جانب من الحوار
جانب من الحوار


د. جابر عصفور: الرئيس يحقق إنجازات ضخمة.. والحكومة تعاني الترهل |حوار

ميرفت شعيب

الأحد، 10 يوليه 2016 - 03:13 ص

د. جابر عصفور من كبار المثقفين الحريصين على المشاركة بآرائهم فى جميع الاحداث الوطنية وهو استاذ النقد الادبى الذى تخرجت على يديه اجيال من المثقفين والكتاب..تولى وزارة الثقافة مرتين الاولى فى وزارة أحمد شفيق لمدة 9 ايام فقط والثانية فى وزارة إبراهيم محلب لمدة 9 شهور ويرى أن الثقافة المصرية بخير، وأن مصر ولادة وهناك أجيال جديدة من المبدعين الشباب، ويؤكد أن أكبر مشكلتين تعوقان التنمية هما الأمية والفقر وأن قصور الثقافة يمكن ان تغير وجه مصر لوفتحت أبوابها واديرت بشكل صحيح ويطالب رجال الأعمال ببناء قصور ثقافة بجميع انحاء الجمهورية لتستوعب الشباب وتواجه الفكر المتطرف ويشير الى ان ميزانية وزارة الثقافة لوقسمت على عدد السكان لكان نصيب كل فرد جنيه وربع سنويا ! وغيرها من الآراء الهامة فى الحوار التالى..

> باعتبارك من قدامى المثقفين كيف ترى الواقع الثقافى الآن؟

الواقع الثقافى أقل كثيرا من قدرات مصر الحقيقية فلدينا ميراث ثقافى هائل حتى الآن لدينا شخصيات وقامات ثقافية كبيرة رغم ان الثقافة المصرية حدث لها نوع من التجريف وفقدت الكثير من الاصوات الابداعية الكبيرة فى العديد من المجالات الابداعية التى رحل جيل رائد فيها ولكن الحمد لله ان مصر ولادة لأن مصر كلما رحل منها شخصية ابداعية يولد غيرها.. وانا لا اصدق من يقول ان فى مصر ازمة ابداع فالابداع مستمر ومتواصل وهناك جيل يعقب جيل ولكن هناك خصائص تختلف من جيل الى جيل فقط، وهذا لا يمنع ان كل جيل يرحل يعقبه جيل شاب يمارس الابداع الحقيقى والمثال على هذا الرواية بعد رحيل نجيب محفوظ ويوسف ادريس وعبد الغفار مكاوى وسليمان فياض وجمال الغيطانى لكن هناك اجيالا جديدة تنبت وانا شخصيا حتى الآن لا استطيع ان الاحق على طوفان الابداع الروائى المستمر من الاجيال المختلفة فالثقافة المصرية بخير لكن الى اى مدى نستطيع ان ننظم هذه الطاقة الابداعية الخلاقة ..أظن اننا لا نعرف لأن ليس هناك خطة ولا استراتيجية واضحة واكاد اقول ان غياب الاستراتيجية لا يخص الابداع فقط لكن فى كل شيء فلدينا قدر كبير من العشوائية بدليل ان هناك العديد من الاشياء ينادى رئيس الجمهورية بالقضاء عليها لكن لم يقض عليها مثل الفساد والبيروقراطية المنتشرة فى كل مكان فلوسالنا انفسنا عن الفارق بين 30 يونيو ما بعده.

