يخطئ من يتصور ان خطورة ظاهرة الغش إذا ما تفشت وانتشرت، وأصبحت طافحة بفجاجة علي السطح كما هي الآن،..، يمكن ان تقتصر فقط علي كونها تمثل خللا جسيما ومتعمدا بالآلية أو النظام الخاص بالفرز والتقييم للمستوي الدراسي للطلاب، وقياس وتحديد قدراتهم علي التحصيل، بما يسمح بتوزيعهم بعدالة علي المجالات والكليات المختلفة.
في تقديري ان هذا تصور خاطئ، نظرا لكونه يحصر القضية في أضيق حدودها علي الاطلاق، ويقف بها عند مستوي حصول الطالب الغشاش علي ما لا يستحق، في حين ان القضية تمتد إلي ما هو أكبر من ذلك وأشد خطرا بكثير.
ولا مبالغة في القول بأن انتشار هذه الظاهرة في مجتمع من المجتمعات، والتراخي أو التكاسل في مواجهتها أو السعي الجاد لوضع حد لها، يؤدي بالضرورة إلي تفشي الفساد في أرجاء المجتمع، وتغلغله في بنيانه ونسيجه وسيطرته علي مفاصله ومراكز حركته وإدارته،..، وهو ما يدفع بهذا المجتمع دفعا سريعا نحو الانهيار والسقوط والتفكك، بحيث لا تقوم له قائمة بعد ذلك أبدا.
وفي هذا، لنا أن نتخيل حال المجتمع إذا ما أصبح الغش فيه هو الوسيلة والمنهج للحياة والعمل والترقي، وما يعنيه ذلك من انهيار تام لمنظومة القواعد والقيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية، المسئولة عن ضبط وتنظيم حركة الحياة والسلوك في المجتمع.
وحتي ندرك الخطورة البالغة التي يمكن ان تترتب علي ذلك، علينا ان نتصور حالة المجتمع إذا ما أصبح القاضي والمحامي والطبيب والمهندس والمدرس والضابط و... و... هم نتاج وباء الغش،...،..،
أرجو ألا يحدث ذلك،..، وأدعو الله أن ينقذنا من ذلك المصير التعس.