطلبات الحياة الاساسية من مسكن لائق وعمل مناسب ودخل جيد حتى يتمكنوا من تكوين أسر،كما طالبوا ايضا بعمل حوار مع مؤسسات الدولة والقائمين عليها لتمكينهم من المشاركة.

والذي نراه جميعا أن الدولة بالفعل منذ بداية العام تبذل جهودا كبيرة وتقدم مشروعات ضخمة للشباب، ففي مجال الاسكان هناك مشروعات ضخمة للاسكان الاجتماعى للشباب، وفي مجال العمل هناك 200 مليار جنيه قروض للشباب بفائدة 5%، وأيضا هناك أراض مستصلحة تقدم حاليا للشباب،ومن أهم المباردات أيضا البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب الذي يستهدف تدريب الشباب "من بعد التخرج حتى 30 عاما" على مهارات القيادة، والذي بدأ عمله بالفعل،وفي مجال الحوار مع الشباب واتاحة الفرص أمامه للمشاركة،نجد هناك مبادرات للحوار مع الشباب في المحافظات، وهناك قيادات شابة يتم اختيارها في المؤسسات المختلفة، كما ان الرئيس طلب رسميا من الشباب المشاركة في انتخابات المحليات القادمة.

مسؤولية الشباب

لماذا لا تستوعب هذه المشروعات الضخمة نسبة كبيرة من الشباب؟

الحقيقة أن جهود الدولة لابد أن يقابلها جهود من الشباب ايضا لتطوير فكره وتطوير مهاراته، فمثلا لاحظنا في مجال قروض الشباب، أن الشباب سيحتاج الى تنمية مهارات التعبير وكتابة وتقديم المشروعات التى يرغب فيها ، وتنقصه مهارات التسويق، وأتصور ان الشباب يجب أن يسعوا لاكتساب هذه المهارات مبكرا من خلال الحرص على التعلم والتدريب، حتى لو كان من خلال التطوع في عمل بغرض التدريب واكتساب الخبرة، لكن ما أحب التأكيد عليه انه من خلال الحوار مع الشباب وتقييمهم للبرنامج الرئاسى، أكدوا انهم يشعرون بتحرك الدولة لدعمهم، ولديهم امل كبير في نتائج .

هناك أراض مستصلحة ومنتجة تقدم حاليا للشباب، وهى ايضا فرصة رائعة لكنها تحتاج تدريبا من الشباب حتى يحسن استغلالها،وهناك بالفعل هيئات تدرب الشباب على الزراعة،فكل الجهود والمشروعات التى تقدمها الدولة لا بد أن يقابلها جهودا من الطرف الآخر، من الشباب نفسه.

التعليم والقدرات

ماذا يستطيع الشباب تقديمه في ظل التدهور الكبير في مستوى التعليم؟

نريد أن نفصل بين التعليم وبين القدرات او مهارات سوق العملـ فمشاكل التعليم تسعى الدولة حاليا لعلاجها ببرامج قصيرة وطويلة الاجل، ولحين ظهور ثمار هذا التطوير،فان الدولة تتحرك حاليا على محور مواز يتعامل مع ناتج واقعى، ويقوم على دعم القدرات،من خلال برامج التدريب وتنمية المهارات التى تلبى احتياجات سوق العمل، وقد بدأت الدولة بالفعل تطبيق هذه الرؤية من خلال مشروعات عديدة، مثل مشروعات تطويرالتعليم الفني، وبرنامج الرئيس للتأهيل وإعداد القيادات، وبرامج التدريب المختلفة في العديد من الوزارات.

كما أن هناك المجلس الرئاسى للتنمية المجتمعية التابع للرئاسة والمعنى - من بين اهتماماته- بتنمية الشباب، ومن خلال هذا المجلس التطوعي نقوم بدراسة أفكار الشباب ووضع التوصيات، ونرفع ما نراه مناسبا للرئيس، ورغم كل هذه الجهود يبقى الدور الأكبر على الشباب في تغيير افكاره والاقبال على التدريب، والأسف لا يزال معظم الشباب يفكرون بالصورة التقليدية، وينتظرون الوظيفة الجاهزة بعد التخرج، لكنهم يصابوا بالإحباط حينما يصطدمون بالواقع ويكتشفون أن متطلبات سوق العمل مختلفة،والمطلوب من الشباب ان يغير رؤيته في انتظار الوظيفة بعد الجامعة ، وأن يسعى مبكرا لتنمية مهاراته بالتدريب المستمر والانشطة التطوعية، حتى يؤهل نفسه لسوق العمل.