الدكتور أحمد المقدم خبير اقتصادي دولي.. في بريطانيا يرفعون له القبعة لأنه حجة اقتصادية وكثيرا ما كان يقوم بتصحيح المسار الاقتصادي للحكومة الإنجليزية منذ أن كان مستشاراً لرئيسة الحكومة مارجريت تاتشر.. ثم في الأزمة العالمية التي طالت أوروبا بعد أمريكا فقد كان الرجل السند للاقتصاد البريطاني حتي صار خبيراً دولياً عالمياً، وللأسف في مصر لم نأخذ بمشورته كعالم محب لوطنه.. هو يري أن مصر من أغني دول العالم من حيث الموارد فهي قبل البرازيل والصين وروسيا ومع ذلك ترتيبها في الاقتصاد العالمي الــ٣٦ مع أنه من المفروض أن تكون الــ١٤..
- ويقول الدكتور أحمد المقدم أن مصر بعد السعودية في العامل البشري فترتيبها الثاني عالميا لكن في الاستثمار للأسف يأتي ترتيبها رقم ١١٠ وهو في ذيل القائمة بعد سنغافورة التي تحتل المركز الأول عالميا.. ومع ذلك الاستثمار عندنا «زيرو» لأننا نتعامل معه بالفهلوة، غير مستوعبين أنه ينقصنا الدماغ الاقتصادية وينقصنا أن نفهم أن الاستثمار في أي بلد لا جنسية له مع أن الاستثمار هو الثقة بالإضافة إلي العائد.. لكن من يفهم هذا المعني..
- الذي آلمني وأنا أقرأ السيرة الذاتية للخبير الدولي الدكتور أحمد المقدم أجد أن هذا العالم مصري ومن أبوين مصريين وهو من مواليد ١٩٤٣ ثم انتقل إلي بريطانيا في عام ١٩٦٣ وقد حصل علي الدكتوراة من جامعة مانشستر عام ١٩٦٨ وقد أمضي ما يقرب من ٣٥ عاما في الاستشارات الأكاديمية والمهنية في جميع أنحاء العالم وله مواقع متعددة كمستشار في السياسات الاقتصادية والنفطية والدفاع منها في بنك أمريكا وبنك انجلترا والخزانة والخارجية.. أنه بعد هذه الرحلة الطويلة لم نقترب منه كعالم وكحجة اقتصادية نتعرف علي عيوبنا ونستفيد من رؤيته المستقبلية مع أنه يطالب بالاعتماد علي الشباب علي اعتبار أنه وقود قاطرة المستقبل.. هذا العالم من المفروض أن تكون في المكتبة العربية كتاب عنه يحمل مشوار حياته لكي يكون قدوة للشباب..
- الذي يعجبني في شخصية عالمنا الدكتور أحمد المقدم أنهم في بريطانيا يحترمون فكره لذلك تراهم يرفعون له القبعة لأنهم يتعاملون معه كحجة اقتصادية فكثيرا ما كان يصحح مسار الحكومة الإنجليزية في مسيرتها الاقتصادية.. وأذكر أنه في الأزمة الاقتصادية العالمية أخرج الحكومة الانجليزية من النمط التقليدي لسياستها الاقتصادية فاختصر خطوات القروض وطالب بتحجيم البنوك كوسيط تحقق عمولات علي حساب مشاريع الشباب وجعل العلاقة التعاقديّة في قروض الشباب للمشاريع علاقة مباشرة مع بنك انجلترا.. وربما نكون قد أخذنا برأيه فقط في المبادرة التي أطلقها البنك المركزي المصري عندما طالب ألا تزيد نسبة الفائدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة علي خمسة في المائة وهذه الميزة هي التي تكسر طابور البطالة في مصر يوم أن نرفع العبء عن كاهل الشباب ونلغي ما يسمي بالبيروقراطية والتعقيدات الإدارية..
- وطالما تكلمنا عن الاقتصاد المصري.. نسمع انتقادات الرجل عما يطلق علي قضية الدولار بأزمة الدولار.. يري الدكتور أحمد المقدم أن استخدام مصطلح أزمة هو مصطلح ليس صحيحا علمياً مع مصر.. لأن مسمي أزمة يعني أنه ليس هناك احتياطي إيجابي لدي البنك المركزي وهو أمر غير صحيح.. فالاستمرار في استخدام مصطلح الأزمة له آثار عكسية قد تخلق جوا تشاؤميا يزيد الأمر تعقيدا وفي نفس الوقت يمثل دعاية مجانية لتجار السوق السوداء في الدولار لذلك يناشد الرجل الإعلام المصري بعدم استخدام مسمي أزمة في نقص سيولة الدولار..
- ويقترح الدكتور أحمد المقدم معالجة الانخفاض النسبي في احتياطي الدولار بشكل هيكلي وليس مجرد علاج وقتي لكن المطلوب علاج في الهيكل الاقتصادي.. وهذا العلاج يتطلب رؤية.. خطة.. إدارة.. العامل البشري.. المناخ الاستثماري.. لذلك ينصح بضرورة التركيز بشكل منطقي وفعال علي المصريين في الخارج والتي تبلغ مدخراتهم في البنوك الأوروبية ٦٨ مليار دولار بعائد سنوي نصف في المائة.. مع أنهم يدفعون للبنوك أتعاباً تفوق العائد أي أن مدخراتهم المالية تتناقص..
- ويفجر الدكتور أحمد المقدم قضية من أخطر القضايا بسبب إهمال الحكومة لاتفاقية الازدواج الضريبي بينها وبين الحكومة البريطانية فهناك اتفاقية من ٢١ أبريل ١٩٧٧ وللأسف لم تفعل حتي الآن.. في حين المصريين المقيمين في بريطانيا يدفعون ضرائب للحكومة البريطانية ولا يدفعون ضرائب لبلادهم لذلك يطالب بفرض ضرائب علي كل من يتمتع بحقه الدستوري في التصويت الانتخابي.. وفرض ضريبة علي المصريين بالاختيار قد تحقق الدولة المصرية منها ما يقرب من ٤ مليارات دولار سنويا..
- ويتساءل الدكتور أحمد المقدم لماذا لا تقوم الحكومة المصرية بتحصيل ضرائب من الأجانب الذين يعملون علي أراضيها أسوة بما هو متبع مع المصريين في الخارج.. مبادرة أطلقها المقدم لتكون المعاملة بالمثل فكما يحترمون بلادهم علينا أن نحترم بلادنا.. وطبعا برؤيته كخبير فهو يري أن هذا المصدر سوف يدر علي مصر ما يقرب من مليارين من الدولارات..
- بالله عليكم لما عالم مثل الأستاذ الدكتور أحمد المقدم ترفع أوروبا القبعة له احتراماً وتقديراً لنبوغه كخبير دولي في الاقتصاد لماذا لا تستفيد منه مصر.. هل يرضيكم أن نطفش علماءنا ونعطيهم «الطرشة» بسبب كبرياء الحكومة؟..
- السؤال هنا.. لماذا هذا الكبرياء والعجرفة؟ ولماذا لا نستفيد من علمائنا حتي ولو اعترفنا بجهلنا.. المهم أن تكون لدينا الشجاعة وبدلاً من أن ندفن رءوسنا في الرمل نعترف بعلمائنا.