الإمساك بموظف المطبعة السرية بوزارة التربية والتعليم، المتهم بالتورط في تسريب امتحانات الثانوية العامة، ونشرها وتوزيعها مقابل المال بمعاونة ومشاركة بعض أفراد أسرته وأقاربه،..، لا يعني علي الاطلاق انتهاء أزمة أو قضية الغش، التي تفجرت في الآونة الأخيرة وبلغت ذروتها الفجة في امتحانات هذا العام.
ورغم الجهود الكبيرة والناجحة التي قامت بها الأجهزة الأمنية المعنية في وزارة الداخلية، بقطاع الأمن العام ومباحث الانترنت، والتي أدت إلي سقوط المتهم وباقي شركائه في يد العدالة،...، إلا أن ذلك يعني فقط نجاح الشق الأمني في عمله، ولكن بقي الشق الاجتماعي في هذه القضية، وهو الأكثر خطورة بالتأكيد حيث انه جوهر القضية وأساسها.
وفي هذا الشق قيل ومازال يقال كلام كثير، وثار ولايزال يثار جدل كبير وترددت ومازالت تتردد آراء متعددة، كلها ترفض وتستنكر الظاهرة وتشرح أسبابها ودوافعها، وتحذر من أخطارها وتأثيراتها السلبية، وآثارها المدمرة علي المجتمع والدولة بأكملها.
ومحصلة ذلك كله تؤكد أن هذه الظاهرة هي إفراز طبيعي للأزمة المجتمعية الخانقة، التي غاصت فيها مصر منذ سنوات، وانها ليست أزمة منفردة قائمة بذاتها، ومنفصلة عن بقية الأوضاع والمتغيرات الاجتماعية والأخلاقية السلبية، التي طرأت علي الناس في بر مصر في الآونة الأخيرة وتسببت في خلل جسيم لمنظومة القيم المصرية الأصيلة.
ولم يعد خافيا علي الإطلاق، ان الغش هو في حقيقته وجوهره، صورة مباشرة وواضحة من صور الفساد المجتمعي وتعبير صريح عن غيبة الضمير لدي مجموعة من البشر، وإعلان فاضح عن الخلل الذي أصاب قيمنا الأخلاقية والاجتماعية والدينية أيضا،...، وانه يجب ان يعالج في إطار خطة مجتمعية شاملة فكرية وثقافية ودينية وتربوية وتعليمية أيضا، يشارك فيها المجتمع كله بجميع آلياته وطوائفه ومؤسساته،...، والأسرة قبل الجميع.