أضواء وظلال

عدو عاقل.. وصديق خائن

خالد جبر

الخميس، 14 يوليه 2016 - 04:10 م

طول عمري أؤمن بالمثل القائل : «عدو عاقل.. خير من صديق جاهل «.. فما بالك بصديق خائن ؟!

سمعت محللا لامعا من محللي الفضائيات التليفزيونية يتحدث عن تراجع مكانة مصر في المنطقة.. ويحلل أهداف وتأثيرات الزيارة التي قام بها رئيس وزراء الدولة الصهيونية لأفريقيا خلال أيام عيد الفطر.. الوقت الذي كنا نحن فيه مشغولون بابتلاع كعك العيد الذي نافس الدولار في ارتفاع أسعاره.. ومتابعة الحلقات الأخيرة من مسلسلات رمضان المستفزة والاستعداد لمباراة الزمالك والأهلي المملة.. ونهائي أوروبا المثير.. قال المحلل «اللوذعي» : إن الزيارة لم تتطرق للحديث عن مصر.. وكان الهدف منها هو محاصرة الدور الإيراني والصيني والروسي في أفريقيا. وأن مصر لم تكن موجودة في تلك الزيارة.. مما يعني أنه لم يعد لها أي دور هناك.

يا سلام.. ألم أقل لكم أن عدوا عاقلا خير لنا من صديق جاهل.. هذا العدو العاقل أذكي بكثير من أن يذكر اسم مصر خلال زيارته.. ولكننا لابد أن نفهم أن الزيارة التي لم نقف عندها بما يستحق لم يكن لها هدف واحد إلا مصر.. وإن كانت لها أهداف أخري، فأن مصر في مقدمة تلك الأهداف.

هذا عن الصديق الجاهل.. أما الصديق الخائن.. فهي تلك الدولة التي تمول الإرهاب في مصر.. وتشوه صورتها في العالم كله.. وقد اعترف برلماني إيطالي بأن تلك الدولة تدفع لنواب إيطاليين وصحف إيطالية لتصعيد أزمة مقتل الباحث الإيطالي الشاب روجيني.. الذي أوقعنا فيها الصديق الجاهل الجالس بيننا في موقع المسئولية.. هذا التصعيد الذي لم يعد له سقف وربما يزيد يوما بعد يوم.

ولا أستبعد أن يكون هذا الصديق الخائن أو تلك الدولة هي من وراء إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء.. وإسقاط الطائرة المصرية القادمة من باريس في البحر.. ليكون بذلك قد ضرب علاقاتنا بأهم ثلاث دول أيدت ثورة الشعب في 30 يونيو.. روسيا وإيطاليا وفرنسا.

أعود للعدو العاقل.. إسرائيل.. هي تضع عينيها علي أفريقيا منذ زمن.. ربما أكثر من دول أخري.. رفضت كل الدول الأفريقية الاعتراف بالدولة اليهودية منذ نشأتها بسبب اغتصابها الحق الفلسطيني.. والدعم الأفريقي للموقف المصري.. ولم تعترف أي دولة إفريقية باسرائيل إلا بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر.. ورغم ذلك كانت بعيدة عنها.. وحاول ليفي أشكول في جولته الأفريقية عام 1969.. وإسحاق شامير في جولة أخري في 1989 أن يتقربا إلي دول أفريقيا.. لكن هذه المرة كانت زيارة نتنياهو إلي دول حوض النيل،، وليس إلي غرب أفريقيا كما فعل من سبقه.. بدأت بدولة المنبع الأول للنيل « أوغندا «.. وانتهت بالمنبع الأهم للمياه التي تصل إلي مصر « أثيوبيا «.. وانتهت الزيارة بطلب انضمام إسرائيل إلي الاتحاد الأفريقي.. بصفتها دولة تقع في قلب القارة.. فهل لا يكون هناك حديث عن مصر في تلك الزيارة.. عمن سيتحدثون إذاً؟.

الزيارة تكتسب أهميتها من كون القارة الأفريقية تضم 54 دولة (ربع مقاعد الجمعية العامة في الأمم المتحدة)، وأن العلاقات مع أفريقيا ستمثل دعما مهما لإسرائيل في المؤسسات الدولية وتمنحها غطاء أمنيا واستراتيجيا، إلي جانب تقوية الأواصر الاقتصادية مع القارة، والتي تضم العديد من الاقتصاديات الناشئة، من ثم تفتح أسواقا جديدة للمنتجات الإسرائيلية سواء الزراعية أو التكنولوجية وكذلك تعزيز الصادرات العسكرية، التي بلغت نهاية العام الماضي 2015 نحو 163 مليون دولار فقط، بعدما بلغت في 2013 نحو 223 مليون دولار. كما أن الشركات الإسرائيلية تستثمر وحدها أكثر من مليار دولار في مجالات الزراعة والمنتجات الكيماوية والتعدين في إثيوبيا فقط،، كما أنه من المعروف أن لإسرائيل بالفعل مشروعات زراعية وصناعية وتعدينية في كثير من دول أفريقيا، حيث توجد لها 13 شركة ضمن حلف تجاري يسمي «أفرو جروب»، وهو التحالف الذي يسيطر علي الكثير من الصناعات الاستراتيجية المهمة.

يجيء الهدف الثاني من الزيارة وهو حصول اسرائيل علي دولة المراقب في الاتحاد الأفريقي، أي تحضر الاجتماعات ولا تصوت، إلا أنه يمكنها الاستفادة من حضورها في ممارسة نفوذها والضغط علي قرارات بعض الدول. ونصل إلي الهدف الأهم من الزيارة التي أختتمت كما قلنا بأديس أبابا حيث المعركة المحتدمة مع مصر حول سد النهضة وتأثيره علي حصتنا من مياه النيل.. والتي تزامنت مع قرب بدء إثيوبيا في عملية الملء الأول لخزان سد النهضة الإثيوبي.. وهو حلم النيل الإسرائيلي.. فقد سعت إسرائيل - عبر تاريخها - إلي الحصول علي حصة ثابتة من مياه النيل التي ترد إلي مصر.

سيبقي العدو عدوا حتي لو كان عاقلا.. ولكن اللهم اكفنا شر الأصدقاء الجهلاء الأغبياء الخونة.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة