حلف غير معلن بين القاعدة وجماعة صالح والحوثيين رغم الشعارات الفارغة

4 أسباب وراء استخدام اليمن قاعدة لنشاط التنظيم وتحركاته


التحالف العربي في عاصفة الحزم نجح فيما فشلت فيه واشنطن

لو تمكن التحالف العربي المتمثل في عاصفة الحزم في القضاء علي تنظيم القاعدة جزيرة العرب فيمكن للعملية أن تدخل التاريخ فالأزمة اليمنية ستحل يوما ما وبشكل أو بآخر ولكن تنظيم القاعدة نجح في استخدام اليمن كنقطة انطلاق لتهديد دول الخليج من جهة واستهداف بقية دول العالم بعدما نجحت واشنطن من تقليص وجوده في أفغانستان في تسعينات القرن الماضي وأوائل القرن الواحد والعشرين ولهذا لم أتفهم أن المعنيين بالملف اليمني لم يتعاملوا بالشكل المناسب مع الانجاز الذي تحقق مؤخرا باستعادة مدينة "المكلا" عاصمة محافظة حضرموت أحد أهم معاقل القاعدة في اليمن واحد أهم مصادر تمويلها وقد ذكر قائد القوات الإماراتية التي نفذت العملية العميد الركن مسلم الراشدي رقما مهولا لما سرقه التنظيم من عوائد النفط والجمارك في حضرموت وأوصل الرقم إلي 100 مليون دولار مما افقده بعد التحرير هذا المورد المالي المهم ناهيك عن نتائج آخري ذات أهمية خاصة من عملية التحرير.

لقد وجد تنظيم القاعدة في اليمن بيئة مناسبة للعمل والنمو والتمدد نتيجة أربعة أسباب وهي:

1ــ البيئة: حيث تتقاطع الجغرافيا مع الديمغرافيا في خلق بؤر ذات إمكانيات بقاء عالية حيث توفر الجغرافيا الطبيعية من سهول وجبال بيئة مواتية لنمو هذه الجماعات
2ـ الموقع: حيث تقع اليمن في منطقة جغرافية مميزة ومحورية تحمل تهديدات للأمن القومي لدول عديدة وقوي دولية معادية للقاعدة حيث يشرف اليمن علي مضيق باب المندب وخليج عدن ومراكز القرصنة القائمة في الصومال وهي تمثل مصالح لدول الغرب، كما أن اليمن مجاور لمنطقة الخليج العربي واحتياطاتها النفطية والمالية الهائلة.

3ـ السلطة : فقد كان ضعف السلطة اليمنية وعدم قدرتها للوصول إلي الأماكن التي تتمركز بها تنظيم القاعدة في ظل اقتصاد متهالك وشح إمكانيات مادية بما في ذلك الافتقار إلي القدرات العسكرية علي نمو القاعدة.

القبيلة: وهي بيئة حاضنة خاصة وان قيادات تلك هذه الجماعات هم من أبناء تلك القبائل التي تتواجد بها القاعدة وفي مناطق نفوذهم من نماذج ذلك أبو علي الحارثي وجلال بالعيدي وأبو نصير ناصر الوحشي
ويذكر في هذا الشأن ان اليمن بحكم زعامة أسامة بن لادن للتنظيم وهو من أصول يمنية يحتل موقعا مركزيا في عمل التنظيم كما تكشف عن ذلك أديباته التي تم الكشف عنها منذ فترة ليست بالقصيرة وتتحدث عن قيام وإعلان الدولة الإسلامية هذا العام والوصول لها عبر العديد من المراحل وهي
ـــ مرحلة "الإفاقة" وقد بدأت فعليا من اليمن منذ عام 2000 كما تذكر تلك الأدبيات من حادث ضرب المدمرة الأمريكية كول وأحداث 11 سبتمبر عام 2001.

ــ مرحلة "فتح العيون "والتي بدأت مع احتلال بغداد كأول عاصمة عربية يتم السيطرة عليها من قوة كبرى.

ــ مرحلة "النهوض" وتستمر من عام 2007 إلي 2010 وشهدت نموا في عمليات التنظيم
ــ مرحلة "إسقاط الأنظمة العربية " من عام 2010 إلي 2013 وهي الفترة التي شهدت ثورات الربيع العربي وسقوط أنظمة عديدة منها نظام علي عبد الله صالح في اليمن.

ــ مرحلة "إعلان الدولة "من بداية 2013 إلي 2016 وهي التي ترافقت مع إعلان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ونمو تنظيمات جهادية بمسميات مختلفة منها تنظيم الدولة الإسلامية الذي امتد من العراق وسوريا إلي مناطق آخري ومنها اليمن الذي شهد الإعلان عن إمارات إسلامية.

ــ المواجهة الشاملة بين معسكري الكفر والإيمان والانتصار النهائي
ورغم وجود تحفظات شديدة قد تناقض مع تلك الرؤية التي لم تتحقق رغم الحديث علي أن هذا العام الذي قارب علي الانتصاف شهد انتكاسات وليس انتصارات للقاعدة وتراجع لها إلا أننا نتوقف عند محورية اليمن في تفكير التنظيم.

ولعل تنظيم القاعدة في اليمن كان أكثر المستفيدين من مرحلة ما بعد ثورة الشباب اليمني في فبراير 2011 حيث تمكن من التمركز في البؤر غير المستقرة والمساحات الشاسعة ذات التضاريس الصعبة كما انه ينتشر في المناطق التي لا يتوفر فيها تعليم وصحة وظروف معيشية صعبة كما انه استفاد من حالة الاضطراب السياسي الذي عاشه اليمن منذ ذلك التاريخ واستطاع السيطرة علي بعض المناطق في اليمن التي اعتبرها قاعدة للانطلاق وأماكن التدريب والتجنيد كما انه استطاع السيطرة علي كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات.

كما استفاد التنظيم من الحلف غير المعلن بينه وبين الحوثي وجماعة صالح بل بالتعاون بين الجانبين رغم الدعايات بدون مضمون والشعارات الفارغة من جانب كلا طرف ضد الآخر ومن ذلك أن القاعدة ترفع شعار قتال الروافض وتقصد بهم الشيعة أي الحوثيين في الحالة اليمنية.

كما أن الحوثي يرفع شعار قتال القاعدة وطردهم من اليمن كأحد المسوغات التي يقدمها للغرب للقبول بانقلابه علي السلطة الشرعية وهناك من الظاهر ما تؤكد التعاون بينهما ومن ذلك غياب المواجهة ين الجانبين طوال الفترة التي سيطر فيها الحوثي وجماعة صالح علي البلاد كما انه لم يعد خافيا علي احد التعاون والتنسيق الوثيق بين إيران والقاعدة مما سينعكس بالضرورة علي الحليف اليمني لإيران.

كما أن صالح والحوثي قاما معا بتسليم مناطق ومحافظات كاملة ليس هذا فقط ولكن معسكرات للجيش ومقارات للشرطة وكان ملاحظا في هذا الشأن انه لم يسجل طوال الأشهر الماضية أي مواجهات مباشرة بين الجماعتين في المناطق الجنوبية حيث يفترض التواجد الكبير للقاعدة بل علي العكس حدث في بعض المناطق ما يشبه عمليات التسليم والتسلم كما حدث في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج وسقطت في 23 مارس في العام قبل الماضي.

ومن مظاهر التعاون والتنسيق بين الجانبين انه مع بداية محاولات الاجتياح المسلح للحوثيين وجماعة صالح للمكلا شهدت المدينة فرار ما يقارب من 300 من عناصر القاعدة من احد السجون الحكومية وبينهم القيادي البارز في التنظيم خالد باطرفي واتجهت أصابع الاتهام مباشرة إلي جماعة المخلوع علي عبد الله صالح باللجوء إلي الاستخدام غير المشروع غير الأخلاقي لورقة القاعدة والغريب في الأمر أن ترفض جماعة الحوثي وصالح في مباحثات الكويت اقتراح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ احمد بإصدار بيان مشترك من المجتمعين يؤكد علي الإصرار علي مواجهة القاعدة ويثمن انجاز الشرعية الأخير بل العكس هو ما تم أن تقوم جماعة الحوثي وصالح بمطالبة التحالف العربي بوقف قصف القاعدة في حضرموت قال القيادي الحوثي أسامة ساري في مقابلة مع قناة العالم الإيرانية أن الغارات التي ينفذها التحالف علي القاعدة في جنوب اليمن مرفوضة وتفسير ذلك يعود إلي أن مواني حضرموت أثناء سيطرة القاعدة كانت تمثل أهم شرايين إمداد الانقلابيين بالوقود والسلاح الأتي من إيران ويدخل عبر المواني دون أي اعتراض من قبل التنظيم الذي كان يستفيد ماليا.

ولعل أهمية تحرير المكلا من القاعدة تنبع من الطبيعة السياسية والعسكرية ورمزية مثل هذا التحرك فهي تعتبر اكبر محافظات اليمن من حيث المساحة تمثل ثلث مساحة اليمن بأكمله وتنقسم إداريا وعسكريا إلي منطقتين منطقة ساحل حضرموت والتي كانت تخضع لسيطرة القاعدة ومديريات وادي وصحراء حضرموت وتسيطر عليها قوات موالية للشرعية وكانت تمثل الحصن الحصين للقاعدة وتتمركز فيها اقوي عناصرها وقد راجت تقارير عن ملامح إمارة للقاعدة بصدد التشكيل هناك خاصة وان التنظيم تمكن من المدينة منذ ابريل قبل الماضي وانسحاب الجيش الموالي لصالح منها تحت ذريعة تجنيب السكان ويلات الحرب والقتال والدمار وغير التنظيم من مسماه إلي أنصار الشريعة ومنها إلي أبناء حضرموت وتشكل مجلس لإدارة المحافظة الأغلبية فيه للتنظيم والحضور الأكبر وتولوا المسئولية الأمنية والدفاعية والمالية وتركوا لجهاء المدينة إدارة الخدمات ومن خلال حصول التنظيم علي عوائد مالية عديدة من سيطرته علي ميناء المدينة وحركة التجارة واستيلاؤه علي البنوك المحلية وضلوعه في تجارة المشتقات البترولية وتهريبها حاول استثمار ذلك في التقرب إلي الهالي من خلال إلغاء الضرائب علي الدخل خلال العام الذي سيطر فيه علي المحافظة ونشر صورا لأعضائه وهم يقومون برصف الطرق وتمهيدها وإصلاح الجسور.

وتمثل العملية انجازا بكل المقاييس علي كافة المستويات ويمكن رصده من خلال العديد من المؤشرات:
ــ أنها المرة الأولي أو العملية الأولي من نوعها التي يقوم بها التحالف منذ بداية عملياته في مارس من العام الماضي ضد القاعدة بعد أن استغلت انشغال التحالف في المواجهة مع الحوثي وصالح بالتمدد والانتشار وتعزيز النفوذ في جنب اليمن بشكل خاص.

ـــ أن التحالف نجح فيما فشلت في أمريكا والتي سعت دون جدوى ومنذ ينيو من العام الماضي إلي تكثيف ضرباتها ضد تنظيم القاعدة ولكن جهودها لم تكن ذات تأثير يذكر نظرا للنتائج الضعيفة التي حصدتها عن طريق استخدام الطائرات بدون طيار إلا أن تلك الهجمات ساهمت في توحيد صفوف التنظيمات الإرهابية القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

ــ أن العملية تؤكد أن عاصفة الحزم تملك رؤية اشمل لمستقبل اليمن خالي من التطرف والإرهاب بكل أنواعه وتصنيفاته سواء كان إرهاب سني مثلما هو الحال بالنسبة للقاعدة وتنظيم الدولة أو إرهاب شيعي من الحوثيين وان الحرب تستهدف فعلا بناء يمن قومي عربي.

ــ إن العملية مثلت رسالة للغرب الذي أعرب في الغرف المغلقة عن قلقه من أن استهداف جماعة الحوثي وصالح قد يصب في خانة تقوية القاعدة وهي تمثل خطر لا يقل عن الأول بل طالبت صراحة بان تلك نفس مواجهة التحالف للقاعدة مماثل تماما لما هو حاصل منذ مارس من العام الماضي ضد الحوثي وصالح خاصة وأن الأخير كان يقدم نفسه أحيانا كخصم للقاعدة وصاحب دور وقدرة علي مواجهة التنظيم.

وقد حاولت صحف أمريكية الربط بين وجود تغيير في الإستراتيجية العربية تجاه القاعدة وبين زيارة اوباما إلي العاصمة السعودية الرياض ولقائه مع قادة دول الخليج ومهما كان الأمر فإنها تمثل تحولا كبيرا في مسارات الحرب الدائرة في اليمن.

ـــ إن العملية نجحت في إجهاض وقف عودة التنظيم إلي نشاطه السابق منذ بداية هذا العام والذي تمثل في العديد من العمليات التي أعلن تبنيه له صراحة أو حملت بصماته ومنها عمليات اغتيال ضد قيادات حوثية في صنعاء وضد قيادات عسكرية في جيش الشرعية وقوات الأمن والسياسيين في عدن ومنها محاولة اغتيال المحافظ نفسه وكذلك استخدام العربات المفخخة ضد نقاط تفتيش تابعة للحكومة الشرعية وإعدام ل20 جندي في أبين رميا بالرصاص.

ــ إن العماية تعتبر مدخلا من مدخلات الصراع والمفاوضات مع لجانب الحوثي والدائرة في الكويت وتقطع الطريق أمام الحوثي وصالح لتسويق سياستهما علي أنها مواجهة مع التنظيمات الإرهابية وقد يؤدي حسم الصراع مع القاعدة ورقة ضغط علي جماعة الحوثي للقبول بالحل عبر المفاوضات
القضاء علي القاعدة في اليمن بدأ منذ فترة ولكنه لم ينتهي خاصة في ظل تمدد التنظيم وسيطرته علي محافظات جنوبية وشرقية فقد كانت موجودة في حضرموت.

وفي المكلا منذ ابريل من العام الماضي ومدينة زنجبار محافظة أبين والتي سقطت في مايو 2011 وتم فيها إعلان أول إمارة إسلامية وفي أبين في وسط اليمن وهي من مراكز ثقل التنظيم وتبلغ مساحتها أكثر من 16 ألف كيلو متر مربع وشبوة وله وجود في الشمال وان كان محدودا في محافظات آب وذمار والبيضا ومديريات العريش ورادع ولعل مديرية أرحب في محافظة صنعاء من أهم مناطق نفوذه وسبق لهم أن أعلنوا إمارات إسلامية في أبين وفي لحج في يناير من عام 2014 ناهيك عن التواجد في بعض أحياء مدينة عدن وكانوا أحد الأسباب في عدم احراز التهدئة والاستقرار فيها.