يحدث في مصر الآن

العدو الإسرائيلي عضواً في الاتحاد الإفريقي

يوسف القعيد

السبت، 09 يوليه 2016 - 04:15 م

 

سأختلف علي طول الخط مع الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في التصريح المنسوب إليه. والذي يقلل فيه من أهمية زيارة رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نيتانياهو إلي عدد من الدول الإفريقية. كانت الدولة الأهم فيها هي أثيوبيا. والتأكيد علي أن الأفارقة معنا.
فوجود نيتانياهو - هنا والآن - في الدول الإفريقية الحاضنة لدول الوطن العربي التي تقع في إفريقيا. والتي تشكل المصب الرئيسي لنهر النيل لا بد أن يطرح علينا أسئلة لا يجدي معها أن نتهرب من الأمر أو أن نقلل من أهميته. ولا بد أن نضعه في سياقه الطبيعي.
آلمني كثيراً جداً ما قاله نيتانياهو في أديس أبابا أنه يحاول في زيارته هذه تقريب وجهات النظر بين أثيوبيا ومصر بخصوص سد النهضة. فليس بخافٍ علي أحد الدور الإسرائيلي - علاوة علي أدوار أخري بعضها عربي للأسف الشديد - في إقامة سد النهضة. ثم إنني لا أعتقد أن مصر طلبت منه ذلك. هذا لا يمكن أن يتم.
هل نعرف أنه علي مدي العشرين عاماً الماضية لم يكن يجرؤ مسئول إسرائيلي علي زيارة دولة إفريقية منذ عملية مطار عنتيبي الشهيرة وتعاطفاً من الأشقاء الأفارقة معنا في صراعنا الأبدي مع العدو الصهيوني. كانت معظم الدول الأفريقية تقطع علاقتها بالكيان الصهيوني. والدول التي أعادت علاقاتها تم هذا بعد كامب ديفيد والعلاقات الدبلوماسية المغتصبة والمعادية لروح الشعب المصري بين من كانوا يحكمون مصر والكيان الصهيوني.
الألم الناتج من هذه الزيارة لا حدود له. فالتحليلات الصحفية التي طرحت سؤالاً حول جولة نيتانياهو. هذه الجولة ضد من؟ وأكثر دولة نالت مكاناً في الإجابات كانت إيران. تليها الصين. ثم أتت دول أخري مثل: روسيا واليابان والهند. آلمني بلا حدود أنه لم يتكلم أحد عن الدور المصري في إفريقيا الذي سبق كل هذه الدول. وكان له وجود لا يمكن إنكاره أو التقليل منه.
هل يمكن القول ان حركات التحرر الإفريقية - جميعها - انطلقت من القاهرة. وأصبحت مصر هي الحاضنة التي ولدت علي يديها معظم - إن لم يكن كل - الدول الإفريقية التي تشكل دولاً الآن. بصرف النظر إن كانت فرنكفونية ترتبط بالثقافة الفرنسية. أو أنجلوفونية ترتبط بالحضارة الإنجليزية. كانت مصر تسبق باريس وتأتي قبل لندن في وعي ووجدان الأشقاء الأفارقة.
لا أريد أن أنكأ الجراح. لكن لا بد من النظر لهذه الزيارة أنها خصم من رصيد مصر الأفريقي. حتي لو تشدق نيتانياهو بالوساطة مع أثيوبيا. وقد أكدت لي ظنوني ما قاله أستاذ جامعي صهيوني متسائلاً: ماذا قدمت مصر لإفريقيا غير الخراب والدمار والتعصب والإرهاب؟ ووصف موقف بعض المثقفين المصريين بالبارانويا المصرية التي تستحق العلاج. وتحدث مطولاً عن نظرية المؤامرة التي تحكم سلوك المصريين.
تابعت الزيارة وهالني الكلام الذي قيل في أديس أبابا عن إحياء فكرة البنك المائي. وأن إسرائيل يمكن أن تكون لها حصة في مياه النيل. بل وحاولوا تذكيرنا بمشروع ترعة السلام التي جري كلام بشأنها بعد كامب ديفيد. ثم ذهب الكلام مع الرياح ولم يبق منه شئ. لكنهم يلوحون به الآن.
في كل العواصم التي زارها نيتانياهو كان يتحدث عن الخبرة العلمية التي تقدمها إسرائيل للدول الإفريقية. وأيضاً لم ينس الكلام عن المنح المالية التي قدموها للدول التي زارها نيتانياهو. وقد قال في أثيوبيا ان إسرائيل قدمت بمناسبة الزيارة 19 مليون يورو للدول التي زارها.
تل أبيب بدأت تتكلم عن المقاطعة الموجهة لها باعتبارها من ذكريات الماضي. وعن العزلة التي كانت تعاني منها علي أنها صفحة من تاريخها البعيد. وأنها انتهت. وأن تل أبيب الآن تعد أهم العواصم الشرق أوسطية التي يسعي إليها الجميع.
الآلام بلا نهاية. فعندما كان نيتانياهو في أثيوبيا أُعلِن اقتراح أثيوبي بأن تسعي أثيوبيا لأن تكون إسرائيل عضواً مراقباً في الاتحاد الإفريقي.
سأهجر السياسة وأتكلم عما يعنينا في الأمر. نهر النيل أولاً. نهر النيل ثانياً. نهر النيل ثالثاً وأخيراً. وما زلت أذكر العبارة التي قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي في البرلمان الإثيوبي عندما قال إن قضية سد النهضة قد تكون قضية فنية بالنسبة للأثيوبيين. لكنها قضية حياة أو موت بالنسبة للمصريين.
علينا أن نضع زيارة نيتانياهو الإفريقية في سياقها الطبيعي. فهي ليست توسعاً إسرائيلياً ولا طياً لصفحة المقاطعة الإفريقية لإسرائيل. ولا محاولة لتطويق العرب الأفارقة من خلال الالتفاف عليهم عبر الدول الإفريقية الحاضنة له. إن هذه الزيارة يجب أن تكون بالنسبة لنا قضية حياة أو موت

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة