تتعدد وتتشعب وظائف ومسئوليات وزير الداخلية ما بين الشرطة أو الأمن بأنواعه وبين الأحوال المدنية والجوازات والهجرة ومجالات أخري.. وأخيرا المرور. وزير الداخلية هو المسئول في النهاية عن المرور. والمرور صار أزمة مزمنة في مصر خاصة في القاهرة. ربما تكون أعباء وزير الداخلية كبيرة وكثيرة وجسيمة وهذا أمر نقدره ولكن من حق المواطنين وأنا واحد منهم أن أسأله : ماذا فعلت أو تفعل لحل أزمة المرور (تعريف الأزمة هنا صحيح فهي مسألة تجاوزت المشكلة بكثير)؟ هل هناك خطة من أي نوع لحل الأزمة؟ هل هذه الخطة طويلة المدي فنعرف أننا سنتحمل لفترة تصل إلي سنوات مثلا؟ هل هذه الخطة قصيرة المدي فنعرف أن الفرج قريب؟ هل هناك تصورات من أي نوع؟ هل هناك سيناريوهات من أي نوع؟ هل هناك توقعات فنستعد لمواجهة زيادة عدد السيارات مثلا ؟ هل هناك توقعات فنستعد لمواجهة زيادة اتساع رقعة العاصمة بدخول التجمعات الجديدة والعاصمة الإدارية مثلا؟. هل لدي وزارة الداخلية أي توجه نحو استخدام الحلول غير التقليدية أو الإبداع في الحلول أو استخدام التكنولوجيا لحل الأزمة.
أتساءل وأتمني أن تجد تساؤلاتي إجابة حتي لو كانت الخطط المأمولة علي قدر ضئيل مما نطمح إليه. أتساءل وأنا أعرف أن كل ما ذكرته غير موجود والدليل أن حال القاهرة عاصمة أفريقيا والشرق الأوسط لا يسر عدو ولا حبيب بالطبع. نري بأعيننا أن العالم لم يعد يتوقف عند مثل تلك الأزمات - أزمة المرور - بعدما صارت من أزمات أو مشاكل العصور الحجرية وليس عصر القرن الحادي والعشرين. أتساءل بينما نعرف جميعا أن الاهتمام بحل أزمة المرور يأتي في ذيل اهتمامات وزارة الداخلية باعتبار أن الإرهاب أولا والأمن السياسي ثانيا والأمن بصفة عامة ثالثا وهكذا، بينما يجب أن نختلف مع الوزارة في تصوراتها فلا الاهتمام بمحاربة الإرهاب حل المشاكل الاجتماعية ولا الاهتمام بالأمن السياسي منع 25 يناير بل إن سخط المواطنين في إشارات المرور وبسبب استنزاف وقتهم في الشوارع يسبب ضيقا أكبر من أي شيء آخر. ما يزيد من حدة الأزمة أن الداخلية لا تهتم بما يبديه المواطنون من شكاوي أو ملاحظات علي أزمة المرور فقد كتبت عن تعديل المرور في شارع الصحافة عشرات المرات وما تسبب فيه من مضاعفة للأزمة وتحوله إلي جراج مفتوح يستفيد منه السائسون وإهمال الداخلية تسليك الشوارع للقادم من السبتية ولكن لا فائدة. كتبت عن إهمال مدير مرور القاهرة حتي في إعداد تقرير يكذب ما أقول ولكن لا حياة لمن تنادي. كتبت عن مأساة شارع الجلاء وتقاطع الجلاء مع 26 يوليو ولا مجيب كتبت عن شارع شبرا وبلاويه وإشارة الخلفاوي ولا اهتمام من الداخلية كتبت عن الكاميرات التي اشترتها الدولة بالملايين وهي معطلة بفعل فاعل أو لا تلتقط المخالفات ومرور القاهرة لا يسأل.
هل هناك خطة وضعتها الداخلية لممارسة الطناش وعدم الاستجابة لشكاوي المواطنين ؟ أعتقد أن هذا قد يكون حقيقة لأنه لا من تفسير آخر. هل الداخلية لا يهمها حالة المزاج العام للمواطنين فلا يعنيها أن يعانوا من عدم وجود انضباط مروري قوي؟ ربما يكون ذلك صحيحا وبالتالي يزيد السخط العام وتتدرج المناقشات بين الناس في التجمعات من الحالة المرورية إلي حالة الأسعار المرتفعة إلي أزمة الإسكان إلي الوساطة في التعيينات خاصة في المؤسسات السيادية.إذا كان مفهوم الداخلية يركز فقط علي حالة الأمن في مواجهة الإرهاب فهذا أمر نسلم به جميعا ولكن عدم إدراك مدي تأثير بقية عناصر الحياة السيئة في مصر والقاهرة بالذات علي انتشار السخط العام والتذمر ضد النظام والحكومة والداخلية نفسها فهو أمر نطالب الداخلية بتداركه وليت وزير الداخلية يعلن عن خطة وزارته لحل أزمة المرور ولو بعد 200 سنة حتي نأمل أن أحفادنا سيجدون شوارع يسيرون فيها وانضباطا للسيارات أو الطيارات وقتها. وأدعوكم للترحم علي الرجل الذي ضبط الشارع المصري من قبل واسمه أحمد رشدي.