علي ضوء متابعتنا لأخبار السرقات التي تمت هذا الأسبوع في بعض مراكز محافظة القليوبية من خلال التلاعب في تسليم كميات القمح الذي سيتم استخدامه لصناعة رغيف الخبز.. لصوامع التموين فإنه ومع ظهور هذه «المافيا» الجديدة لسرقة المال العام لا يسعنا سوي أن نقول هو احنا حنلاقيها منين والا منين؟!
هذه السرقات التي بلغت قيمتها عشرات الملايين من الجنيهات شارك في تدبيرها وتسهيلها ممثلو كل الهيئات والاجهزة المسئولة عن رقابة هذه العمليات.. ما حدث يعني وصول مسلسل الفساد والاستيلاء علي الأموال العامة إلي الأنشطة التي تمارسها وزارة التموين.
إن ما تم اكتشافه من سرقات حتي الآن يعني ضياع كل ما أعلن بشأن ما قامت وزارة التموين بتوفيره من خلال تطبيق الأنظمة التي وضعتها لتوزيع الخبز ومواد البطاقة التموينية. الاعلان عن هذه الوقائع التي كان لاجهزة الأمن الفضل في ضبطها.. أدي إلي تصاعد احساسنا بالصدمة لترتفع أصواتنا مرددة يا فرحة ما تمت، هذه العبارة تجسد خيبة أملنا في تصاعد إشاداتنا وشهادات التقدير التي كانت من نصيب أداء ونجاح هذه الوزارة دونا عن الكثير من الوزارات الأخري.
من المؤكد أن هذه المجموعة التي استهدفت اختلاس الأموال التي خصصتها الدولة لتوفير شراء ما يحتاجه قوت الشعب من قمح قد جعلت الفاسدين في وزارة الزراعة التي تجري محاكمتهم أمام القضاء يتبادلون التعليقات التي تقول مفيش حد أحسن من حد.
من ناحية أخري فلا جدال انه يحسب لاجهزة الأمن نجاحها في كشف ملابسات هذا الفساد الذي يعكس غياب الضمير والقيم والمبادئ وانعدام الشرف وسيطرة أطماع الحصول علي ما هو غير مشروع. هذه السلوكيات الاجرامية من جانب موظفين ينتمون للاجهزة الإدارية الحكومية تؤكد ان هناك خللا اخلاقيا يعاني منه المجتمع لابد من وسيلة لمواجهته وتصويبه.
إن ما نحتاجه بالإضافة إلي تكليف مركز البحوث الجنائية ببحث ودراسة كل ما يحيط بتفاقم هذه الظاهرة في بعض الاجهزة الحكومية علي مستوي الصغار والكبار.. هو ان يكون هناك عقاب رادع يجعل هؤلاء الفاسدين يفكرون مرة ومرتين قبل اقدامهم علي الجنوح إلي الانحراف. يجب ان تشمل مواجهة الدولة لسلوكيات اخلال بعض موظفيها بأمانة مسئوليتهم نحو وطنهم ونحو أنفسهم وذويهم بأن تكون هناك سرعة من جانب القضاء للفصل في هذه الاتهامات بما يؤدي إلي إرهاب الفاسدين.
من المؤكد أن الثقة التي أولتها القيادة السياسية لاجهزة الرقابة علي الأداء الوظيفي العام كان دافعا لقيامها ببذل المزيد من الجهد في أداء ما هو منوط بها من واجبات للحفاظ علي المال العام. ليس من سبيل للقيام بهذه المهمة علي الوجه الأكمل سوي الالتزام بأعلي معايير الشفافية والأمانة. كم ارجو أن يؤدي تواصل النجاحات في ضبط هذه النوعيات من وقائع الانحراف والفساد إلي الحد من الخسائر التي تلحق بالمال العام الذي هو مال الشعب.