انجازات ضخمة

> كيف ترى هذا الفارق على الصعيد الثقافى؟

انجازات ضخمة تحققت على مستوى المشروعات التى يشرف عليها رئيس الجمهورية شخصيا مثل قناة السويس والمليون ونصف المليون فدان ومشروعات توليد الطاقة الكهربائية والمفاعل النووى وهذا يعنى ان الحكومة لم تقدم خطة استراتيجية واضحة المعالم محددة بتواريخ للانجاز تلتزم بها ويحاسبها الشعب على أساسها فما يخص الرئيس متقدم ومزدهر وما يخص الحكومة متأخر ويعانى من الترهل البيروقراطى والفساد، ولايمكن ان يتابع الرئيس بنفسه كل صغيرة وكبيرة والفعل الثورى الذى ينجز فقط فى المشروعات التى يشرف عليها الرئيس بنفسه وعلى مستوى الفعل الابداعى لدينا غولان متوحشان يهددان كل مشروعات التنمية بالفشل هما الأمية مع الجهالة والإيمان بالخرافات والثانى هوالفقر لأن 40 % من الشعب تحت مستوى الفقر وليس لدينا «استراتيجية مواجهة» فنحن فى حالة حرب وليس جيشنا فقط من يحارب ولكن المدنيين والحكومة نحارب من اجل 30 يونيولكى تنجح وتستمر ولكن اجهزتنا متهالكة وللاسف تنتمى فى اغلبها الى انظمة سابقة متخلفة ونحن نرى ان عجلة الدولة تدار بنفس الطريق التى كانت تدار بها أيام الرئيس الاسبق مبارك فما الفارق مثل واقعة تسرب امتحانات الثانوية العامة لعدم خلق نظام جديد فعال للامتحانات وتظل الاسرة كلها مستقبلها معلق وقلوبها ترتجف وهى كارثة لوحدثت فى اى بلد فالمفروض ان يتقدم الوزير المسئول باستقالته فورا دون ان يطب منه أحد ذلك والوزير المخطيء فى اليابان ينتحر لشعوره بتقصيره فى عمله.

> ولكن التسرب الذى كان يحدث فى العهود السابقة لم يكن بهذا الوضوح الذى يمثل تحديا للوزارة؟

هنا تكمن المفارقة التى تطرح علامات استفهام كيف نكون فى زمن ثورى وفى زمن الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى نؤيده بكل تأكيد والدولة كلها تسير بعقلية زمن آخر اعتقد ان هذا هوالسؤال الكبير الذى ينبغى ان يطرحه رئيس الدولة على نفسه ويجيب عليه اجابات عملية توقظ مصر من هذه الورطة فنحن الآن نقيم مساكن لسكان العشوائيات وهذا جيد لكننا غطينا احتياجات 50 الف اسرة ولكن مازال لدينا ملايين من هؤلاء لقد بدأنا اول خطوة من المليون ميل ولابد ان نعمل بكد وان نمشى بنظام محكم لا يسمح بتسرب اى فساد ولا أى ترهل بيروقراطى ولهذا نحتاج اجهزة فعالة للثقافة .

> وهل توجد لدينا هذه الأجهزة؟

للاسف لا توجد فكل ميزانية وزارة الثقافة بكل قطاعاتها تعطى كل مواطن مصرى جنيه وربع تقريبا فى السنة وهى حسبة قمت بها وانا وزير للثقافة وهذا يفسر وجود عشرات قصور الثقافة التى لا تعمل لاننا غير صرحاء ولا نعلن عدد قصور الثقافة التى تعمل وعدد التى لا تعمل وكم عدد تحت الاصلاح وكم قصرا لم يعمل بعد فعندما كنت وزيرا للثقافة منذ عامين تقريبا اتفقت مع الجهة التى تشرف على متحف جمال عبد الناصر على تسلمه فى شهر اكتوبر وحتى الآن لم ينته العمل بالمتحف الى الآن لأن البيروقراطية تدخلت وهناك حوالى 10 قصور ثقافة معلقة على اجراءات السلامة الامنية اوتعاقدات مع شركات كبيرة ولم تنته الشركات من عملها واذكر منها قصر ثقافة الجيزة رغم ان خط الدفاع الاول فى وزارة الثقافة واهمها فى الاتصال بالجماهير هى الثقافة الجماهيرية التى تستلزم ان يكون المسئول عنها شخصا يتسم بأقصى درجة من النزاهة والفعالية والنشاط وقس على هذا باقى قطاعات الوزارة .

انفصال الثقافة

> هل تستطيع وزارة الثقافة أن تحتوى المثقفين المصريين أم أن هناك انفصالا بين الطرفين؟

على حسب شخصية الوزير وعلى حسب الاستراتيجية التى يعتمد عليها فى العمل فإذا كان الوزير شخصية محبوبة أو مرضيا عنها فهذا يسهل الامور مع وجود خطة عمل فعالة وجيدة لكن لابد من وجود التمويل ونحن نقدر الظروف المالية الصعبة التى نمر بها والرئيس قال لا تجعلوا مصر تحتاج لاحد وهنا أسأل عن دور رجال الاعمال وضرورة مساهمتهم فى دعم صندوق تحيا مصر ولو أن عشرين رجل اعمال اتفق مع وزير الثقافة حلى النمنم وهوشخص ممتاز على بناء عشرين قصر ثقافة فى ارجاء مصر فسوف يقومون بعمل وطنى وهل المسئولون عن قصور الثقافة مهيأون ومدربون على هذه المهمة واذكر انى كنت بدأت مشروعا لانشاء كلية للادارة الثقافية لتخريج مديرين ثقافيين مؤهلين تكون بمثابة تعليم عال يلتحق بها خريجو الجامعات وتتبع اكاديمية الفنون وانتهى المشروع بمغادرتى للوزارة وهذا عيب فى الحكومة فلماذا لا تستكمل مشروعات الوزير التى تمس مصالح الدولة وتسهم فى تطورها فيتجاهلونها بعد خروجه من الوزارة ويبدأ القادم بعده من الصفر؟! فنحن لا نحترم الجهد الانسانى والوطنى ونبنى على ما قدمه سابقونا وهذا معنى الوطنية وانكار الذات على سبيل المثال اتفقت مع الرئيس على عمل منظومة ثقافية للدولة ووقعنا اتفاقيات مع 12 وزارة وتبقى ضغط زر التشغيل وهوان يشكل رئيس الوزراء مجموعة تثقيفية تضم الوزارات المعنية بالعقل المصرى والمؤثرة فيه وانتهى المشروع بعد خروجى من الوزارة رغم انه كان بناء على جلسة خاصة بينى وبين الرئيس عدلى منصور وقليل من المثقفين .

> هل توافق على مسمى النخبة وهل ينطبق على جميع المثقفين؟

طبعا هناك نخبة ومثقفون يستحقونها لكن هناك اصناف وانا اخشى التعميم ولو بحذر ومن الطبيعى ان تشعر النخبة انها المناط بها التفكير بالمستقبل لأنها المفروض ان تكون فى عجلة القيادة لقاطرة الأمة فالنخبة تساعد الرئيس فى عمله سواء فى مجلس النواب اوالمجالس الاستشارية اوالمبدعون من الكتاب وهم قوة مصر الناعمة التى صنعت مكانتها على امتداد التاريخ الحديث منذ مجيء الحملة الفرنسية الى الآن فمصر كانت قائدة العالم العربى وكان الطلاب من جميع الاقطار العربية يتعلمون فى الجامعات المصرية ولهذا توجد علاقات صداقة تربط بين المسئولين فى البلاد العربية ونظرائهم فى مصر هذا لم يعد موجودا ولم تعد مصر قائدة لأن الظروف تغيرت فأصبحوا أكثر ثراء واصبحنا أكثر فقرا ولدينا سوء ادارة وسوء تخطيط وترهل حكومى وفساد وبيروقراطية حكومية يمثلها 7 ملايين موظف لابد ان تتم ادارتهم بحزم ودور المثقفين ان ينبهوا الشعب ويكونوا صوت حق ولكن بشرط ألا تمنعنا حالة الاصطفاف الوطنى من النقد الذاتى للاوضاع فالوطنية لا تعنى الموافقة على جميع قرارات الحكومة بالعكس يمكن ان تكون المعارضة من داخل المبدأ الوطنى ولابد ان تفسح الحكومة صدرها للنقد لأنه لا يعنى الخيانة بينما فى قضية مواجهة الارهاب لابد ان نكون يدا واحدة فى مواجهته .

دور تنويرى

> هل يقوم المثقفون بدورهم التنويرى فى هذه المرحلة؟

أغلبهم يقومون بدورهم بكل شرف لكن يواجهون مشكلتين هما الأمية والفقر والثقافة تحتاج جهدا كبيرا ولا زال الغث هوالسائد والثقافة الضحلة اكثر انتشارا ولابد ان التنمية تستهدف الانسان وان تسير فى خطوط متوازية لأن عقول الناس تحتاج الى تنوير لأن الارهاب فكر ولكى نحاربه بالفكر يقتضى اصلاح التربية والتعليم ثم يأتى دور الثقافة والاعلام وبدون التعليم الجيد لن تتمكن الثقافة من أداء دورها نحن لا نخترع العجلة التعليم انظمة متقدمة تستطيع ان تستعيرها من مكان وتطبقها عندك وهى ليست سرا مثل القنبلة النووية هناك تجارب ناجحة فى دول اكثر فقرا منا مثل ماليزيا والبرازيل والمكسيك لابد من تغيير دولاب العمل بالدولة فلا يوجد فى الدول الحديثة المتقدمة رئيسا يعمل وحده فالرئيس مشروعه بناء دولة مدنية ديموقراطية حديثة والسلفيون يتحالفون مع الاخوان لإفساد هذا المشروع والدليل ان لجنة الخمسين اقترحت ان مصر دولة مدنية حديثة ثم تحالف ممثلى الازهر والسلفيين لحذف كلمة مدنية فأصبحت المادة هزيلة ونقلوها للديباجة التى ذكرت فى السطر الاخير ان حكومتها مدنية واختلفوا حول حكمها مدنى فالانفجار السكانى يستتبع تحديد عدد الاطفال ولكن سوف يواجهون معارضة شديدة بدلا من ان يقوموا بحملة فى المساجد والزوايا لاقناع الناس بقلة الانجاب لصالح التنمية وهوامتحان عملى لنواياهم وما زلنا نعانى فى الصعيد من حرمان المرأة من نصيبها فى الميراث وهذا ضد الشرع.

