اسمحوا لي اليوم أن اخلط بين اللغتين الفصحي والعامية حتي أعبر عما أريد بطريقة أوضح خاصة أن حديثي يتمحور حول المثل الشعبي «اللي مايشوفش من الغربال يبقي أعمي» والتعبير الدارج «القطط الفاطسة».
لعل ما أقصده قد وصل للقارئ الكريم.. فرغم هذا الكم من الانجارات التي تحققت خلال العامين الماضيين في أغلب المجالات إلا أن هناك من لايري هذه الانجازات ولا يريد أن يعترف بها أبداً.. نظره موجه فقط لنصف الكوب الفارغ.. لايري إلا السلبيات وكلما تحقق انجاز طلع فيه «القطط الفاطسة» وهي حالة ترجمها المثل الشعبي «مالقوش في الورد عيب قالوا أحمر الخدين !».
شيء غريب ألا يري البعض منا كيف كانت مصر منذ عامين وكيف أصبحت الآن.. كلامي هذا لا يعني أن كل شيء «وردي» أو أن الحياة لونها «بمبي» علي رأي سعاد حسني لكن المؤكد أيضا أنها ليست كئيبة كما يريد البعض أن يصورها ممن لايرون إلا السواد ولا يعرفون الا تكسير العزائم وتثبيط الهمم.
شيء غريب ألا يري البعض منا كيف انتهت مشكلة الكهرباء ومر الصيف الماضي دون أي تخفيف للأحمال.. كما مر الشتاء بدون أزمة في أنابيب البوتاجاز.. كيف انتهت طوابير الخبز وتحسن انتاج الرغيف إلي حد كبير وكيف ساهمت منظومة «نقاط الخبز» في توفير سلع أخري كثيرة للمواطنين بأسعار مدعمة.. هناك من لايري المشروعات العملاقة التي تم افتتاحها في أغلب المحافظات.. محطات كهرباء جديدة دخلت الخدمة ومحطة طاقة نووية في الطريق.. مشروعات انتاجية ضخمة ومصانع يتم افتتاحها أو تطويرها.. مزارع سمكية.. طرق وكباري في كل المحافظات.. حاولوا أن تتذكروا كيف تعطل تطوير طريق الاسكندرية الصحراوي سنوات ثم أنجزه الجيش خلال عام وهو ماحدث أيضا في طريق العلمين وطريق الاسماعيلية ومايحدث الآن في طريق السويس وطريق فوكا الذي يجري العمل فيه علي قدم وساق ليربط ٦ أكتوبر بالساحل الشمالي عند الضبعة بطول ١٩٧ كيلو مترا تختصر المسافة والوقت إلي مرسي مطروح بشكل ملحوظ.. مشروع مدينة الجلالة الذي سينتقل بمنطقة العين السخنة إلي الألفية الرابعة بما يتضمنه من منتجعات سياحية ومنطقة سكنية وجامعة.. كل هذه المشروعات بعضها تم افتتاحه والبعض الآخر خلال شهور أو سنة علي الأكثر.
كل ماسبق ذكره من مشروعات ليس من بينها ازدواج قناة السويس ومشروع استصلاح ١٫٥ مليون فدان.. القناة أنجزت خلال عام واحد ومشروع الاستصلاح انطلق ورأينا بدايته في الفرافرة.. هناك أيضا العاصمة الادارية الجديدة ومشروع الاسكان الاجتماعي وتطوير العشوائيات الذي يتم بأقصي سرعة وعلي أعلي مستوي لتنتهي تماما مشكلة العشوائيات خلال عامين.
يوم الاثنين الماضي كنا علي موعد لافتتاح المرحلتين الأولي والثانية من مشروع الأسمرات بمنطقة المقطم الذي سينتقل اليه سكان المناطق الخطرة في الدويقة وعزبة خير الله واسطبل عنتر.. وتضم المرحلتان ١١ ألف وحدة سكنية بتكلفة ١٫٥ مليار جنيه ومازالت هناك مرحلة ثالثة جار تنفيذها تضم ١٢٤ عمارة بتكلفة ٥٠٠ مليون جنيه.
تابعت الرئيس السيسي وهو يسلم عقود الوحدات لعشرة مواطنين ورأيت دموع الفرح في عيونهم وهم لايصدقون أنهم أخيرا سيعيشون في مساكن آدمية بمنطقة حضارية تتوافر فيها كل الخدمات.. لكن ما هالني حقا هي تلك التعليقات السلبية التي وجدتها علي صفحات «الفيس بوك» والتي تنوعت مابين انكار حق سكان العشوائيات في الانتقال لمناطق حضارية لأنهم تأقلموا علي العيش في العشوائيات أو الخوف من وجودهم بجوار سكان المقطم وما قد يسببه ذلك من أعمال بلطجة.. وهناك من تزيد فقال إن غالبية من خصصت لهم الشقق الجديدة سيبيعونها خلال أسبوع ويزحفون إلي مناطق عشوائية جديدة وهم لايدرون أن هذه الوحدات «ايجار» وليست «تمليك» ولايمكن التصرف فيها. البعض قال إن هذا المشروع بدأ في عهد مبارك وأن السيسي يخطف الأضواء فقط.. وحتي إذا كان هذا صحيحا ـ وهو ليس كذلك ـ فما العيب أن تنجز الدولة مشروعا تعطل لسنوات وتتوسع فيه ليصبح مدينة كاملة.
هذه مجرد أمثلة من التعليقات علي «الفيس بوك» حول هذا المشروع من هؤلاء الذين لا هم لهم الا أن يطلعوا «القطط الفاطسة» في أي مشروع ووصل بهم الأمر إلي القول أن ما تم انفاقه يعتبر بذخا بلا مبرر لأناس عايشين فعلا ومستقرين بينما هناك مئات الآلاف من الشباب عاجزين عن تكوين أسرة بسبب عدم وجود الشقة.
ماقيل عن مشروع الأسمرات علي «الفيس بوك» يقال مثله علي أي مشروع آخر. ولا أجد ما أقوله لهؤلاء الذين لايرون من الغربال إلا «حرام عليكم».
أخيرا.. كل هذه المشروعات بجانب ماأنجزته قواتنا المسلحة في مكافحة الارهاب وتنويع مصادر السلاح بصفقات متطورة ألا يعني أن مصر تتغير و«لاهي بتتغير في عيوننا نحن فقط» !