رئيس مركز القدس الدولي: إسرائيل تبنى تاريخا مزيفا عبر مدينة تحت الأرض

رضوى عبداللطيف

الخميس، 07 يوليه 2016 - 09:29 ص

فى رحاب المسجد الأقصى يقف كل يوم عشرات الآلاف من المصلين لأداء صلاة التراويح ليلا، بينما تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمصلين نهارا فى مشهد يشبه إلى حد بعيد المعركة الحربية بين محتل غاصب يهاجم بأسلحته الفتاكة وصاحب حق يقاوم ويدافع عن شرف أمة بأسرها، متسلحا بنداء «الله أكبر»، وينجح فى كل مرة فى صد هجمات العدو البربرى.. وبعيدا عن معاناة أهل فلسطين المسافرين للصلاة فى المسجد الأقصى وبعيدا عما يحدث فوق الأرض تدور أحداث أخرى تحت الأرض يكشف عنها د. حسن خاطر رئيس مركز القدس الدولى فى حواره مع «الاخبار» ويطلق نداءات مشروعة للأمة العربية والإسلامية من أجل نصرة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لعلها تكون ساعة استجابة.

> فى بداية حديثنا ...نشرت بعض الصحف العبرية أن إسرائيل تبنى مدينة يهودية أسفل المسجد الأقصى المبارك كما نشرت بعض الصور للمدينة اليهودية الفريدة من نوعها التى تقع أسفل القدس ..فما حقيقة وجود هذه المدينة ؟

ــ الحفريات فى المدينة المقدسة قديمة جدا يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر وتحديدا عام 1864 وكانت تجريها جمعيات ذات طابع دينى قبل قيام دولة الاحتلال وقبل ولادة الحركة الصهيونية ومن ضمنها صندوق استكشاف فلسطين وبعض الجمعيات التوراتية التى كانت تبحث عن نصوص توراتية فى المدينة المقدسة. وعندما أحتلت فلسطين استمرت إسرائيل فى أعمال الحفر التى زادت وتيرتها عقب نكسة 1967 وأصبحت هناك حفريات مكثفة أسفل المسجد الأقصى وتحت البلدة القديمة ومنذ ذلك الحين أخذت الحفريات الإسرائيلية الطابع السرى خاصة فى الحفريات أسفل المسجد الأقصى. وفى الفترة الأخيرة أصبحت تتخفى أكثر فأكثر على اعتبار ان الهدف لم يعد علميا وخاصا بالبحث عن حقائق تاريخية تحت الأرض ولكن الهدف هو فرض الرواية الصهيونية على تاريخ المدينة المقدسة وصناعة هذا التاريخ بطرق مختلفة سواء تحت الأرض أو فوقها. و بناء على ذلك قاموا بحفر أنفاق بدأت منذ عقدين من الزمن و استمرت أعمال الحفر. وهناك 5 مراكز رئيسية للحفريات تحت أساسات البلدة القديمة ومن خلالها أنشأوا شبكة أنفاق أسفل مدينة القدس وتم التعمق فى بعض الأنفاق الأخرى وأنشأوا صالات ومتاحف وكنس يهودية .

قدس جديدة

> ماذا عن الحفريات أسفل المسجد الأقصى تحديدا..وهل أقامت إسرائيل هيكلها المزعوم تحت الأرض؟

ــ أسفل المسجد الأقصى وعلى عمق ما يقرب من 50 مترا من سطح الأرض هناك حفريات متعددة تم الإعلان عن بعضها وتشمل كنسا يهودية وأنفاقا وصالات وهناك أعمال سرية لم يتم الإعلان عنها وهو ما تم التلميح لها فى بعض وسائل الإعلام العبرية . ولكن من دون تفاصيل إذا كانت الحفريات المستمرة منذ سنوات بهذه الخطورة التى نعرفها جميعا فكيف هى الحفريات الجديدة التى يتم التستر عليها اليوم؟ فهى على عمق أكبر وقطعا تشكل خطرا أكبر مما سبق.

وهناك منطقة ساحة البراق يتم العمل فيها بشكل مكثف ولكن لا نعرف بالتحديد إلى ماذا انتهى بعد ان حولها الإحتلال لحائط المبكى ويقيم أسفلها أكبر مجمع للمبانى اليهودية فى العالم ومنها الكنس الأزرق وبيت التوراة ومركز لخدمة الجمهور ومعرض كلها تحت الانشاء فى هذه الساحة وأسفلها . وهى أيضا نقطة التقاء شبكة الأنفاق الموجودة أسفل البلدة القديمة والممتدة حتى عين سلوان جنوبا ومن باب الثغرة حتى ساحة البراق وفى الحى اليهودى اقاموا مصعدا تحت الارض لنقل اليهود من ساحة البراق دون المرور على العرب فى المدينة. ولا نعرف ما إذا كانت هذه البنايات جزءا من هيكل سليمان أم لا .فقد أصبح هناك شبه مدينة أخرى أسفل القدس جديدة فى شكلها وهويتها وفيما يريد اليهود أن يفعلوه فى هذا العصر وهو يسعى أيضا من خلال مشاريعه السرية لتخريب ما هو فوق الأرض فلقد وجد لنفسه حيزا جغرافياً أكبر تحت الأرض لأنه عجز عن ذلك فوق الارض فى مدينة القدس . فالأرض عربية وأهلها يدافعون عنها ويتمسكون

بها . ولقد بدأت التصدعات والتشققات فى سور القدس وسور المسجد تظهر بشكل مكثف كما حدثت انهيارات فى بعض الاجزاء.

> رغم المقاومة المستمرة من أهل القدس لممارسات الإحتلال الصهيونى إلا أنه فى النهاية يتم طرد العرب وتهدم منازلهم وتصادر أراضيهم وتبنى المستوطنات فى المدينة فى إطار حملة الاحتلال لتهويد القدس المستمرة منذ سنوات ..فما حاجة إسرائيل لمدينة أخرى تحت الأرض؟

ــ إسرائيل تسعى لتطبيق مخططها ومشروعها بطريقة أسرع مع شرعنة ما تفعله والسيناريو الجديد والمتوقع أنها ستتدعى بأن بنايات البلدة القديمة أصبحت متصدعة وتملأها الشقوق وهى تمثل خطرا على حياة سكانها وبالتالى يجب إخراج المقدسيين من بيوتهم . ليس هذا فقط بل يمكن أن تطبق نفس السيناريو على المسجد الأقصى وتوضع أسلاك شائكة على أجزاء منه بحجة الحفاظ على سلامة المصلين نظرا لوجود تشققات وتصدعات يمكن أن تؤدى إلى انهيارات وبالتالى تكون قد وضعت يدها على كل ما أرادت لتهدمه وتبنيه بالطريقة التى تريد. وهى أسرع طريقة للتخلص من سكان القدس العربية. اسرائيل تريد السيطرة على التاريخ والجغرافيا معا وقد تنجح فى ظل الصمت العربى والإسلامى والدولى لأن الصمت العربى يترجمه الاحتلال بأنه ضوء أخضر للإستمرار فى جرائمه دون رقيب ودون محاسبة .

لجنة عربية

> خلال شهر رمضان تم الإعلان عن الانتهاء من أعمال الترميمات التى قامت بها هيئة أوقاف الأقصى فى المسجد والمستمرة منذ 5 سنوات فما دور الهيئة فى التصدى للاعتداءات الإسرائيلية ؟

ــ الأوقاف ترعى المسجد من ناحية إدارية وفنية ولكن تعرف القليل عما يفعله الاحتلال أسفل المسجد الأقصى. هى تعترض وتحتج ولكن فى النهاية لا تستطيع فعل شيء . لكنها تشاهد التشققات المنتشرة فى المسجد الممتدة للمسجد الأقصى القديم الموجود أسفل المسجد الأقصى الحالى بطابقين تحت الأرض وهناك تصدعات كبيرة شاهدتها بنفسى وتابعت الترميمات التى أجرتها الهيئة ولكن وصول هذه التشققات للأعمدة والأساسات حتى بعد الترميم يعنى ان الخطر داهم وان الاقصى فى خطر. لذا فأنا أطالب منظمة التعاون الاسلامى وجامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو بتشكيل لجنة دولية من المختصين فى الهندسة والجيولوجيا والاثار لمعرفة حال المسجد الأقصى بالأرقام والحقائق العلمية وما حجم الخطر الذى يهدد سلامته كى تنقذه من أيدى الاحتلال فهو ثالث أكبر المقدسات الإسلامية فى العالم وهو جزء من عقيدة مليار ونصف مليار مسلم.

حقوق الأقصى

> بصفتك أحد المصليين الذين خاضوا «موقعة» السفر للقدس والمرور عبر الحواجز الأمنية للصلاة فى المسجد الأقصى..صف لنا رحلة الذهاب للصلاة فى الأقصى ؟

