نتنياهو
نتنياهو


ماذا تريد إسرائيل من القارة السوداء

هالة العيسوي- محمد نعيم

الخميس، 07 يوليه 2016 - 08:26 ص

فى جولته الأفريقية التى يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلى فى أربع دول شرقى القارة الكثير مما يثير القلق. فاقتحام القارة الأفريقية ليس جديداً على الدولة العبرية برغم طول الفراق الدبلوماسى الرسمى. لكن المظهر الاستعراضى الذى اتخذته الجولة ناهيك عن توقيتها، وعن موقع الدول التى شملتها فى منطقة حوض النيل، بخلاف القمة التى جمعت رؤساء ما لايقل عن ست دول أفريقية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى أثناء جولته تلك.. يثير العديد من الأسئلة ويقرع أكثر من جرس إنذار. وعلى الرغم من الصمت التام عن موضوع المياه وتطويق مصر استراتيجياً فإن الأهداف المعلنة لتلك الجولة فى حد ذاتها تستدعى الانتباه. 

قبل حوالى 30 سنة تمت آخر زيارة لرئيس وزراء اسرائيلى (شمعون بيريس) لأفريقيا.. هذه الأيام يقوم بنيامين نتانياهو بأول جولة لرئيس وزراء الاحتلال منذ ثلاثة عقود يزور فيها4 دول أفريقية هى كينيا واوغندا ورواندا واثيوبيا، وتتم فيها قمة تجمعه بزعماء 6 دول افريقية هى كينيا رواندا اوغندا اثيوبيا زامبيا وجنوب السودان ناقشوا فيها كل السبل الممكنة لدفع العلاقات بدءاً من تكثيف التعاون فى المجالين الأمنى والاستخباراتى وانتهاء بفرص الاستثمار الاقتصادى. 
لكن خلال المدة الفارقة بين جولتى رئيسى الوزراء الإسرائيليين لم تكن العلاقات بين الدولة العبرية والقارة السمراء بالفتور أو الانقطاع الذى يوحى به طول المدة. فمن وراء الستار كانت صفقات السلاح تتم مع الميليشيات الأفريقية المتناحرة، فضلاً عن تدريب تلك الميليشيات عسكرياً، وبالتوازى كانت العقود تتدفق على الشركات الإسرائيلية للتنقيب عن الماس والنفط لاستغلال الثروات الطبيعية للقارة البكر. وتطورت العلاقات الاقتصادية حتى أصبحت إسرائيل واحدة من المصادر الرئيسية للتكنولوجيا فى افريقيا سواء فى مجال الزراعة أو مشروعات المياه.
على المستوى الدبلوماسى حدث الانقطاع الرسمى فى العلاقات إبان حرب أكتوبر.. وقتها كانت الدول الأفريقية تمثل ظهيراً حقيقياً للقضايا العربية، لكن بعد إبرام معاهدة كامب ديفيد أخذت العلاقات الدبلوماسية بين الدول الأفريقية وإسرائيل فى التحسن ونشطت حركة التعاون الأمنى والاقتصادى حتى إن التوغل الإسرائيلى فى القارة بات حديث الدوائر العالمية ومصدر قلق وإزعاج لدى الأطراف العربية. 
على أن للدولة العبرية منطقها الخاص فى التعامل مع دول القارة مفاده أنه «كلما كان لدولة ما المزيد مما تقدمه لدول افريقيا كلما حصلت على الكثير من تلك الدول»..وهكذا يتضح كيف يمكن ان تكون للاستثمارات الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية آثار شديدة الأهمية على وضعها فى الساحة الدولية. فبفضل معارضة الدول الأفريقية الأعضاء فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تم اسقاط اقتراح يطالب اسرائيل بفتح منشآتها أمام مفتشى الأمم المتحدة. وقبل سنتين تم اسقاط اقتراح بقرار فى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية بسبب رفض كل من نيجيريا ورواندا تأييد الاقتراح. كان هذا الاعتراض نتيجة مباشرة للسياسة التى اتخذتها اسرائيل بتعميق علاقاتها بالدول الأفريقية قبل سنوات من هذا التصويت. وسوف تظهر بالأمم المتحدة عاجلاً أو آجلاً ثمار جولة نتانياهو لتوثيق العلاقات مع أفريقيا. المسئولون الإسرائيليون يقولون ان الهدف النهائى من هذه الجولة هو إزالة الأغلبية العربية التلقائية داخل الكتلة الأفريقية وهكذا يسمح للمزيد والمزيد من الدول الأفريقية بالتعبير عن تأييدهم لإسرائيل ليس فقط بشكل نظرى وإنما بشكل عملى.
ليس هذا هو المغنم الوحيد الذى تكسبه إسرائيل من اختراق القارة الأفريقية. وبخلاف ما تدفعه دول القارة من مواقفها السياسية مقابل المساعدات الإسرائيلية، تظل القارة منجم ذهب بكر بالنسبة للدولة العبرية. فوسط منافسة اقليمية ودولية على النفوذ فى القارة السمراء، أوجدت اسرائيل لنفسها موطئ قدم داخل دول القارة المفعمة بالنزاعات والحروب الأهلية وأخيراً بمكافحة تيارات الإرهاب المتأسلم، الذى تعانى منه - حسب تقرير لصحيفة جيروزالم بوست- كل من أوغندا وكينيا وإثيوبيا. وهذه الدول تخشى من ان ماحدث فى ليبيا ومالى وساحل العاج قد يحدث لهم أيضاً. لهذا فإنهم حريصون على توثيق علاقاتهم بإسرائيل. فالمسألة فى رأى الصحيفة لا تقتصر على الحصول من الدولة العبرية على المعرفة فى مجالات المياه والزراعة والطاقة، لكنها تمتد وبقدر كبير للسعى نحو الحصول على المعرفة والمساعدة فى مجال مكافحة «الإرهاب». أضف الى ذلك المد الشيعى الذى لم يكن ملموساً فى دول القارة لكنه اليوم يمثل ظاهرة تتراءى للعين وحسب تقديرات تقرير لصحيفة معاريف صار الشيعة يمثلون 12% من مسلمى نيجيريا، و21% من مسلمى تشاد و20% من مسلمى تنزانيا، و8% من مسلمى غانا. وقد أصبح الوجود الإيرانى أحد عناصر معادلة القوة فى إريتريا التى يتنافس فيها النفوذ الإيرانى مع السعودى مع الإسرائيلى.  ثمة أسباب أخرى تدفع دول القارة للارتماء فى أحضان إسرائيل حسب تقرير الصحيفة الناطقة بالإنجليزية هى الخوف من المصير الذى تواجهه ليبيا الآن وتناثرت شظاياه الى البلدان الأفريقية المجاورة مثل مالى وتشاد. على أن الانهيار الذى أصاب ليبيا كان له أثر إيجابى آخر من وجهة النظر الإسرائيلية لأنه أطاح بمعمر القذافى الذى وقف كحجر عثرة فى طريق تطبيع العلاقات الأفريقية مع إسرائيل، وكان العنصر الرافض القوى لدخولها الاتحاد الأفريقى بصفة عضو مراقب، الآن انفتح المجال واصبح الحلم على وشك التحقق.
وفى بلدان يبلغ معدل النمو بها 6% تبدو السوق الأفريقية مجالاً جيداً للتنافس والتواجد لاسيما أنه لا توجد قيود فى الدول الأفريقية للتعامل الاقتصادى وتبدو لهم اسرائيل مصدراً ثرياً للتكنولوجيا والعلوم الأمنية والاقتصادية . 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة