إيه رماك علي المر قال اللي أمر منه «هذا هو شعار قدامي ساكني العشوائيات المحيطة بالقاهرة والجيزة عندما تركوا قراهم في محافظات الدلتا والفيوم وجاءوا ليعيشوا في أطراف العاصمة هرباً من الفقر وتدني مستلزمات الحياة ومصادر الرزق في قراهم ورضوا علي مواطنهم الجديدة بالعشش وأشباه البيوت حيث لا دورات مياه أو إنارة أو حتي مياه الشرب وأولي مقومات الحياة.
وبدأت الدولة والجمعيات الأهلية في المعاونة في تطوير العشوائيات بإنشاء مساكن جديدة حضارية لائقة تمهيداً لنقلهم إليها مع تزويد المناطق الجديدة بكافة أنواع المرافق مياه وصرف صحي وكهرباء وطرق ومدارس وأسواق وعيادات صحية وخدمات اجتماعية.
وعملية الانتقال من العشوائيات لأماكن جديدة ليست عملية آلية وينتهي الأمر بل يجب أن يكون التطوير شاملاً البشر أنفسهم ليبدأوا حياة جديدة أكثر تحضراً ويمارسوا هذه الحياة كما لم يمارسوها من قبل.
في كتاب أرض المعجزات للدكتورة بنت الشاطئ قالت إن السعودية في البداية أقامت مساكن للبدو بأبواب وشبابيك ليستقروا فيها ولكن بعد الإقامة بأيام عادوا للخيام في الشتاء وخلعوا الشبابيك والأبواب وأخذوا ليحرقوها للتدفئة وعادت محاولات الدولة مرة أخري مع الكثير من التوعية المركزة.
وقال مهندس استشاري مصري إنه ذهب للسعودية لتصميم وبناء بيوت للبدو كل بيت من حجرتين وصالة وحوش للبعير والباب بارتفاع مترين ولكن المستفيد طلب منه أن يكون ارتفاع الباب بما يسمح له بدخول الحوش راكبا بعيره حيث ينزل البعير وينزل هو بعد ذلك أمام حجرته.
الغرض من هذا السرد أن تكون هنالك خطة محكمة للصيانة والنظافة للمناطق الجديدة وأن يمر عليها رئيس الحي كل فترة ليتأكد أن المساكن والمرافق والشوارع الجميلة مازالت جميلة وصالحة وأن أمهاتنا وأخواتنا في هذه المساكن لا يجلسن علي الأرض أمام العمارة أو علي السلم وألا تذهب القمامة إلي أكوام أمام كل عمارة أو علي ناصية الشارع.
إن دور البحوث الاجتماعية والنفسية للإنسان المصري والسكان الجدد لا يقل أهمية عن إنشاء المساكن والمرافق نفسها مع التوعية المستمرة للصغار والكبار بأهمية المحافظة علي هدية الدولة لهم وهي هدية غالية تعطي للحياة معني وقيمة وكرامة كانت ضائعة.
وعلي كل مسئول في الدولة الذي يمر علي المساكن الجديدة بعد فترة أن يتأكد أن السكان لهم مصدر رزق يعيشون منه وأنهم لم يبيعوا المساكن أو يؤجروها لآخرين.
وعلي حي المقطم أن يحث السكان علي إنشاء اتحادات ملاك لكل عمارة ولكل منطقة للمحافظة علي نظافة حي الأسمرات وصيانة المرافق التي تحتاج صيانة لتظل المنطقة نظيفة وجميلة وصالحة للاستخدام الآدمي.
والمقابر في مصر محتلة بمواطنين ضعفاء وأسرهم لم يجدوا مأوي لهم إلا في المقابر ومعهم زوجاتهم وأطفالهم وكلهم تقبل هذا الوضع أن ينام ويصحو ويأكل ويشرب بجوار الأموات بل وهناك محلات تفتح وسط المقابر وورش إصلاح سيارات ومحلات تجارية.
وهناك وسط المقابر مجرمون وهاربون من العدالة تري كل ذلك كمثال للمقابر بين صلاح سالم والأوتوستراد بل وقامت الدولة برصف بعض الطرق داخل المقابر وأوصلت لهم الكهرباء والماء وباقي الصرف الصحي.
هل تنقل الدولة هؤلاء الناس لمساكن تلحق بالمساكن الجديدة التي خصصت لأهالي العشوائيات والمناطق الخطرة أو مساكن قريبة من مشروعات تحتاج لعمالة مثل المدن الجديدة وغيرها. وهل نهتم بالمقابر بالزرع والزهور كما نري في الأفلام والمسلسلات الأجنبية وفي العلمين وهل نمنع أي إنسان من الإقامة في المقابر إلا حراس أمن معهم ترخيص بذلك من الداخلية.
كل مصري ينظر الآن إلي مصيره المحتوم فقد يدفن وفوق رأسه تجار مخدرات أو متعاطون للمخدرات بكل أنواعها أو تسرق جثته وتباع بالقطعة لطلبة كليات الطب أو من يشتري بأعلي الأثمان.
الحياة وسط المقابر.... لا تقل سوءاً عن العشوائيات الخطرة وغير الخطرة في جميع إنحاء مصر وإذا كانت صور العشوائيات تذاع في كل العالم فإن صور مقابرنا تذاع كذلك خاصة تلك التي حول المساجد الأثرية وفي جوارها.
وبالمناسبة فان مقابر المسيحيين ليست أفضل حالاً من مقابر المسلمين حيث تبدو كلها كئيبة وغير نظيفة أما المقابر في الريف فهي أفضل حالاً وأكثر احتراماً لحرمة الموت.