لم توافق الحكومة وكذلك كافة الجهات المعنية بالاتصالات، علي طلب وزير التربية والتعليم بحجب أو حظر مؤقت لمواقع التواصل الاجتماعي، خلال فترة امتحانات الثانوية العامة، منعا لاستخدامها في محاولات الغش التي أصبحت ظاهرة منتشرة هذا العام.
وقيل أن سبب الرفض أو عدم الموافقة ترجع في أساسها إلي أن ذلك المنع أو الحجب مخالف للدستور والقانون، وذلك نظرا لتعارضه مع الحريات العامة، بالإضافة إلي مساسه بحرية الرأي وحرية اتاحة المعلومات.
ونحن بالقطع نؤيد بكل قوة احترام الدستور والقانون، وندعو لذلك باستمرار،..، ولكن ذلك لا يجب ان يكون مبررا للعجز عن السيطرة علي تلك الظاهرة الفجة التي طفحت علي السطح وابتلينا بها هذه الأيام، والمتمثلة في الغش الإليكتروني وتسريب الامتحانات ونشر الإجابات علي صفحات التواصل الاجتماعي.
وهذه السيطرة ليست مسئولية وزارة التربية والتعليم وحدها، بل هي مسئولية الحكومة كلها، بالإضافة لكونها مسئولية المجتمع كله، الذي يجب ان يتصدي بكل طوائفه وهيئاته ومؤسساته المدنية قبل الرسمية لهذه الظاهرة، التي هي في حقيقتها وجوهرها افراز ونتيجة لمرض اجتماعي وأزمة مجتمعية.
وفي ذلك علينا الاعتراف بأن ظاهرة الغش في الامتحانات هي نتاج طبيعي لأزمة مجتمعية خانقة، غاصت فيها مصر وابتليت بها منذ سنوات، وانها صورة من صور الفساد المجتمعي، وتعبير واضح وصريح عما أصاب قيمنا الأخلاقية والاجتماعية والدينية من متغيرات سلبية وأضرار جسيمة في الآونة الأخيرة.
من هنا فإن العلاج والمواجهة تحتاج إلي جهد كبير تشارك فيه كل القوي الفكرية والثقافية المستنيرة والفاعلة في المجتمع، وكل المؤسسات والهيئات الاجتماعية والسياسية والدينية، وأن يكون للأسرة دور كبير ومؤثر، بالمشاركة مع دور المدرسة الذي يجب ان تنهض فيها بدورها التربوي،..، علي ان يتوازي ذلك مع تطوير التعليم وتعديل نظم الامتحانات،...، ولكن هذا يحتاج إلي وقت ليس بالقصير.
«وللحديث بقية»