ــ بداية المعاناة كبيرة لشد الرحال للمسجد الاقصى ومن يذهب للصلاة فى الاقصى كالمجاهد الذى يذهب للحرب لا يعرف اذا كان سيرجع أم لا؟ فالطرق محفوفة بالمخاطر والإحتلال يطوق مدينة القدس وشوارعها والحواجز العسكرية فى الأزقة والشوارع حول المسجد الاقصى وجنود الإحتلال يقفون مدججين بالسلاح فى حالة تأهب ينتظرون أى سبب للإنقضاض على المصلين. مع حرارة الجو والانتظار لساعات طويلة فى طوابير الحواجز الأمنية يتساقط كثير من النساء وكبار السن مغمى عليهم من هذه الظروف اللإنسانية ولكن رغم ذلك فرحتنا لا توصف عند الدخول للمسجد تلبية لنداء الرسول (صلى الله عليه وسلم) بشد الرحال للأقصى اولا لأننا لبينا نداء الرسول محمد وثانيا لأن دخولنا يمثل انتصارا على المحتل وقد وصل عدد المصلين فى رمضان إلى 350 ألف مصل رغم منع الاحتلال لمن هم دون الخمسين من الدخول لمدينة القدس والصلاة فى المسجد وهذا دليل على قوة الإرادة والتحدى والمقاومة لدى كل من هم فى الأقصى. ومن المظاهر اللافتة هذا العام وجود وفود من الدول العربية والإسلامية تزور الأقصى فى رمضان.

> هذا التواجد العربى والإسلامى بادرة طيبة ولكن ما تقييمك للأداء العربى فيما يخص الاهتمام بالمسجد الأقصى المبارك؟

ــ أود ان أوجه نداء بسيطا لأخواتنا فى العالم العربى والخليج العربى والمملكة العربية السعودية فيجب ان تعرفوا ان للأقصى حقوقا على الأمة وله نصيب من أموال الأمة العربية وهذا واجب على كل مسلم. فكيف نعيش عصر الثراء العربى الفاحش والمسجد الاقصى ليس فيه مظلة يحتمى بها المصلون من الشمس وكيف تتواجد به كل هذه المساحات الخربة المغطاة بالأتربة والحجارة والأخشاب ؟ ولمصلحة من؟ عليكم وضع مشروع ضخم لإعادة إعمار المسجد الاقصى

وأوجه ندائى إلى مصر وعندما أقول مصر فهذا ليس غريبا عليها فالأموال المصرية هى التى بنت مسجد قبة الصخرة فى عهد عبد الملك بن مروان التى نتباهى بجمالها اليوم عندما بناها من خراج مصر لمدة 7 سنوات. لذا يجب ان يكون للأقصى نصيب من أموال مصر الحديثة كما كان فى الماضى . فالأقصى ليس له نصيب من أموال العرب فى هذا الزمان هذه حقيقة يجب ان تسمعوها حتى لو لم تعجب البعض. فنحن لا نحتفى بوجبات أفطار الصائم التى تقدمها بعض الدول أمام حاجات الأقصى الاستراتيجية فواجبنا ان يحظى بالاهتمام الذى نوليه للمسجد الحرام والمسجد النبوى الشريف ولكن للأسف لا أحد يلتفت إليه ولا إلى احتياجاته.

شد الرحال

> هذا يدفعنا للحديث عن الجدل القائم بشأن دعوات شد الرحال للمسجد الأقصى عربيا وإسلاميا البعض يجيزه إعمالا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم والبعض الآخر يعتبره تطبيعا مع العدو ..فإلى أى الفريقين تميل؟

ــ شد الرحال هو أهم موضوع ننصر به الأقصى فى هذا العصر وهناك علماء أصدروا فتاوى بتحريم زيارة القدس ولكنهم تراجعوا عن موقفهم بعدما عرفوا الحقائق والخطر الداهم الذى يحيط بالأقصى. والحقيقة إنه كلما زاد عدد المصلين والمعتكفين داخل المسجد الأقصى قلت الاقتحامات اليهودية كان فارغا من المصلين يدنسه المستوطنون وهذه معادلة واضحة. لذا نطالب أخوتنا المسلمين فى دول العالم ممن يسهل عليهم الوصول للمسجد الأقصى أن يأتوا إلى الأقصى ونحن هنا نتحدث عن 500 مليون مسلم يستطيعون القدوم كما يسافرون لباريس ولندن وأى عاصمة عالمية أخرى. واستبعد هنا الدول التى ليس لها علاقات مع اسرائيل فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ..وليبقى الأقصى عامرا بأهله وبالمسلمين من شتى أنحاء العالم وليشارك الجميع فى معركة القدس والمقدسات قبل فوات الأوان. فجزء مهم من المعركة ان تتحول أسواق القدس لأماكن خربة وهو ما يحدث بالفعل فأهل القدس يعانون والاحتلال يريدهم أن يهاجروا من القدس ويبحثوا عن أرزاقهم فى مكان آخر خارج أسوار القدس. لكننا نريده أقصى عامرا وقدسا عامرة. فالمطبوعون هم من يذهبون لقضاء عطلاتهم فى المنتجعات الإسرائيلية او القادمون للعمل فى إسرائيل لذا نريد أن نتجاوز هذا الجدل البيزنطى ولنوقف معا الطوفان الاستيطانى الذى يغرق القدس.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة