ليس تقليلاً من حجم إنجازات صارت ملء الأسماع والأبصار أينما حللت في ربوع مصر المحروسة.. ولكن استغراباً من أن شيئًا من كل ما يجري علي أرضنا لم يقيض له أن يبدل وأن يغير من الشعور العام بالضغط وتزايد الأعباء المعيشية..، فالواقع الذي لا يمكن إغفاله أنه وسط كل المشروعات العملاقة الضخمة والكبري التي تنفذها الدولة والتي تزدحم بها في كثافة غير معهودة وعلي نحو يومي صفحات الجرائد وتقارير القنوات التليفزيونية، وحتي الإذاعية لم يشعر المواطن العادي بأي تحسن في مستوي معيشته وإنما تعاظمت الضغوط المالية الواقعة عليه، وإلي حدود لا تؤشر إلا لأداء اقتصادي بائس لا يراعي أبداً الاحتياجات الأساسية للبشر علي هذه الأرض..
وليست فقط موجات الغلاء الجنونية الهوجاء التي طالت كل الأشياء هي ما يقلق الناس، وإنما بقاء كل ما هو سيئ علي حاله فلا الناس شعرت بتحسن في الخدمات الأساسية المؤثرة من صحة وتعليم وغيرها، ولا هم رأوا من الحكومة غير قرارات وسياسات تصب في مصلحة أصحاب الثروات والشركات والمؤسسات الاقتصادية وعلي حسابهم ـ هم ـ كما حال القرار الذي اتخذ برفع سعر قيمة صرف الدولار في مقابل الجنيه وما علي شاكلته من قرارات اتخذت من دون مناسبة كرفع أسعار الدواء..
ولأن الحال علي ما يبدو يفضح توجهات حكومية جاهلة بأبجديات الحلول الاقتصادية لمجتمع عاني لسنوات شظف العيش وعٌمِدَ إلي إفقاره وتجهيله ومن دون افتئات علي الحقائق إلي إمراضه، لا يجد المرء سبيلاً إلا أن يقول لهذه الحكومة قف ثابت محلك.. ولا خطوة أخري مقبلة في أي مشروع عملاق ضخم وكبير من دون دراسة شاملة ومراجعة لا يقوم عليها رجال هذه الحكومة نفسها وإنما مستقلون من الخبراء الوطنيين ففي هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطن يحيا أزمة حقيقية، لا محل للتجريب ولا مكان لمقامرات الهواة..
وأخيراً ليس عيباً أن تخطئ ولكن العيب كل العيب هو أن تصر وبكل العناد علي الاستمرار بالخطأ، وأخطاء الحكومات المصرية كلها منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي وإلي اليوم اسفرت عن خسائر تريليونية كارثية في فداحة تأثيراتها