> إذن كيف سيتم تطوير الخطاب الدينى؟

الازهر فى اغلبيته باستثناء قلة قليلة أصبحت ذات توجه سلفى فلا تصدقوا انهم سيقومون بما لا يؤمنون به لأنهم يعملون ضد التطويركيف يجددون الخطاب الدينى وهم الذين جمدوه !

> ما المفرخة التى يخرج منها الشباب الإرهابى؟

من نظام تعليمى فاسد ومتخلف حتى بين الازهريين حتى فى الكليات العملية وقيادات الاخوان معظمهم أطباء ومهندسون لأن مادة الثقافة العامة والفلسفة اخرجت من المناهج ولم يكن مصادفة ان الاخوان منعوا تدريسها لأن الفلسفة تعلم التفكير وتحفز المخ على السؤال فلا يمكن الضحك عليهم والتعليم لا يعلم العقل النقدى ولا يقبل اى شيء بسهولة بل يسأل ويبحث عن المعلومة بعيدا عن التلقين والحفظ واظن اذا كنا جادين فى حكومة تطبق هذا بحزم وبدون تردد يمكن ان تتغير مصر خلال خمس سنوات ونأتى بجيل جديد خلال 10 او15 سنة .

احتواء الشباب

> قصور الثقافة قاصرة عن لعب دور مهم فى احتواء الشباب؟

ليست فعالة لان ادارتها فاسدة ولا يوجد دعم مادى لها والنتيجة فسادها وعدم فاعليتها لأن الكثير منها اما مغلقة اوتحت الانشاء اوتحت اعادة التعمير وهى ممتدة فى جميع انحاء الجمهورية وتستطيع ان تكون نقطة اشعاع وان تغير وجه مصر ولابد ان يكون المشرف عليها ذا عقلية متقدة وكان الاديب سعد الدين وهبة مشرفا على قصور الثقافة فى احدى الفترات المزدهرة وكان حسين مهران كذلك وحققا انجازات كبيرة وعلموا اجيالا وكان فاروق حسنى مديرا لقصر ثقافة الانفوشى وكانت قصور الثقافة فكرة ثروت عكاشة وهى موجودة بالدول اليسارية لتخاطب الاميين ونسقناها مع فكرة احمد امين عن بيوت الثقافة ثم طورناها بالمعنى الحديث وانشأنا الثقافة الجماهيرية التى تخرج فيها جيلى وهى افضل جهاز ينفذ خطة الوزير على امتداد محافظات مصر وهى اخطر جهاز بالوزارة ولابد ان تكون قادرة على مواجهة الارهاب بثقافة تنويرية.

> متى كنت وزيرا للثقافة؟

كنت وزيرا فى وزارة شفيق وقدمت استقالتى بعد 9 ايام ولم اكن مقتنعا وأحسبها غلطة من غلطات حياتى والمرة الثانية كنت جالسا مع الرئيس السيسى وتكلمت عن منظومة ثقافية ايام رئاسة الرئيس السابق عدلى منصور وتوليت الوزارة لمدة 9شهور وكان لابد ان اختلف مع مشايخ الازهر المتعصبين والسلفيين ولا ازال مختلفا معهم وهذا شرف لى وكان رئيس الوزراء ابراهيم محلب وكان لابد ان استقيل وهذا اعطانى الفرصة لاتفرغ للكتابة وندمت على توليتى الوزارة فى المرة الاولى وفى المرة الثانية لم اندم .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة