اعلم جيدا ان ميراث مشاكل الصناعة يفوق قدرات الحكومة والمجموعة الاقتصادية ولكن ما تعيشه الدولة المصرية يتطلب من المسئولين أفكارا جديدة خارج الصندوق قد تكون طوق النجاة لقطاع مهم جداً اعتقد انه اقترب من مرحلة الاحتضار..عندما نتحدث عن الصناعة علينا ان ننظر إلي تجارب دول دمرت تماما مثل اليابان وألمانيا ولكنها عادت بفضل القدرات البشرية والقوانين والقرارات لتحتل الصدارة الصناعية في العالم وهو ما يؤكد انه لا يوجد ما يسمي بالمستحيل..أقول هذا الكلام لأنني تلقيت مكالمات عديدة من مجموعة أصدقاء من رجال الاعمال من الذين يعملون في التصنيع.. نوعية الشكاوي تغيرت تماما..كنّا منذ عامين تقريبا نسمع شكاوي من عدم وفرة الاراضي الصناعية وندرة الكهرباء والغاز وتراجع الصادرات وعدم تواجد العمالة المدربة.. هذه الشكاوي في هذه المرحلة ساهمت في إغلاق مئات المصانع ونتج عن ذلك تشريد العمالة وتراجع الانتاج..الشكوي هذه المرة خطيرة جدا لانها تتعلق بوجود فائض في الانتاج وعدم وجود سوق داخلي يستوعب المنتجات النهائية بجانب العقبات التي قد تواجه المصدرين..مشكلة الصناعة المصرية انها قطاع يعتبر البعض كل من يعمل به مليونيرا وجشعا ومستغلا..والحقيقة التي غابت وتغيب عن المسئولين ان هذا القطاع هو المحرك الرئيسي للاقتصاد..وان الجهود التي تبذلها الدولة والمليارات التي تنفقها لتوفير بنية تحتيه لاستقبال الاستثمارات سيكون منتجها النهائي اقامة مشاريع صناعية تنتج سلعا تستهلك في السوق المحلي او تخرج للتصدير..اصحاب المصانع أصبحوا مكبلين بالديون لان عليهم التزامات لدي البنوك بجانب انهم مطالبون بتشغيل المصانع ودفع الضرائب والتأمينات ومرتبات العاملين وفواتير المياه والكهرباء والغاز بجانب تدبير العملة لاستيراد المواد الخام..البعض منهم صامدون والبعض الآخر يفكر في الخروج من هذا القطاع حتي لا يجد نفسه يوما خلف القضبان لانه تأخر عن سداد فوائد قروض البنوك وهنا تكون الدولة شريكا اساسيا في تدمير الصناعة المصرية.. هناك مصانع خرجت من الخدمة وفشلت اللجان التي شكلتها الحكومة لإعادتها لعجلة الانتاج من جديد لاوضاع مالية او فنية او غيره.. وهناك مصانع تعمل ولكنها بدأت تدخل في دائرة المشاكل وتحتاج إلي مساندة حقيقية من الحكومة لتعبر مرحلة الخطر..عندما اشتدت ازمة السياحة تدخلت الدولة واتخذت قرارات بتأجيل سداد اقساط البنوك وفواتير الكهرباء والماء وساعدت هذا القطاع المهم ليتخطي الأزمة..واليوم ونحن نضع أيدينا علي نقاط الخطر التي تواجه الصناعة المصرية ليس مطلوبا من الحكومة ان تقرأ او تسمع وتشاهد الموقف وكأنها ليست معنية بما يقال..اعرف ان وزير الصناعة المحترم المهندس طارق قابيل يحاول جاهدا النهوض بالقطاع الصناعي ولكنني متأكد ان الرجل بمفرده لا يستطيع لان المشاكل اكبر من وزارة ولكنها مشكلة دولة تحاول ان توفر استثمارات بمليارات وتحاول ايضا ان تحل مشكلة بطالة واعتقد ان الصناعة هي مفتاح الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية..لم أطالب بعقد مؤتمرات او ندوات لبحث المشاكل ولكنني أطالب السيد رئيس الوزراء ان يشكل غرفة طوارئ لبحث مشاكل الصناعة مثلما فعل في مشكلة توريد القمح..الصناع لا يفكرون في الابتكار او اضافة خطوط انتاج جديدة ولكنهم يفكرون في كيفية سداد اقساط البنوك او الخروج الآمن من قطاع الصناعة وتحويل أنشطتهم إلي الاستثمار العقاري بعد ان اصبح القطاع الأكثر ربحية في الدولة المصرية..ما اكتب عنه هو موضوع من اخطر الموضوعات التي يجب علي الحكومة النظر اليه بجدية لان عدد المصانع المعروضة للبيع في بعض المدن الصناعية يفوق ما يتم الإعلان عن تشغيله..الحلول قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة وقوة الحكومة تظهر في التعامل مع الملفات الصعبة وليست البسيطة..دعونا نعتبر حل مشاكل الصناع من المشروعات ذات الاولوية في المرحلة القادمة لانها باختصار شديد ستحدد مدي جديتنا في النهوض بالدولة المصرية وتحقيق نهضة صناعية حقيقية قد تساعد في استقرار سوق العمل وتوفير العملات الأجنبية بدلا من الاعتماد علي قطاعات تتحكم فيها الايادي الخارجية..السيد رئيس الوزراء.. من حق صناع مصر علي الدولة عندما تواجههم مشاكل ان يلتقوا برئيس الحكومة لأنني كما قلت ان المشاكل اكبر من وزارة متخصصة لانها ترتبط بعدة قطاعات في الدولة..ودورك الأساسي كرئيس للحكومة ان تتدخل وتحل المشاكل قبل تفاقمها..هناك حلول قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة وعليك ان تتدخل وبسرعة قبل ان نجد مصانع مصر مخازن وهياكل خرسانية ووقتها سنفشل في جلب اي استثمارات..اللهم قد أبلغت..وتحيا مصر.