في قضية الارتفاع العشوائي للأسعار الذي اصاب كل السلع وجميع المنتجات، سواء كانت زراعية او صناعية، وخاصة السلع والمواد الغذائية التي اصابها خلل جسيم في الاسعار، اثر بالسلب علي كل المواطنين والأسر، وخاصة محدودي الدخل،...، هناك حقيقة يجب ان تكون حاضرة بصفة دائمة في أذهان الجميع نظرا لأهميتها البالغة وتأثيرها الكبير في هذه القضية.
هذه الحقيقة تتمثل في وجود عدة أطراف لها صلة مباشرة وفاعلة في معادلة الأسعار، في أي سوق من الأسواق، وفي اي دولة من الدول، وتلك الاطراف هي المنتج والمستهلك والوسيط، الذي يقوم بدور حلقة الوصل بين المنتج والمستهلك، وهو التاجر الذي يأخذ من المنتج ويبيع للمستهلك، في وجود الدولة وفي ظل متابعتها ومراقبتها كمنظم وضابط لصحة وسلامة هذه المعاملات.
وفي كل الدول بطول العالم وعرضه، يظل للدولة دور بالغ الاهمية في ضمان سلامة وصحة هذه المعاملات بيعا وشراء، وايضا في توفير الحماية اللازمة للمواطنين من جشع التجار اذا حدث، كما هو واقع عندنا هذه الايام.
وهناك سبل كثيرة يمكن ان تتبعها الدولة لتوفير هذه الحماية ووقف جشع التجار ومنع تغولهم علي المستهلكين، لعل ابرزها تحديد نسبة معقولة وعادلة من الربح للتجار تتراوح ما بين 10٪ و15٪ أو 20٪ علي اكثر تقدير ووفقا لنوع السلع،... ومنها الاتفاق علي الاسعار الودية عن طريق غرف التجارة والهيئات المدنية للتجار،...، وهناك ايضا التسعيرة الجبرية بوصفها اخر الخيارات المتاحة اذا ما فشلت الوسائل الودية واصر التجار علي جشعهم.
وقبل دور الدولة.. هناك دور هام للمستهلك ذاته،...، حيث من الضروري، والمهم ان تكون هناك تجمعات وهيئات مدنية للمستهلكين تضم عموم المواطنين، تحمي حقوقهم وترعي مصالحهم، وترشدهم للوقوف بقوة ضد التجار الجشعين عن طريق مقاطعتهم،...، هذا بالاضافة الي الدعوة العامة لترشيد الاستهلاك، والامتناع عن شراء السلعة التي يرتفع سعرها بشكل مفاجيء، وغير مبرر،...، ولكن هذا الدور مازال غائبا للاسف.