ملحمة القطارة ..تصوير : محمد الوشاحي
ملحمة القطارة ..تصوير : محمد الوشاحي


أبطال ملحمة «القطارة»: كله يهون علشان مصر كبير العمال: تركت أسرتى وجئت للمشاركة فى صنع المستقبل..والمهندسون: كلنا أسرة واحدة

محمد وهدان- حسام عبدالعليم

الأحد، 24 يوليه 2016 - 02:34 ص

 

أبطال وسط الصحراء... خلف الكواليس.. أياديهم تكاتفت وتشابكت من أجل بناء وطنهم..هم جنود مجهولون لايهمهم سوى إخراج المشروع كما ينبغي..يقدمون الغالي والنفيس تحت اشعة الشمس الحارقة.
 معدات هؤلاء الأبطال تدق أجراس الطرب فوق رمال الصحراء لتحوله إلى طريق ممهد يصلح لخلق بيئة جديدة ونقل مجتمعات عمرانية جديدة وسط الصحراء..يقف خلفهم مهندسون ومراقبون لايكلون او يملون..شغلهم الشاغل مطابقة مكونات الطريق من مادة اسفلتية وترابية وصخور الى اعلى المواصفات القياسية العالمية..يعملون فى صمت.. ولا يريدون من هذه الدنيا الا انجاز عملهم فى اسرع وقت وبجودة عالية..انهم عمال ومهندسو  مشروع محور الضبعة والذين تحدوا الصعاب وسحقوا الصخور وتحدوا العوامل الطبيعية لإنجاز المشروع العملاق فى وقت قصير.. عشنا معهم يوما فى قلب الصحراء نرى حياتهم بعد ساعات من العمل الدؤوب فى هذه الصحراء القاحلة .
من أمام الماكينة الألمانية العملاقة «الخلاطة» التي تستخدم لأول مرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا..قابلنا جابر سعد محمد «أقدم عامل بالموقع»..العرق يتجمع على تشققات جبينه ويديه مسطراً عليها «شقاء وتعب» وشهور في هذا الطريق..تحدث إلينا بنفس راضية: «جئت من كفر الدوار وتركت أسرتي ورائي عشان ارفع اسم مصر بعدما سمعت أن هذا الطريق يعتبر محور تنمية مثل قناة السويس الجديدة... قررت حفر اسمي مع كل زملائي الذين عملوا في المشروع من أكبر لأصغر عامل ،أضاف انه يقطن المكان منذ أكثر من عام وبضعة اشهر بعيداً عن أسرتي حتى أوفر لهم ولي حياة كريمة ، مشيرا إلى أن الشركة الهندسية والقوات المسلحة لا تتركنا هكذا في قلب الصحراء فنحن نأكل ونشرب العصائر والمثلجات كما يكون لدينا الأحقية في مشاهدة التلفاز بعد ساعات العمل الرسمية وننام في «كرفانات» مكيفة حتى نستطيع مواصلة العمل في اليوم التالي.
مستقبل مصر
 وفي نفس المنطقة محمد عبد الصبور «عامل خلاطة» يأخذ قسطا من الراحة بعيداً عن شمس الصحراء الحارقة التي تتجاوز 40 درجة مئوية في الظل..وجدناه يستند بظهره على إحدى الكرافانات ويقوم بملء إحدى زجاجات المياه من الخزان الأم.. تحدثنا إليه أكد لنا انه حفر اسمه في التاريخ بمشاركته في هذا المشروع الجبار الذي سيكون أيقونة حياة جديدة بالمنطقة وأضاف انه يبلغ من العمر 36 عاما وجاء من الأسكندرية لكى يعمل حتى يكفى احتياجاته الشخصية واسرته 4 افراد... مؤكداً ان الطريق بعد افتتاحه سيخلق مجتمعات جديدة فى هذه الصحراء القاحلة مطالبا الإعلام بتسليط الضوء على هذه المشروعات التى تقفز بمصر الى المقدمة فى المستقبل القريب.
«أسرة واحدة»
اما محمد خليفة نائب رئيس مجلس ادارة احدى الشركات المنفذة للمشروع للشئون الفنية فيؤكد أنه عندما تنتهى ساعات العمل الرسمية نكون جميعا اسرة واحد «كبار المسئولين والعمال والمهندسون عائلة واحدة».. ويشاركه الحديث المهندس هيثم جعفر المسئول الفنى للمشروع والمشرف على المعمل مؤكدا أن كل الموجودين فى هذا المشروع العملاق يعتبرون اسرة واحدة ونجلس بالساعات بعد ساعات العمل الرسمية نستمع للأغانى ونتسامر مع بعضنا البعض بالإضافة الى ان هناك بعض المهندسين يقومون بالتفريج عن انفسهم ويقومون بأخذ سيارتهم الخاصة والسير بعض الكيلو مترات للوصول الى منطقة العلمين او الحمام للفوز بيوم على البحر او أكلة سمك واضاف ان اهم المشاكل التى وقفت امامنا فى مشروع محور الضبعة ارتفاع درجات الحرارة... واضاف الى عوامل الطبيعة القاسية وضعف الشبكات جعل كل العاملين بالكامب اسرة واحدة ونقوم بالاستعانة بشبكة اللاسلكى لكن نستخدمها فقط لمسافة كيلوهات محدودة.
على الناحية الأخرى وفى قلب الصحراء القاحلة... وقف عمال لا يعرفون التعب والمشقة اعلى احدى الكسارات بالمشروع التى تستخدم فى تكسير الأحجار الكبيرة وتحويلها الى صخور بأحجام مختلفة ومواد ترابية تستخدم فى رصف الطريق... عقارب الساعة تشير الى الواحدة ظهرا..اشعة الشمس تحرق الرؤوس... لكن تبقى عزيمة هؤلاء الأبطال تقف سدا منيعا امام العوامل الطبيعية الصعبة بأرض المشروع الذى يحول المنطقة الى محور تعمير ومنطقة لوجيستية صالحة لإنشاء مجتمعات جديدة على الطريق... قابلنا احد هؤلاء الأبطال عمرو محمود الذى جاء الى المشروع منذ اكثر من 4 شهور... قال عمرو « جئت عشان لقمة العيش... مفيش شغل بعائد كويس فى محافظتى الاسكندرية ... قررت المجئ للمشاركة فى هذا الحدث الذى يعتبر مشروعا قوميا كبيرا يوازى القيمة الكبيرة لقناة السويس الجديدة واضاف ان صميم عمله يكمن فى تنظيف الكسارات التى تهشم قوالب الطوب والصخور الكبيرة وسط الصحراء لاستخدامها فى رصف الطريق المعروف اعلاميا بمحور الضبعة او محور تنمية منخفض القطارة ... مشيرا الى ان الطريق اخذ منا مجهودا مضنيا لكن كله يهون عشان خاطر مصر.. وعن اوقات الراحة حدثنا عمرو بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية بأنه يقوم باشعال بعض الحطب والجلوس مع اصدقائه لعمل كوب شاى فى قلب الصحراء ويحكى عمرو بأن ذلك يهون عليه تعب وشقاء اليوم بأكمله نشحن طاقتنا من جديد بالهزار والضحك والحكايات حتى نبدأ العمل فى اليوم التالى وكأنه اول يوم عمل لنا».
شفنا الموت
«احنا شفنا الموت» بهذه الجملة بدأ اشرف ابراهيم «عامل كسارة» حديثه معنا مؤكدا ان حرارة الشمس الحارقة والصحراء القاحلة لم توقفنا... لدينا عزيمة كبيرة... احفاد الفراعنة لم يوقفهم شئ... اجدادنا بنوا الأهرامات ونحن نستطيع العمل فى ظروف اصعب من ذلك ولم يعطلنا اى شئ عن انجاز العمل المطلوب رغم كل ظروف الجو القاسية ونستعوض بذلك على وضع «شال» مشبع بالمياه المثلجة والفه على رأسى حتى لا اتعرض لضربة الشمس.
لقمة العيش
يلتقط طرف الحديث اخيه الاكبر سعيد ابراهيم الذى اكد ان العمل يسير على قدم وساق بالمشروع ونستطيع انهائه قبل المدة المحددة ... مضيفا انهم تعبوا كثيرا فى الطريق لكن لقمة العيش والتحدى الذى تم شحننا به من قبل القيادات المسئولة عن الطريق ومساعدتهم المستمرة لنا بالإضافة الى الأجر المادي المحترم والأجازات التى نتمتع بها شرط الانتهاء من اعمالنا فى الموعد المحدد بالإضافة الى جلسات «الضحك والفرفشة « أثناء تناول الغداء والذى يتكون من كل العناصر الغذائية بالإضافة الى عمال البوفيه الذين بذلوا مجهودات مضنية لايقل عنا ابدا فى تحضير الشاى والقهوة والمياه والعصائر المثلجة ووجبات الأكل على مدار اليوم فبالتأكيد كل ذلك اسهم فى نمو المشروع وانجازه قبل وقته المحدد.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة