وزير الثقافة والسياحة التركي السابق ارطغرل جوناي
وزير الثقافة والسياحة التركي السابق ارطغرل جوناي


حوار| وزير الثقافة والسياحة التركي المستقيل: أردوغان خشي من تكرار 30 يونيو في تركيا

عاطف عبداللطيف- أمير لاشين

الأربعاء، 29 يونيو 2016 - 03:30 ص

 

ارطغرل جوناي وزير الثقافة والسياحة التركى السابق..هو واحد من أبرز السياسيين فى تركيا ورمز من رموز معارضتها التى تسعى لانتشال تركيا من دوامة عميقة وضعها فيها اردوغان كادت تعصف باستقرارها .

اختلف ارطغرل مع اردوغان عام 2012 عندما كان وزيرا للثقافة والسياحة فقدم استقالته على الفور اثر خلاف على ادارة المنظومة الثقافية والاثرية التركية ..وفى عام 2013وبعد محاولات اردوغان التستر على فضيحة الفساد الكبرى لحكومته اعلن ارطغرل استقالته من حزب العدالة والتنمية والذى انضم اليه عام 2007 وكان نائبا عن الحزب عن ولاية أزمير..«الاخبار» حاورت ارطغرل جوناى، حاولنا قراءة سيناريوهات مستقبل العلاقات المصرية التركية واسباب دعم اردوغان لجماعة الاخوان فى مواجهة الشعب المصرى .. تحدث ارطغرل مع «الاخبار» عن فكرة الخلافة وواقعية تطبيقها ومستقبل تيارات الاسلام السياسى وكيف اطاح اردوغان بالمناخ الديمقراطى فى تركيا وقيد الحريات وتستر على الفساد.

الشعبان المصرى والتركى بينهما علاقات حضارية ودينية وثقافية ورغبة فى التقارب فلماذا فى اعتقادك لم يحدث ذلك بالشكل المطلوب وما معوقات تطوير العلاقات بين الدولتين؟

- دعونى أبدا بإجابة واقعية على أسئلتكم. هناك وحدة دينية تجمع الشعب التركى بالشعوب العربية وعلى رأسهم الشعب المصري. لكن ليس من الصائب القول بأن علاقاتهم التاريخية والثقافية قوية. بل على العكس فالحركات الاستقلالية العربية التى حدثت خلال القرن الماضى ينظر إليها فى تركيا على أنها انقلاب وثورة على الإمبراطورية العثمانية. فهناك قناعة فى تركيا بأن العرب ساعدوا على انهيار الإمبراطورية العثمانية بتحالفهم مع الأوروبيين خلال الحرب العالمية الأولى. وعلى الجانب الآخر، فإن الحركات الاستقلالية العربية دفعت ثمنا باهظا فى الصراع الذى واصلته ضد الإمبراطورية العثمانية. وهذه المعلومات تحتفظ بحداثتها فى ذاكرة المجتمع التركى ويعززها إضافات بعضها صائب وبعضها خاطئ. وفى المقابل، فإن التخلص من الجفاء التاريخى والتقارب هو لصالح المنطقة بأسرها. وللحقيقة فان السنوات الأخيرة شهدت آمالاً فى هذه القضايا. فالتطورات على الساحتين التجارية والسياحية مهدت الطريق لإنشاء جسور جديدة. لكن عقب ما يسمى بالربيع العربى حدثت تطورات متلاحقة قضت على تلك الآمال أو لعب دورا فى إرجائها على الأقل.

اردوغان والإخوان

فى تصورك لماذا يدعم أردوغان جماعة الإخوان المسلمين ويفتح لها قنوات تلفزيونية تحرض على قتل المصريين؟

- أردوغان اعتبر أحداث حديقة جيزي، التى شهدتها تركيا فى عام 2013، حراكاً فى الشارع التركى قد يؤدى إلى نتائج مشابهة لأحداث الربيع العربي. لذلك فقد استغل ماحدث فى 30يونيو فى مصر كأداة فى السياسة الداخلية للقضاء على حدوث احتمالية مشابهة فى تركيا. وعقد لقاءات جماهيرية كبيرة. واعتقد انصار جماعة الاخوان أنه تم عقد هذه اللقاءات الجماهيرية لدعمهم، والحقيقة ان الشعب المصرى هو من دفع ثمن سياسة اردوغان

 كانت لنا تجربة يعتبرها غالبية المصريين سيئة مع حكم الإخوان هل تابعت تلك التجربة وماتقييمك؟

- كنت قد ذهبت إلى مصر فى زيارة رسمية كوزير للثقافة قبل 30يونيو وكان يُقال دائما أن مرسى لا يتمتع بقوة أو مستوى ليقود مرحلة انتقالية ويحدث تغييراً جذرياً فى البلاد. وبالتالى فإن بعض تصريحاته وإجراءاته خلقت حالة من القلق على الصعيد العالمى بشأن توجهه إلى مظاهر التعصب وعدم قبول الاخر المتبقية من العصور الجاهلية بدلاً عن الديمقراطية التعددية.

جمهورية الاستبداد

 قلتم فى تصريحات سابقة إن أردوغان يؤسس لجمهورية ديكتاتورية استبدادية ما دليلكم على ذلك؟

- فى عام 2013 تراجعت تركيا جزئيا عن مبادئ دولة القانون وعن الدستور. لم تُطبّق السياسة التعددية وتم تقييد حرية الفكر والمذهب والمبادرة. من الصعب وصف نهج كهذا بالديمقراطية الحقيقية.

ما الذى يجعل المواطن التركى يصوت لأردوغان وحزبه على حساب المعارضة رغم كل ما تقوله المعارضة عن فساد أردوغان وتقييده للحريات؟

- ظهر حزب العدالة والتنمية فى مطلع الألفية الجديدة فى فترة خلقت فيها الأحزاب السياسية فراغاً وحالة من اليأس داخل المجتمع. وأنجز التنمية والعدالة وقتها العديد من الأعمال فى الفترة بين 2003-2011. ثم فتحت عملية السلطة الممتدة الطريق إلى إشاعة الفساد والتلوث والإنهاك بشكل لايمكن تجاهله. لكن الأحزاب الأخرى كانت لا تزال عاجزة عن تقديم رؤية تتجاوز أزمة عام ألفين وعجزت عن خلق آمال جديدة فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية لدى الكتل الواسعة. بؤس المعارضة هذا أبقى على العدالة والتنمية فى السلطة. وأردوغان هو أفضل من يعى هذه الحقيقة. ولذلك السبب يمنع ظهور أى أسماء وأفكار جديدة بإبقاء وسائل الإعلام تحت الضغط.

بعض المحللين يرون أن أردوغان وضع تركيا فى دوامة بخلافه مع أوربا وتدخله فى سوريا وفى شئون الكثير من دول المنطقة وتعاونه مع داعش ..ماتعليقك؟

- تركيا دولة عميقة تخطت صعوبات كبيرة فى التاريخ. وحاليا لايمكن القول بأننا على الطريق الصحيح. لكن أتمنى أن نتجاوز هذه المشكلات خلال فترة قصيرة ونبدأ الاستمتاع بالرفاهية.

طاعة المرشد

 كنت نائبا عن حزب العدالة والتنمية هل هناك تشابه بين بناء حزب العدالة والتنمية وبناء جماعة الإخوان التى تعتمد على وجود مرشد يطاع فى كل أوامره؟

- حتى يونيه عام 2013 لم يخطر على بال أحد فى تركيا والعالم القيام بتشبيه كهذا. وبالنسبة لتجربتى فى التنمية والعدالة حاولت ممارسة السياسة فى إطار المبادئ التى أراها صحيحة وضرورية. ولم أتحول إلى مؤيد متحمس لحزب أو فئة أو زعيم. وأشرت دوماً إلى الأخطاء المرتكبة. ولذلك السبب تم إخراجى من حزب الشعب الجمهوري، الذى توليت النيابة عنه فى البرلمان لفترة بسبب انتقادى السلوك النخبوى للإدارة. وفى الفترة بين 2004-2007 لم أكن عضوا فى أى حزب ولم أدعم أى حزب معنويا. كنت مستقلا. وبقبولى عرض العدالة والتنمية، الذى تلقّيته قبل انتخابات عام 2007، أصبحت نائبا فى البرلمان ووزيرا. فى تلك الفترة كان العدالة والتنمية يظهر بمظهر التحالف المركزي، الذى يحتوى فئات مختلفة.. حتى نهاية عام 2011 لم أشهد تدخلا مهما فى مجال عملى وحققنا أعمالا ناجحة فى قطاعى السياحة والثقافة أحدثت صدى عالميا. لكن الوضع اختلف بعد الفوز بانتخابات عام 2011. ظهر اختلاف فى وجهات نظرنا مع السيد أردوغان فيما يخص حماية الكيانات الثقافية والتاريخية. وفى نهاية عام 2012، الذى شهد نقاشات مكثّفة، تركت الوزراة ثم تركت الحزب فى نهاية عام 2013، الذى ظهرت فيه قضايا الفساد، وأصبحت مستقلا من جديد.

أنت رجل ذو توجه يسارى لماذا قبلت الاشتراك مع اردوغان فى حكومته كوزير للثقافة رغم الاختلاف الأيدلوجى ؟ ولماذا استقلت؟

عملت على إبقاء السياسة مرتبطة بالمبادئ السلمية، التى أؤمن بها. ولم أكن متعصباً لكيان أو طاقم أو حزب أو رئيس بعينه.

- هناك من يطالب بإقصاء الإسلاميين عن الحكم ويعتبرون أنهم المصدر الرئيسى للتطرف وأنهم ضد الدولة المدنية الحديثة هل تتفق مع هذه الرؤية؟

- الأحداث المشؤومة، التى وقعت مؤخرا، مهدت الطريق إلى ارتباط الإسلام بالإرهاب والتنظيمات الإرهابية بل خلقت حالة من الخوف من الإسلام فى الغرب وأنا أؤمن أن اجتثاث الإسلام من الغرب ليس هو الحل للقضاء على هذا الرفض بل على العكس لابد من إظهار الإسلام بالأمثلة الجيدة وتمثيله بشكل سليم. الممثلون المسلمون المثقفون والمتعلمون والمدنيون وأصحاب المعرفة، الذين يشاركون فى الإدارات الأوروبية، قد يساعدون فى القضاء على التطرف والخوف من الإسلام أيضا.

مشاعر الخلافة

 فكرة الخلافة التى يداعب بها أردوغان مشاعر مؤيديه تلقى رواجا شعبيا فى كثير من الدول الإسلامية هل ترى أنها فكرة واقعية؟

- أعتقد أن مناقشات الخلافة فى العالم الإسلامي، الذى عجز عن الاتفاق فيما بينه فى أى قضية، هو عمل بعض المتطرفين والجاهلين ومستغلى الدين.

هناك أطروحات كثيرة تحدثت عن مخطط لتقسيم الشرق الأوسط مثلما حدث فى بعض الدول العربية كالعراق هل تتفق مع ذلك؟ وهل تعتقد أن تركيا بعيدة عن مخططات التقسيم؟

- امتلاك ديمقراطية تعددية ودولة قانونية وسياسيات مسالمة فى الداخل والخارج بإخلاص سيُبقى تركيا بعيدا عن التوترات والصراعات قصيرة المدة واحتمالية الانقسام طويل المدى.

- هناك أطروحات بتشكيل ما يسمى بالحلف السنى المكون من مصر وتركيا والسعودية.. هل هذة الفكرة قابلة للتطبيق من وجهة نظركم ؟

لا يمكن لأى عاقل الدفاع عن فرضية كهذه ستقسِّم العالم الإسلامى من الداخل وستمهد لعداءات جديدة.

 كيف ترى مستقبل الإسلام السياسى فى المنطقة ؟

- المدافعون عن الإسلام السياسى يعملون على قراءة الفاتحة على روح الإسلام بعلم أو بدون علم. لكن أتمنى أن يتعلّم الإسلام المدنى الدرس من هذه الأحداث التى نعيشها.

مواجهة التطرف

 من أين نبدأ مواجهة التطرف الإسلامى خاصة فى ظل تنامى موجة الإرهاب فى المنطقة والعالم ؟

- على الرغم من أن العقيدة الإسلامية صحوة ومقاومة ضد الجاهلية، إلا أن الجاهلية ارتدت زى العقيدة الإسلامية خلال السنوات التالية وواصل سيادتها. ويتغذّى التطرف من عرف الجاهلية هذا. ولذلك السبب لا بد من هزيمة هذا الجهل أولا كى نتمكن من تحقيق النجاح المطلوب ولهزيمة الجهل فإن قراءة القرآن غير كافية، لا بد من تعريف المسلمين بالفن والرياضيات والمنطق والفلسفة والمجالات التقنية والجغرافيا والتاريخ وكافة أشكال العلوم البشرية والدنيوية.

هوية تركيا

هناك عدم وضوح فيما يتعلق بالهوية التركية، فالشعب يميل إلى الهوية الإسلامية واختار من رفع شعار الإسلام رغم التأكيد الدائم على أنكم دولة علمانية. هل هناك رغبة شعبية للعودة للهوية الإسلامية أم أن ذلك بفعل رفع بعض السياسيين لشعارات إسلامية؟

- فى المجتمعات الشرقية سرعان ما تتقمص الشعوب قميص السلطة، وبهذه الطريقة تقوم بإدارتها وتوجيهها

- هل ترى أن تركيا لم تهتم بالشكل الكافى بتطوير علاقتها العربية والإسلامية وهو ما كان يمكن أن يشكل تكتلا اسلاميا قويا ؟

ذكرت فى البداية أن العلاقات بين تركيا والدول العربية لم تكن جيدة تاريخيا. فقد شهدت بعض التناقضات والفجوات لفترة طويلة. لكن لا يمكن القول أيضا بأن علاقات الدول العربية فيما بينها جيدة. ففى الدول، التى تغيب الديمقراطية عنها لن تستطيع أن تحظى بالاهتمام والأهمية والتأثير الكافى أمام العالم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة