بارقـة أمـل

فواصل

أسامة عجاج

الإثنين، 25 يوليه 2016 - 02:11 م

كانت دعوتي للمشاركة في الاجتماع السادس للجنة العليا لتعزيز الشراكة بين المؤسسات التنموية التابعة للأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، كافية لتغيير المزاج العام لكل المشاركين والحضور، والأسباب عديدة ومختلفة ومتنوعة، من حرص الأمير علي أن تحتضن القاهرة هذا الاجتماع، وهي كما قال الأمير» لها مكانة خاصة في العقل والوجدان، وهي مقر معظم المؤسسات التي قمنا بإنشائها، كما أن الاجتماعات كانت فرصة للاستراحة، والبعد عن المشاكل السياسية التي تطحن دولنا، وتعاني منها كل الشعوب العربية، هنا لا صوت يعلو فوق صوت الإنسان، رفاهيته، تنميته، توفير فرص الحياة الكريمة له، مهما كانت جنسيته أو انتماؤه. هنا تستشعر أن هناك ضوءاً في نهاية النفق، حتي ولو كان بسيطا، تري بأم عينك بارقة أمل، حتي ولو كانت محدودة.
ولعل الخط الأساسي والهم الرئيسي لكل المؤسسات التابعة للأمير طلال، هو الإنسان وهي حاضرة في ذهنه منذ خمسينات القرن الماضي، عندما كان جل اهتمامه بقضية التعليم في المملكة العربية السعودية، وتعليم البنات بصفة خاصة، قبل أن تتوسع الفكرة من المستوي الوطني السعودي إلي الفضاء العالمي، فكانت خطوة إنشاء برنامج الخليج العربي للتنمية « أجفند «، والتي أنشئت في عام ١٩٨٠ بمبادرة منه، وتعمل علي دعم التنمية البشرية المستدامة، من خلال خمسة محاور، محاربة الفقر من خلال بنوك الفقراء والشمول المالي، والتعليم المفتوح والتعليم عن بعد، ودعم المجتمع المدني، وتمكين المرأة وتنمية الطفولة المبكرة، كما قال ناصر القحطاني المدير التنفيذي للبرنامج، والحصيلة هي تقديم الدعم لأكثر من ١٥١٦ مشروعا في ١٣٣ دولة حول العالم.
في الاجتماعات وجدنا تجسيدا صحيحا للمثل الصيني « بدلا من أن تعطيني سمكة علمني الصيد «، فالأمر في أجفند لا يتعلق بمساعدات تقدم للفقراء، ولكن في كيفية توفير فرص عمل لهم، ومن هنا ظهرت ملامح مشروع أجفند لمكافحة الفقر، ونجح في تأسيس ٩ بنوك أو مؤسسات للتمويل الأصغر، في الأردن واليمن والبحرين وسورية ولبنان والسودان وفلسطين وموريتانيا وسيراليون، وقدمت هذه البنوك خدماتها من خلال ٨٢ فرعا لما يزيد عن ٣ ملايين مستفيد، بمبالغ مصروفة تجاوزت ٤٠٠ مليون دولار أمريكي، وهناك عدد من البنوك تحت التأسيس في المغرب وتونس والفلبين ومصر، بعد أن واجهته عراقيل بيروقراطية وأحيانا عقبات غير مفهومة، أجلت أن تكون مصر من أوائل الدول التي تحتضن مشروع بنوك الفقراء، كما قال الأمير طلال، ويكفي تلك البنوك فخرا أن فروعها مع البنك المركزي في اليمن، هما اللذان مازالا يمارسان عملهما بانتظام.
وقد توسع الأمر في إطار أجفند أو برنامج الخليج العربي للتنمية، لإنشاء مؤسسات تكرس الفكرة وتجسدها علي الأرض، وهي المجلس العربي للطفولة والتنمية ومقره القاهرة، ومركز المرأة العربية للبحوث والتدريب، ومقره تونس، والجامعة العربية المفتوحة ومقرها الكويت، وكل منهم قصة نجاح متكامل، ونتوقف عند ما يبذله المجلس العربي للطفولة، والذي تأسس عام ١٩٨٧ تحت رئاسة أمينه العام الدكتور حسن الببلاوي، وهو أحد القامات المصرية والخبرات الواسعة في مجال الطفولة، ليس علي الصعيد المصري فقط، ولكن علي مستوي العالم، ويسعي إلي تحقيق رسالة واضحة، من خلال تهيئة بيئة عربية داعمة لحقوق الطفل من خلال التعاون والشراكة مع المؤسسات الأهلية والحكومية والإقليمية والدولية، وقد نجح المجلس في عدد من المبادرات الخلاقة، التي تجمع بين التخطيط والتنفيذ، ومنها انشاء المرصد الإعلاني لحقوق الطفل العربي، والانتهاء من إعداد دراسة ميدانية حول الإعلام ومعالجة قضايا حقوق الطفل في ٦ دول عربية، وتم إعداد مبادئ مهنية لمعالجة الإعلام وقضايا الطفل لتدريب الإعلاميين، كما شارك مع وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة التربية والتعليم، في إعادة ودمج الأطفال في وضعية الشارع، من خلال برنامج « أنا اخترت الأمل «، والذي نجح بالفعل في تأهيل ألف من أطفال الشوارع.
والنجاحات مستمرة في المجالات والمؤسسات الأخري، فقد نجحت الجامعة العربية المفتوحة في إتاحة فرصة التعليم الجامعي لكل مواطن عربي، يرغب وقادر عليه وبتكلفة معقولة، وانتشرت فروعها إلي ٨ دول عربية، وقد وصل عدد الطلاب إلي حوالي ٣٢ ألف طالب منهم ٧٠ بالمائة من الطالبات، وهي تتعاون مع الجامعة العربية المفتوحة في بريطانيا. ولا يختلف الأمر في النظر إلي الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، والذي عقد مؤتمره الأول والتأسيسي في بيروت في عام ٢٠٠٢، وتستهدف تطوير العمل الأهلي العربي، والإسهام في النهوض بدور المنظمات الأهلية العربية وتعزيز قدراتها، من خلال التدريب حيث عقدت نحو ٢٥٠ ورشة تدريبية متخصصة في كافة الدول العربية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة