حق ربنا

بحب الدنيا ..!

عصام حشيش

السبت، 09 يوليه 2016 - 04:37 م

أعظم سفينة في العالم ولو كانت تيتانك تحتاج إلي الماء لتبحر فيه لكن لو دخلت المياه إلي داخل السفينة تغرق.. وكذلك الإنسان يحتاج إلي الدنيا ليصل بها في النهاية إلي غايته وهي دخول الجنة ولكن لو دخل حب الدنيا إلي قلبه وانساه غايته واستبدل جنة الاخرة بجنة الدنيا يهلك ويضيع! وأنا وانت الآن في لجنة اختبار هي الدنيا فهل نتركها تستحوذ علي قلوبنا فلا نري غيرها ولا نتمني إلا متاعها أم نفرمل ونصحح وجهتنا فتكون الدنيا بكل ما فيها بين اصابعنا ولا نتركها تستولي علي قلوبنا؟!
> كل واحد فينا يريد لابنه أن يكون عظيما من عظماء الدنيا.. نعم.. تراه يشجعه ليدرس الطب أو الهندسة أو الزراعة ويدعمه ليسافر ويكسب وينجح فينال المركز الأدبي والمكسب المادي، فإذا فعل وحقق امنياته ارتاح الاب وشعر بالسعادة والرضا.. لكن لو ابنك لا يصلي ما موقفك؟ ولو ضيع حقوق الله عليه كيف تمنعه؟ هل من اهدافك التي تجتهد عليها ان تدعم ابنك ليدخل الجنة مع حبيبك النبي؟ ما رأيك في رجل يعود إلي بيته متعبا من عمله اذا لم يجد زوجته اعدت الطعام ثار وهاج وماج.. ولكن اذا وجدها لم تصل الظهر ولا العصر لانها مشغولة بطعامه الذي يحبه تجد علي وجهه السرور والرضا.. ماذا تقول في هذا الرجل؟
> السيدة فاطمة بنت رسول الله وأم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة وزوجة سيدنا علي رضي الله عنهما لا يوجد في بيتها لقمة تأكلها لا هي ولا أولادها.. تذهب إلي أبيها لتشكو له حالها فماذا فعل الحبيب؟ قال لها ان شئت اعطيتك خمس عنزات وان شئت اعطيتك خمس كلمات علمنيها جبريل عليه السلام هي مفاتيح خزائن الله فتقول وهي بنت ابيها: بل الخمس كلمات يارسول الله.. فيقول: قولي اللهم يا أول الاولين يا اخر الاخرين يا راحم الضعفاء والمساكين ياذا القوة المتين يا ارحم الراحمين.. وعادت إلي زوجها بها وروت له.. فقال لها الزوج الواعي: لقد جئت بخيري الدنيا والاخرة.. فهل النبي - صلي الله عليه وسلم- لم يكن ينظر لمصلحة ابنته وكيف تأتيه جائعة فيرد طلبها الدنيوي ويوجهها إلي الآخرة وهي في هذه الحال؟.. بل هو يعرف مصلحتها ويعطيها ما ينفعها.
> انظر وتعجب كيف يتعامل النبي - صلي الله عليه وسلم- مع الدنيا.. يأتيه ضيف فيرسل إلي بيوته وزوجاته يسألهن طعاما لضيفه.. فيأتيه الرد من بيوته التسعة: والذي بعثك بالحق ما عندنا إلا ماء! الرسول لا يعرف إذا كان في بيوته طعام.. وزوجاته لم يشتكين.. لم يتأفف أو يتضرر ولا زوجاته.. وعرض علي اصحابه قائلا: من يضيف ضيف رسول الله. فالرسول الذي لو اراد لحول له الله جبال مكة إلي ذهب لم يعيبه ان تنقص الدنيا في حياته.. نعم ليس عيبا أن تنقص الدنيا ما دمت قائما علي أمر الاخرة.. والله يعرف هواك ويقول «بل تؤثرون الحياة الدنيا».. ولكنه يعطيك الاجابة الصحيحة بعدها مباشرة لتلزم نفسك بها ولك الجنة فيقول: «والاخرة خير وابقي» فكيف نقلل الدنيا التي انفتح سقف شهواتنا أمامها.. نريدها ونتكالب عليها ونتغافل بها عن الاخرة رغم ان كل ما نجمعه منها لن نأخذه معنا.
> الدين الحقيقي ليس معلومات نقرأها ولكن ممارسة نعيشها.. والذي يدرس السباحة من  كتاب لو القي نفسه في البحر يغرق.. فلابد من دورات تدريبية لممارسة الدين والاقتراب من حياة الرسول والتعرف علي طريقته لنعيش بها حتي ننجح ونفوز بمحبة الله وبمغفرة ذنوبنا.. نعم.. فكلنا يظن نفسه علي خير وكلنا راض بما يقدمه للدين ويدعي ان قلبه ابيض وان ما بينه وبين الله عامرا، ومن هذا الباب يدخل عليه الشيطان ليعطيه الاحساس بالامان.. فما بالنا وابوبكر الصديق يقول: لو ان لي قدما بالجنة والاخري خارجها ما أمنت مكر الله!
عمر بن الخطاب يقول خائفا: لو نادي مناد بأن كل الناس يدخلون الجنة إلا واحدا لظننته عمر فاذا كان هؤلاء خائفين.. فلماذا نحن لا نخاف؟

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة