رؤية مصرية

«أكذوبة» حماية المستهلك

أحمد طه

الأربعاء، 06 يوليه 2016 - 01:35 م

يتعرض المصريون كل يوم.. بل طوال اليوم لعمليات سرقة علنية وفاجرة من شركات الإتصالات والإنترنت.. وهذه الشركات لا تسرقنا فقط ولكنها تَستَغِلُ بخبث جهل ملايين المستهلكين بتعقيدات التكنولوجيا الحديثة وهي علي يقين من أن الزبون سيصدق أي كلام يقوله موظفو خدمة العملاء!!.. وبالصدفة سمعتْ مواطنة أحد هؤلاء الموظفين يقول لزميله «يا ابني إنت لو قلت للزبون إقتل نفسك..هيقتل نفسه»!!..فهم لا يرون في الزبون إلا مجرد بقرة حلوب وضحية ساذجة يمكنهم الضحك عليها ونهبها متي وكيف وأين شاءوا!!..ناهيك عن أن هذه الشركات لا تفكر في صرف جزء يسير من الأرباح الخيالية التي تحققها علي تطوير أجهزتها وتحسين آدائها المُتخلف للغاية بينما تنفق مئات ملايين الجنيهات علي إعلانات مُستَفِزَة منها إعلان حديث تردد أنه تكلف مئة مليون !!.. ويؤكد خبراء الإتصالات والإنترنت أن ما يقدم للمصريين من خدمات في هذا المجال هو الأسوأ والأبطأ والأغلي سعراً حتي قياساً ببلدان عربية مثل المغرب.
ولكن «أين الجهاز القومي لتنظيم الإتصالات»؟!!..وللإجابة عن هذا السؤال سأحكي عن تجربة رائدة خضتها مع عدد من النشطاء قبل سنوات.. كانت الشركتان المحتكرتان للمحمول «موبينيل وفودافون» قد قررتا فجأة نهاية عام 2003 رفع أسعار خدماتهما بصورة مبالغ فيها وغير مبررة مما أثار حالة من الغضب العارم لدي مستخدمي المحمول.. أُسقط في يد الجميع ولم يجدوا مَن ينقذهم من جشع هذا الغول الجديد.. دعوتُ إلي إجتماع للمتضررين بنقابة الصحفيين حضره حشد غفير.. واتفقنا علي تشكيل اللجنة الوطنية لحقوق المواطن التي تحولت لاحقا إلي «جمعية حقوق المواطن».. نظمت اللجنة حملة مقاطعة تدريجية للهاتف المحمول أجبرت الشركتين علي التراجع عن قراراتهما وتقديم باقات جديدة أفضل وأرخص..وكانت هذه الحملة الناجحة أول تحرك احتجاجي للمجتمع المدني دفاعاً عن الحقوق حتي ذهب البعض إلي اعتبار حملتنا الخطوة الأولي للحراك المجتمعي الذي مهد لولادة حركة «كفاية» وتُوِّجَ بالثورة الأعظم في تاريخنا.. وكان لافتاً أن أغلب قيادات جمعية حقوق المواطن انتقلوا إلي «كفاية» وصاروا من قادتها البارزين.. ونتج عن ذلك ضعف نشاط الجمعية حتي تم تجميدها وخاصة مع شُح الموارد ورفضنا التمويل الأجنبي.. ولكن تاريخ الجمعية القصير ونشاطها كشفا الكثير من أوجه الفساد بقطاع الإتصالات والتدليس الذي يُمارس علي المواطنين باسم حماية حقوقهم.. اكتشفنا أن جهاز تنظيم الإتصالات ينتقي مندوبين «مختارين» ليمثلوا مصالح المستهلكين.. وكان المندوبون حينها أربعة من كبار الصحفيين يتقاضي كل منهم ألفي جنيه لكل جلسة رُفعت إلي أربعة آلاف بعد أن قال كبيرهم إنه يتقاضي هذا المبلغ عن كل اجتماع في جهاز آخر!!.. وكانت المفاجأة الصادمة لنا أن الزيادات التي قررتها شركتا المحمول تمت بمباركة الجهاز والصحفيين الأربعة المفترض أن يدافعوا عن المستهلكين.. ولما صار نشاط الجمعية والقضايا التي رفعتها ضد الشركات والجهاز، مصدر إزعاج لقيادات الجهاز سعوا لإسكاتي « أو شرائي» فعرضوا تعييني مندوباً عن المستهلكين مع الصحفيين الأربعة الآخرين.. ويبدو أن هذه هي الطريقة المعتمدة لدي الأجهزة الحكومية للدفاع عن حقوق المستهلكين.. وأرجو ألا تكون محاولتهم الفاشلة لإسكاتي قد نجحت مع شباب «ثورة الإنترنت» الذين كشفوا بخبرتهم في المجال كيف تنهبنا الشركات المُقدِمة للخدمة ثم اختفوا كما ظهروا فجأة.
أما الجهاز القومي لحماية المستهلك المفترض أن يدافع عنا ضد الغش وغلاء الأسعار وتدهور الخدمات الرئيسية.. فلا وجود له إلا في الإعلام والإعلانات.. وأنا شخصيا تقدمت إليهم بشكوي عن تعرضي وآخرين للنصب من قبل شركة وهمية لصيانة غسالات «زانوسي» تزعم في إعلان تليفزيوني أنها الوكيل الوحيد بل بلغ فجرها أن تحذر من «المحتالين»!!.. وأبلغوني أنهم سيحققون بالأمر ويتصلون بي.. ولكني مازلتُ أنتظر.. ومازال الإعلان مستمراً.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة