في ظاهرة الغش في الامتحانات التي طفحت علي السطح بصورة لافتة للانتباه خلال السنوات القليلة الماضية، ووصلت إلي ذروتها هذا العام فيما جري ويجري في امتحانات الثانوية العامة حاليا،...، لا يصح أن نكون مثل الذي يدفن رأسه في الرمال متصورا أن أحدا لا يراه طالما انه هو نفسه لا يري أحدا.
ما يصح وما يجب هو أن نعترف بكل الصراحة، بأن هذه الظاهرة هي نتاج وافراز طبيعي لأزمة مجتمعية خانقة غاصت فيها مصر منذ سنوات، وانها أبدا لم ولن تكن مشكلة أو أزمة مفردة قائمة بذاتها، ومنفصلة عن بقية الأوضاع والمتغيرات الاجتماعية والأخلاقية السلبية التي طرأت علي الناس والبلاد في الأونة الأخيرة.
وعلينا أن نقر بأن الغش هو صورة مباشرة وواضحة من صور الفساد المجتمعي، وتعبير صريح عن غيبة الضمير لدي مجموعة من البشر، وانه اعلان فاضح وفج عن غياب القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية ايضا لدي هؤلاء الذين يمارسونه أو يقومون به أو حتي هؤلاء الذين يقرونه ولا يستنكرونه. وعلينا ان ندرك قبل ذلك ومن بعده أن هذه الظاهرة السلبية هي ترجمة صادقة وأمينةلحالة التردي القيمي والأخلاقي التي أصابت بعض الفئات من المجتمع في السنوات الأخيرة، وأدت إلي ما نراه ونلمسه الآن من انفلات قيمي وتربوي، وأخلاقي شامل، وتدن في السلوك الشخصي والعام، وتفش للاهمال والتسيب والخروج علي القانون، وغياب واضح ومعلن لقيمة العمل والاجتهاد واهدار متعمد لقيم الشرف والأمانة والعدالة.
ومن هذا المنطلق يكون الغش قضية أكبر وأخطر من كونها أزمة في امتحانات الثانوية العامة،...، بل لابد أن نتعامل معها بوصفها قضية أمن قومي ومستقبل وطن، لا يجب أن نتركه فريسة للغش والغشاشين.