د. يونس مخيون  يتحدث إلى محرر «الأخبار»
د. يونس مخيون يتحدث إلى محرر «الأخبار»


يونس مخيون: «الإخوان» وضعونا على قوائم الاغتيالات لأننا أفشلنا مخططهم

د. أسامة السعيد

الأربعاء، 29 يونيو 2016 - 06:41 م

أرادوا استغلالنا فى «حرب بالوكالة» ضد الدولة.. ورفضنا للعنف وضعنا فى مرمى نيران الجميع

الحفاظ على الدولة هدف استراتيجى لنا.. ومصر بحاجة إلى اصطفاف وطنى كامل خلف القيادة

ستظل أحداث ثورة ٣٠ يونيو لحظة فارقة فى تاريخ الوطن، نقطة تغير عندها المسار والمصير، كثير من التفاصيل لا تزال بحاجة إلى التعرف عليها، ففى هذه الثورة بدأت صفحة جديدة من كتاب الوطن، سجلت فيها الكثير من المواقف، دخلت بعض الأسماء عبرها التاريخ، بينما خرجت أسماء أخرى إلى «سلة» النسيان.

حزب «النور» السلفى كان القوة الإسلامية الوحيدة التى وقفت مع الدولة ضد أطماع وأخطاء جماعة «الإخوان»، ورغم الكثير من الآراء التى تحيط بمواقف الحزب، إلا أن موقفه المغاير لبقية القوى الإسلامية بدا أمرا يستحق التوقف أمامه ومعرفة تفاصيله، لذلك التقينا الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور وأحد الشهود على وقائع ثورة «٣٠ يونيو» وما بعدها من احداث كبرى لا تزال حاضرة فى الذاكرة لكنها بحاجة إلى مزيد من التفاصيل.

التقينا د. مخيون فى مسقط رأسه «أبو حمص» بالبحيرة على مدى ساعتين كشف الكثير من كواليس تلك المرحلة الحاسمة، وأكد أن انحياز حزب النور للدولة المصرية ورفضه للعنف أفشل مخطط «الإخوان» فى إظهار ٣٠ يونيو على أنها حرب ضد الإسلام، وأشار إلى أن قيادات الجماعة رفضوا العديد من الفرص التى أتيحت لهم لحل الأزمة، وحتى المبادرات التى بذلت لحل الأزمة قبل فض اعتصام « رابعة» قوبلت بالتنصل من جانب قيادات الجماعة الذين استجابوا لضغوط خارجية وأعلنوا انهم أعدوا ١٠٠ ألف شهيد لإعادة المعزول مرسي.

أسرار كثيرة يكشفها د. يونس مخيون فى هذا الحوار..

دعنا نبدأ من مشهد الوضع السياسى قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣، تحالفتم فى حزب النور مع حكم جماعة «الإخوان» لكن سرعان ما بدأت الخلافات تعرف طريقها لعلاقتكم معهم؟

بداية اتحفظ على فكرة أننا تحالفنا مع «الإخوان» فقد دخلنا فى منافسة قوية معهم فى الانتخابات البرلمانية أواخر عام ٢٠١١ وبداية ٢٠١٢، وكانت المنافسة الانتخابية على أشدها بين حزب النور وحزب الحرية والعدالة، وبطبيعة الحال اختلف الأمر بعد الانتخابات، فقد حصل «الإخوان» على الأغلبية البرلمانية، وتعاوننا فى بعض القضايا تحت قبة البرلمان لمصلحة مصر، ولسنا وحدنا من تعاون معهم، فكل القوى السياسية كانت تأمل خيرا فى بدء مرحلة جديدة، وقد تعاملنا معهم بالظاهر، ولم نكن ندرى حقيقة نواياهم، لكن سرعان ما بدأت أخطاؤهم تتوالى، مثل الرغبة فى الاستحواذ على كل شيء، والانكفاء على الجماعة، وإقصاء الأخرين.

ولكنكم عندما بدأت الدعوة لتظاهرات ٣٠ يونيو أعلنتم رفضكم لها، وقلتم فى بيان رسمى أن شرعية مرسى خط أحمر، ثم عدتم لتطالبوه بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة .. كيف تفسر هذا التناقض؟

لا يوجد أي تناقض، ومواقفنا كلها متسقة تماما، ففى ٢٩ يناير٢٠١٣ أى قبل تظاهرات ٣٠ يونيو بعدة أشهر نصحنا «الإخوان» مرارا وتكرارا وكانت بيننا جلسات متكررة بأن يستجيبوا للمطالب المطروحة فى ذلك الوقت مثل تغيير الحكومة وحل مشكلة النائب العام والأزمة مع القضاة والإعلام، وقدمنا مقترحات لمواجهة حالة الاحتقان والاستقطاب فى المجتمع التى وصلت إلى مستوى خطير بسبب سياسات «الإخوان»، وأنا شخصيا نصحت الرئيس المعزول مرسى خلال حكمه فى اكثرمن مناسبة، لكننا لم نجد أى استحابة.

وعندما ظهرت حركة «تمرد» وبدأت جمع التوقيعات لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، رصدنا وجود تجاوب شعبي معها، ليس حبا في الحركة ذاتها، وإنما كرها لـ«الإخوان»، وكان رأينا فى تلك المرحلة أن التغيير لا يمكن أن يتم عبر جمع التوقيعات او الخروج إلى الشارع، حتى لا تكون سنة تؤدي إلى عدم استقرار الحكم لاحقا، وقلنا إن الرئيس كما جاء بالصندوق يذهب بالصندوق، وعقدنا مؤتمرا صحفيا قبل تظاهرات ٣٠ يونيو بخمسة أيام أعلنا فيه رأينا صراحة، وطالبنا مرسى بأن يستجيب لمبادرتنا مقابل أن يترك لاستكمال مدته وأن يفوض صلاحياته لرئيس الوزراء.

لكننا فوجئنا بجماعة «الإخوان» ترد بالدعوة إلى مليونية «رابعة» يوم ٢١ يونيو، وكانوا يرون أن الحل هو حشد مؤيديهم فى مواجهة المعارضين، وتمت دعوتنا للمشاركة فى تلك المليونية، لكننا رفضنا بشدة ونصحناهم بالتراجع عن تلك الخطوة الخطيرة التى ستؤدى لنتائج كارثية، لكنهم رفضوا مجددا الاستجابة، وبدأوا فى حشد مؤيديهم والاعتداء على المتظاهرين المعارضين لهم، وكل ما نعانيه اليوم هو نتيجة تلك النظرة الاستعلائية من جانبهم، وكانت النتيجة فى المقابل أن الناس نزلت إلى الشوارع بأعداد لم يتوقعها أحد، وارتفع سقف المطالب وبدلا من المطالبة باجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أصبح المطلب رحيل الرئيس.

وفى تلك الآونة أعلن الفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك تحذيره بضرورة حل الأزمة خلال ٤٨ ساعة، ورصدنا بالفعل وصول حالة الاحتقان فى الشارع إلى مستوى خطير.

هل كانت لكم أية اتصالات مباشرة فى تلك الساعات الحاسمة مع الجماعة أو مع الرئاسة.. وماذا كان يدور فى الكواليس وقتها؟
لم نكن نعلم أي شيء عما يدور داخل جماعة «الإخوان»، فكل القرارات كانت تأتي من مكتب الإرشاد، وللأسف الرئيس المعزول نفسه لم يكن يستطيع سوى الالتزام بتلك القرارات، وأنا استشفيت ذلك منذ أزمة الإعلان الدستورى الذى كان بداية الانقسام، فحتى نائب الرئيس فى تلك الفترة لم يكن يعلم عن الموضوع شيئا، وليلة ٣٠ يونيو دعينا للقاء مرسى بالرئاسة، وعندما سألت من سيكون حاضرا قيل لنا أنه سيجتمع مع رؤساء الأحزاب الإسلامية، فقلت لهم أن هذا خطأ كبير، فالرئيس يحصر نفسه فى دائرة «الإخوان» والقوى الإسلامية ولم أتمكن من الحضور، وبالفعل كان إصرار مرسى والجماعة على عزل أنفسهم فى الدائرة الإسلامية من الأخطاء الكبرى، ولعل المؤتمر الكارثى الذى نظموه لدعم سوريا فى الصالة المغطاة كان أحد الشواهد على ذلك.

وماذا دار في اجتماع ٢٩ يونيو مع الرئيس المعزول؟

فى هذا الاجتماع حضر المهندس جلال مُرة ممثلا عن حزب النور، وقد روى لى بعدها أن مرسى أخرج من جيبه ورقة قال إن الجيش أرسلها كمبادرة، وكانت تتفق تماما مع ما طالبنا به قبل ٦ اشهر، ولم تكن حتى تتضمن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بل كانت تتضمن تغيير الحكومة وإجراء مصالحة وطنية، ولكن للأسف حتى هذه المبادرة لم يستجب لها، ولو كان مرسى استجاب وأجرى انتخابات رئاسية مبكرة لما أريقت قطرة دم واحدة، ولكان فوت الفرصة على من كان «الإخوان» يدعون أنهم يريدون إزاحة مرسي، وهذا ما قاله الرئيس السيسى لاحقا عندما أعلن أنه لوكان مرسى استجاب لتلك المطالب لرفع الحرج عن نفسه وعن المحيطين به وعن القوات المسلحة، لكن قرار المعزول لم يكن من عنده، وانما من قيادات الجماعة، وهذا ما أدخل البلاد فى نفق مظلم، والآن بدأ بعض قادة «الإخوان» يوجهون نقدا ذاتيا لأخطائهم فى تلك المرحلة.. لكن بعد إيه.

شاركتم فى اجتماع ٣ يوليو والذى تم الاعلان خلاله عن عزل مرسى وبدء خارطة المستقبل … ماذا تم داخل هذا الاجتماع المصيري؟

بعد صدور بياننا الذى نؤيد فيه اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، اتصل بى اللواء محمد العصار يطلب حضورى إلى القاهرة على وجه السرعة لعقد حوار وطنى مصغر للتشاور فى الخروج من الأزمة، وكان من المفترض أن يحضر اللقاء حزب الحرية والعدالة بالاضافة إلى حزب النور وممثلون عن الأزهر والكنيسة وجبهة الانقاذ والشباب ومجلس القضاء الأعلى.

ولم اتمكن من الحضور بسبب إغلاق الطريق، وكدت أتعرض للأذى لاعتقاد الناس اننى كملتحى اتبع «الإخوان»، المهم أن المهندس جلال مُرة حضر الاجتماع، وقد وجدنا خلاله أن صفحة مرسى قد طويت، وأن القوى الحاضرة للاجتماع متفقة على ذلك، وطلب المهندس مُرة أن يمنح مرسى فرصة أخيرة للإعلان عن اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لكن كل القوى الموجودة تقريبا رفضت، والفريق السيسى وقتها لم يعقب، وترك القرار للقوى السياسية، وأصبحنا أمام أمر واقع وهو أننا مدعوون للتشاور بشأن خارطة المستقبل، وكان أمامنا كحزب خياران، الأول هو الانحياز لـ»الإخوان» او ما يسمى تحالف دعم الشرعية، وهذا كان أمرا مرفوضا تماما من جانبنا لأنه يعني الصدام والعنف ضد الدولة، وهو ما نرفضه تماما، فقد رفضنا خطاب التحريض والعنف وتقسيم المجتمع إلى اسلاميين وغير اسلاميين كما كان «الإخوان» يفعلون من على منصة «رابعة» لاستدراك عطف الشباب المتعاطف مع الفكرة الاسلامية، وكنا نرى أن الموقف هو صراع سياسى بامتياز وليس صراعا ضد الدين كما كان يروج «الإخوان»، ووجودنا فى المشهد أفشل هذا المخطط، فظهورنا كقوة اسلامية فى المشهد أقنع الجميع بزيف ادعاءات «الإخوان».

أما الخيار الثانى فكان التعامل مع الواقع والانحياز لمصلحة الشعب، وقد رفضنا الصدام مع الجيش بأى حال من الأحوال، فقد أدركنا أن هذا الصدام سيؤدى إلى نتائج كارثية وإراقة دماء وتخريب البلاد.

وهل كان هذا هو موقف كل قواعد التيار السلفي، أم أنه موقف قيادات الحزب فقط، لأنه تردد أن أعدادا كبيرة من السلفيين كانت مشاركة فى اعتصام «رابعة»؟

أولا ليس كل ملتحى بالضرورة من أعضاء حزب النور، وهناك سلفيات كثيرة، وهناك ملتحون لا ينتمون لأي حركة، والناس للأسف تعتقد أن كل ملتحي يتبع حزب النور، وأنا هنا لا أنفى إمكانية مشاركة أعداد محدودة من شباب الحزب المتحمسين فى اعتصام «رابعة» لكنهم عادوا لاحقا إلى الحزب، فالموقف فى تلك الفترة كان ملتبسا للغاية، وقد ساهمت وسائل الإعلام الموجهة من الخارج فى تشويه الصورة بشكل كبير، والشباب عادة يميل إلى القرارات الحماسية العاطفية، لكنه يدرك بعد ذلك أن القرارات العاقلة الهادئة التى تنظر إلى المصلحة العليا هى الأصوب.

ولكن موقفكم فى ٣ يوليو وما بعدها جعلكم فى مرمى نيران كل القوى، فالإخوان يتهمونكم بخيانتهم، والقوى المدنية فى الجانب الآخر تشكك فى موقفكم .. كيف تعاملتم مع هذا الموقف؟

كان الإمام الشافعى يقول «إذا أردت ان تعرف أين الحق، فانظر إلى أين تتجه السهام»، ونحن فى مواقفنا ننحاز للحق بغض النظر عن رأي الآخرين، وقد أفشلنا كما قلت مخطط «الإخوان» لإظهار ٣٠ يونيو و٣ يوليو على أنها حرب على الدين، وهم كانوا يريدون منا ان نحارب معركتهم بالوكالة، كما فعلوا مع «الجماعة الاسلامية» فاستغلوها وصدروها للمشهد، ثم اتهموها بأنها هى التى ارتكبت العنف والتحريض بينما يدعون أنهم أبرياء تماما، وكذلك فعلوا مع الجبهة السلفية، وورطوهم فى التحريض على العنف وكالعادة تبرأوا منهم، ولذلك من الطبيعى أن يهاجمنا «الإخوان»، بل ويهددوننا ويضعوننا على قوائم الاغتيالات لأننا فهمنا الصورة مبكرا، وكنا القوة الإسلامية الوحيدة التى رفضت المشاركة فى تمثيليتهم الهزلية، أما القوى المدنية فمنها قوى علمانية وليبرالية يمارسون الإقصاء أكثر مما يفعل «الإخوان» ويحاولون تشويه صورتنا تارة بالحديث عن تلقينا تمويلا خارجيا، وهذا اتهام عار من الصحة، فنحن لا نعتمد سوى على اشتراكات أعضاء الحزب، وتارة يتهموننا بأننا حزب «داعش» .

ما صحة قيامكم بوساطات مع «الإخوان» قبل فض اعتصامى رابعة والنهضة.. وماذا كان رد فعلهم؟

الحقيقة أن «الإخوان» أضاعو فرصا كثيرة ربما يتمنون الآن لو تتاح لهم فرصة واحدة منها، وبالفعل حصلت وساطات قبل فض اعتصام «رابعة»، ومنها أن أحد قيادات «الإخوان» اتصل بالشيخ ياسر برهامى وطلب دعم السلفيين لمبادرة د.محمد سليم العوا المطروحة وقتها، وكانت تتضمن ان يخرج مرسى ليعلن عن اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، واقترحنا أن يكون ذلك عبر خطاب مسجل، والشيخ برهامى خرج من اعتكافه الرمضانى فى تلك الفترة والتقى بالفريق السيسى وزير الدفاع آنذاك، وعرض عليه الأمر فكان رد السيسى أنه لا يمانع إذا اتفقت القوى السياسية على ذلك، إلا اننا فوجئنا بهذا القيادى يتنصل من الموضوع.

ويبدو انه كانت هناك اتصالات بينهم وبين مؤسسات خارجية كانوا يطالبونهم بالمزيد من الضغط على السلطة الجديدة عبر التظاهرات والبقاء فى الميادين، ثم كانت هناك محاولتان مع القيادى الإخوانى د. محمد على بشر، الأولى فى حزب الوفد، وقد حضرت القوى السياسية ولم يحضر بشر، ثم تم الاتفاق على عقد لقاء لطرح حل فى اجتماع بين د. بشر وبين د. بسام الزرقا ود. أشرف ثابت والمهندس جلال مُرة، وذهبوا إلى الاجتماع لكنه اعتذر فى آخر لحظة.

وهناك أيضا مبادرة الشيخ محمد حسان، والتى يتحفظ كثيرا فى الحديث بشأنها لكنها كانت إحدى محاولات حل الأزمة وكان معه ٦ من الدعاة وقد التقوا بقيادات «الإخوان» فطلبوا عدم فض الاعتصامات بالقوة واطلاق سراح كل المقبوض عليهم، وعندما التقى الدعاة بقيادات الدولة فى ذلك الوقت استجابوا للمطالب، لكنهم قالوا إنهم لا يمكنهم التدخل فى أحكام القضاء وطلبوا فى المقابل أن توقف جماعة «الإخوان» المسيرات التى تعطل حياة الناس ووقف التحريض على الدولة.

وخرج اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية وقتها وأعلن عدم فض الاعتصامات بالقوة، ولكن عندما عاد الدعاة إلى قيادات «الإخوان» لإبلاغهم بتطور المفاوضات، فوجئوا بهؤلاء القيادات تطلب منهم وقف اية مفاوضات، وتخبرهم أنهم جهزوا ١٠٠ ألف شهيد لإعادة الرئيس المعزول.

قلت من قبل أنكم تحملتم فاتورة أخطاء «الإخوان»… هل كنت تعنى بذلك اعتمادهم خيار العنف؟

بالفعل نحن تحملنا دفع فاتورة أخطاء «الإخوان» سواء خلال الحكم، او بعد ذلك، فللأسف الناس لا تفرق بين فصائل التيار الإسلامي، وتعتقد انه مكون واحد، وبالفعل تحمل التيار الإسلامى كله وليس فقط السلفيين أو حزب النور، فنحن من البداية رفضنا العنف وأعلنا ذلك بوضوح، بينما قادة «الإخوان» أطلقوا العنان للتحريض العلنى على الحرق والقتل، واعتبروا أن حرق المنشآت نوع من السلمية، وأفتى محمد عبد المقصود بجواز حرق بيوت الضباط وهذا موثق ومعلن على قنواتهم الفضائية.. إلا أن الحمد لله تحسنت الأمور وبدأ الناس يفرقون بيننا وبين «الإخوان» ويدركون اننا لم نتورط يوما فى اى عنف لفظى أو بدني، أما من يتعمدون عدم التمييز بيننا فهذه قضية أخرى.

لم تحققوا نتائج كبيرة فى انتخابات مجلس النواب الاخيرة، رغم حصولكم على ٢٤٪ من مقاعد البرلمان عام ٢٠١٢.. كيف تفسر ذلك؟

كما قلت التيار الإسلامي كله تأثر سلبا بتجربة «الإخوان» الفاشلة، كما تعرض الحزب لحملة اعلامية ممنهجة شاركت فيها كافة وسائل الاعلام الرسمية والخاصة، وكانت هناك دعاية مركزة للنيل من حزب النور، كل هذا بالإضافة إلى قانون الانتخابات المعيب الذى أعاد النظام الفردى وجعل القوائم مغلقة، وبالتالى اعاد ممارسات شراء الاصوات والرشاوى الانتخابية من جديد، وأحيا السطوة القبلية والعائلية، ونحن حزب فقير ماديا لا يستطيع مجاراة تقديم الرشاوى الانتخابية، كما ان الدولة تدخلت بقوة لمساندة تحالف «دعم مصر» وحزب «مستقبل وطن»، وكان هذا واضحا قبل وخلال الانتخابات، كل هذه العوامل أدت لفوزنا بأحد عشر مقعدا فقط، لكننا لا نعول كثيرا على العدد وانما على الفاعلية.

هل يعنى ما تقول أنكم تتعرضون للإقصاء؟

نعم بالتأكيد، نحن نتعرض لاقصاء واضح يريد تحجيمنا وقد بدا ذلك بوضوح من هندسة الانتخابات وطريقة وضع قانونها وكآنها مصممة لاستبعاد حزب النور، وهذا نراه خطأ كبير، فنحن داعمون للدولة المصرية، والحفاظ عليها هدف استراتيجى بالنسبة لنا، وكل مواقفنا تؤكد ذلك.

ألم تحاولوا أخذ موقع «الإخوان» على الساحة السياسية وقيادة التيار الإسلامي؟

لا.. لم نحاول أخذ موقع أحد ولسنا مهتمون بذلك على الاطلاق، ولا يعنينا ان نقود أحدا، فكل ما يهمنا هو استقرار مصر، وحتى لو كان الثمن هو اقصاؤنا، وقد قلت من قبل لو كان الحفاظ على الوطن يقتضى حل حزب النور، فلن نتردد فى اتخاذ القرار، فنحن حريصون على الإصلاح، وهذا الاصلاح لا يمكن تحقيقه فى وطن منقسم.

وكيف تنظرون إلى دعوات حظر الأحزاب ذات المرجعية الدينية؟

هذا كلام ساقط دستوريا وواقعيا، فالدستور تحدث فقط عن حظر الاحزاب الدينية التى تقصر عضويتها على اعضاء دين او طائفة معينة، ولا يتاح الانضمام اليه لكافة افراد الشعب، اما المرجعية الدينية فلا مشكلة فيها، فهى تماما مثل الاحزاب التى تقام على مرجعية اشتراكية او ناصرية او غيرها، ونحن أكثر الاحزاب التزاما بالدستور، ولدينا مواطنون اقباط اعضاء بالحزب وترشحوا على قوائمنا فى الانتخابات.

لكن الحديث لا يقتصر فقط على الاطار التنظيمي، وانما يمتد إلى الخطاب السياسى والممارسة وفصل الدعوة عن العمل السياسي؟

هذا بالفعل مطبق لدينا فى الحزب، فهناك فصل كامل بين الدعوة السلفية وبين حزب النور، ولكن ماذا يضير ان نترجم الشرع إلى ممارسة سياسية رشيدة، بمعنى اننا اتخذنا مواقفنا اعتمادا على الشريعة الاسلامية، فعندما رفضنا العنف والمشاركة فى المليونيات كان ذلك اعتمادا على حرمة الدماء فى الاسلام، وعندما حافظنا على الدولة واخترنا اخف الضررين، كان ذلك استنادا لقاعدة «درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة»، ولو كان «الإخوان» التزموا بهذه المبادئ الشرعية لما انساقوا إلى الموقف الراهن.

كيف تنظرون إلى ما يتردد من بعض الدوائر عن المصالحة مع من لم تتلوث ايديهم بالدماء؟
بغض النظر عن جماعة «الإخوان»، فإن مصر تواجه تحديات كبيرة وخطيرة داخليا وخارجيا توجب علينا الاصطفاف الوطنى خلف القيادة، لكن للأسف هناك بعض السياسات والمواقف لا تحقق ذلك، بل تؤدى إلى «التطفيش والفركشة»، وهناك سياسات سواء بحسن نية او بغير ذلك، الامر الذى يؤدى إلى تفكك تحالف ٣٠ يونيو، واعادة سياسات وبعض شخوص نظام مبارك، وهذا يؤدى ايضا إلى اصابة الشباب بالاحباط ويتصور ان الثورة انتهت، وعادت مصر إلى ما قبل ٢٥ يناير، ونحن بحاجة إلى اعادة الاصطفاف الوطنى وفتح المجال للمشاركة الحقيقية، والمعالجة السريعة لتجاوزات الأجهزة الأمنية فحتى لو كانت تصرفات فردية فهى تسيئ للجميع، ومن الضرورى استيعاب الشباب، واطلاق سراح الشباب المقبوض عليهم.

بوضوح شديد .. هل تقبلون بالمصالحة مع «الإخوان» بعد كل ما مضى؟

المصالحة يقررها الشعب المصري، فهو الذى أضير من ممارسات الجماعة وهو الذى يدفع الثمن بسبب أخطائهم وفشلهم ومسئوليتهم عن الدماء، وبعض قياداتهم بدأت تعترف بأخطائهم فى هذا الصدد.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة