قضت المحكمة الكبرى الإدارية البحرينية بغلق مقار جمعية الوفاق الإسلامية، وهي أكبر جمعية من جمعيات المعارضة الشيعية.

وتضمن الحكم التحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف حارسًا قضائيًا عليها لحين الفصل في الموضوع، وحددت لنظر موضوع الدعوى جلسة 6/10/2016.

ويعد هذا الحكم فصلاً في الشق المستعجل في الدعوى القضائية التي أقامها وزير العدل البحريني بصفته، والتي يطالب فيها بحل جمعية الوفاق وتصفية أموالها وأيلولتها إلى خزينة الدولة.

كان وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بصفته، قد أقام الدعوى بطلب الحكم أولاً وقبل الفصل في الموضوع وفي مادة مستعجلة بغلق مقار الجمعية المدعى عليها والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف حارسًا قضائيًا عليها لحين الفصل في الموضوع، وثانيًا وفي الموضوع بحل الجمعية المدعى عليها وتصفية أموالها وأيلولتها إلى خزينة الدولة، وإلزام المدعى عليها المصروفات.

وذكر وزير العدل شرحًا لتلك الدعوى أنه بمتابعة نشاط جمعية الوفاق الوطني الإســلامية - المدعى عليها - وانطلاقًا من تنفيذ أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005 في شأن الجمعيات السياسية، فقد ترسخ مدى الخطورة الجسيمة الناتجة عن استمرار هذه الجمعية، المشار إليها ، في مباشرة نشاطها المخالف لأصل مشروعية العمل السياســي؛ حيث سعت هذه الجمعية، ومنذ تأسيسها، بشكل ممنهج إلى عدم احترام الدستور، وبات التعدي على الشرعية الدستورية وثوابت دولة القانون أحد مرتكزات هذه الجمعية، وهو ما تجلى في تصريحاتها وممارساتها المستمرة، الأمر الذي يفقدها أصل شرعية وجودها كجمعية سياسية مُرخصة بموجب القانون.

وأضاف وزير العدل في دعواه بأن جمعية الوفاق قامت باقتراف جملة من المخالفات الجسيمة تمثلت في التالي: التأسيس بشكل منهجي لعدم احترام الدستور والطعن في شرعيته، تحبيذ العنف وتأييد الجماعات الإرهابية، استدعاء التدخلات الخارجية، الطعن في شرعية السلطة التشريعية، المساس بالسلطة القضائية، اعتماد الجمعية للمرجعية السياسية الدينية واستخدام دور العبادة لممارسة النشاط السياسي، الدعوة للخروج على حكم القانون.


وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن المشرع إيمانًا منه بخطورة وأهمية الدور الذي تؤديه الجمعيات السياسية في المشاركة في الحياة السياسية وترسيخ مبادئ السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية - قد أجاز للمواطنين حق تكوين الجمعيات السياسية أو الانضمام لأي منها، ولم يترك ممارسة هذا الحق سُدى؛ بل أحاطه بسياج من الضوابط والإجراءات التي تنظم ممارسته بما يضمن عدم الانحراف في ممارسة النشاط السياسي عن الأهداف المرجوة من تكوين تلك الجمعيات وقد ناط المشرع بوزير العدل - باعتباره القوَام على تطبيق أحكام قانون الجمعيات السياسية - رقابة أداء تلك الجمعيات وتقويم اعوجاجها كلما نكلت عن طبيعة واجباتها إهمـــــالًا أو انحرافًا، فأجاز له أن يطلب من المحكمة الكبرى المدنية، بناءً على دعوى يقيمها، الحكم بإيقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر تقوم خلالها بإزالة أسباب المخالفة.

كما أجاز له أن يطلب من المحكمة إصدار حكم بحل الجمعية السياسية في حالة ارتكاب الأخيرة مخالفة جسيمة لأحكام دستور مملكة البحرين أو قانون الجمعيات السياسية أو أي قانون آخر من قوانين المملكة ، أو إذا لم تقم الجمعية خلال الفترة المحددة في الحكم الصادر بإيقاف نشاطها بإزالة أسباب المخالفة التي صدر الحكم استنادًا إليها ، وما يتصل بذلك بحكم اللزوم من ذود عن الحقوق والحريات المقررة ، وكل ذلك من صميم ما يتطلبه استقرار المجتمع وما يلزم لتحقيق أمنه وأمان أفراده.


وقالت المحكمة إن الجمعية المدعى عليها دأبت - من خلال موقعها الالكتروني - على الطعن في شرعية دستور مملكة البحرين؛ بوصفها الدولة بأنها " تعيش بلا دستور وخارجة عن العقد الاجتماعي والشرعية فيها معلقة"، وكذلك تصريحها بـ"إن غالبية شعب البحرين ترفض دستور 2002 كونه غير توافقي ولا يمتلك الشرعية الشعبية"، كما قامت بتأييد ممارسة العنف من خلال نشرها لصور إرهابيين يحملون أدوات حادة باعتبارهم متظاهرين سلميين يتعرضون للقمع، كما تضامنت مع أحد المحكوم عليهم في تهم التحريض على كراهية نظام الحكم والدعوة إلى إسقاطه وإهانة القضاء والسلطة التنفيذية، وذلك وفقًا لبيان نائب الأمين العام موقف الجمعية المدعى عليها من الحكم القضائي بقوله" إن هذا الحكم هو انتصار وعزة وكرامة وهزيمة وتخلف للسلطة"، كما قامت باستدعاء التدخل الخارجي في العديد من مواقفها طالبة من المجتمع الدولــــــي التدخل وأن "يلعب دورًا نشطًا في موضوع البحرين كما لعب دورًا إيجابيًا في ملفات عدة بالمنطقة"، كما طعنت في شرعية السلطة التشريعية حيث ذكرت أن "البرلمان لا معنى لوجوده بل لا شرعية لوجود مثل هذا البرلمان" وأن" الحكومة والبرلمان القائمين يفتقدان للتفويض الشعبي"، كما جعلت هذه الجمعية من دور العبادة منابر سياسية تمارس من خلالها نشاطها السياسي بشكل مستمر، كذلك دعت هذه الجمعية مؤخرًا إلى "الامتناع عن التبضع وكل معاملات التسوق والمعاملات الرسمية والتزود بالوقود والتوقف عن كافة عمليات الشراء بالتزامن مع موعد المحاكمة الكيدية (حسب وصفها) ".


ومن حيث إنه من جماع ما تقدم، تخلص المحكمة إلى أن الجمعية المدعى عليها انحرفت في ممارسة نشاطها السياسي إلى حد التحريض على العنف وتشجيع المسيرات والاعتصامات الجماهيرية بما قد يؤدى إلى إحداث فتنة طائفية في البلاد، فضلاً عن انتقادها لأداء سلطات الدولة - سواءً التنفيذية أو القضائية أو التشريعية - وبالتالي فقد انطوت عدوانًا صارخًا على حقوق دستورية مقررة كما انطوت على انحراف بوَاح في ممارسة نشاطها السياسي بمعزل عن المكانة التي يحظى، أو يتعين أن يحظى بها في ظل قانون الجمعيات السياسية، المشار إليه.


ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال، فلا شك أن استمرار الجمعية المدعى عليها في ممارسة نشاطها، آنف الذكر ، لحين الفصل في موضوع الدعوى الماثلة من شأنه أن تترتب عليه أضرار جسيمة بالمجتمع قد يتعذر تداركها، الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى توافر ركن الاستعجال ، بما يتعين معه إجابة المدعى إلى طلبه على نحو ما سيرد بالمنطوق.

لهذه الأسباب حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بغلق مقار الجمعية المدعى عليها والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف حارسًا قضائيًا عليها لحين الفصل في الموضوع، وألزمت المدعى عليها مصروفات هذا الطلب، وحددت لنظر موضوع الدعوى جلسة 6/10/2016 وعلى قسم الكتاب إعلان الغائب من الخصوم بمنطوق هذا الحكم وبالجلسة المحددة.