ذهبت إلى مسرح الجمهورية العريق منذ أسبوع لأشاهد مسرحية « بس انت مش شامم «. شجعنى أن بطلها الفنان الجميل فتحى عبد الوهاب الذى هو على المسرح طاقة رائعة وأداء مذهل لا أنساه منذ رأيت له هاملت على المسرح القومى منذ سنوات. ووجود عدد من الأسماء الجديدة بعضها أعرف عنه شيئا وبعضها جديد بالنسبة لى. فضلا عن المخرجة المجددة عبير لطفى وأشعار حسام حداد وألحان أحمد على الحجار وتأليف أحمد صبحى وأحمد دياب اللذين قدما أصواتا درامية متعاشقة دائما جسدها الجميع بروعة فى توافقها أو تضادها ، وديكور نهى نبيل واستعراضات مصطفى حجاج. والكل كما هو واضح شباب حول الفنان الكبير فتحى عبد الوهاب الذى لا تخفت طاقته الشبابية. ثلاث مراحل مرّ بها الوطن منذ معاهدة السلام أيام السادات. بالضبط منذ زيارة القدس. لقد أنهينا الحرب إذن فماذا فعلنا بالسلام ؟ هذا سؤالى وسؤال المسرحية البعيد الذى تجسد فى ثلاث مراحل من الزمن. الأولى كيف بدأ الهجوم على المكتبات- الثقافة من فضلك - لتتحول إلى بوتيكات. سياسة الانفتاح الاقتصادى. وصاحب المكتبة هنا هو فتحى عبد الوهاب الذى يؤدى دورالرجل العجوز بإعجاز باهر وبداية الفساد على الناحية الأخرى من المسرح فى حوار وضع الأصدقاء الثلاثة محمد سعد الضابط الذى نفذ بعمله ومهنته من الفقر والحاجة إلى السفر إلى الخليج فى الوقت الذى بدأت البطالة يمثلها صديق آخر والنزوح إلى الخليج كحل للأزمات وموت قصص الحب أمام المال. لقد بدأت الدنيا تضيق على من لا يرحل أو لايجد له طريقا إلى الواسطة والمحسوبية. وحصار المكتبة من قبل السلفيين الوهابيين الذين يلقون بكتب المفكرين الأحرار من طه حسين إلى نوال السعداوى ويريدون المكتبة فقط للكتب المتخلفة فى تفسير الدين ثم تأتى المرحلة الثانية فيظهر فتحى عبد الوهاب شابا وصاحب محل للتحف والأنتيكات ، وجه آخر للثقافة الحقيقية. وهنا يدخل عنصر جديد صاحب محل شرائط الفيديو. يقوم بدوره محمد سعد الذى قام بدور الضابط من قبل. هنا يستطيع محمد سعد إغراء المتدينين المتشددين بالمخدرات ويقوم بدور العصفورة للبوليس مرشدا بالكذب على صاحب محل التحف وينتهى هذا الجزء بالبوليس والسلفيين معا ضد صاحب محل الانتيكات. هنا دخلت الدولة على الخط وبرفق دون زعيق مع السلفيين ضد الفنون والفكر الحر. ثم يأتى التطور الأخير ويظهر التعاون مع المال الذى اتسع وعضو مجلس الشعب وشكل جديد من الدعاة بملابس عصرية. الجميع ضد فتحى عبد الوهاب الذى صار مصورا شابا والنشطاء الذين يريدون لفت انتباه المسئولين إلى البلاعة التى لا يراها أحد ولا يشم أحد رائحتها فماهى البلاعة ؟. سأقول أولا أنه كما قام فتحى عبد الوهاب بثلاثة أدوار رائعة قام بقية الشباب والفتيات ببراعة تتفاوت فى جمالها ولكثرة الأسماء سأكتفى بالقليل مثل محمد الأباصيرى ومحمود عبد الرازق وأحمد سعد عوض وجهاد أبو العينين ومصطفى حمزة وحنان عادل ورباب طارق وأحمد سعد عوض. كل الأحداث تجرى وبين المكان وصورة فى الخلف ترمز إلى جامع توجد بلاعة يسقط فيها من يعبر وتتسع مع الزمن والأحداث وطريقها الهامس هو الوصول إلى الجامع بالصورة ، وطريقها الحقيقى هو الدعوة المغالية والإرهابية للدين من قبل تجار الدين. لا أحد يرى البلاعة من السلطة ولا مجلس الشعب وطبعا ولا المتاجرين بالدين. بل هؤلاء الثلاثة أصل البلاعة فهم متحدون معا دون كلمة تعبر عن ذلك لكنها المواقف المتجددة مع الزمان والمكان للجميع. هل عرفتم معنى بس أنت مش شامم ؟ صانعو البلاعة لن يشموا بل يستمتعون بالعفن وعلى الجمهور أن يشم !!