كلمة

مغامرة غير محسوبة العواقب في بريطانيا

عيسى مرشد

الأربعاء، 27 يوليه 2016 - 12:55 م

أخطأ رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون خطأ تاريخيا يرقي لمرتبة الخطيئة بطرح موضوع بقاء المملكة المتحدة أو خروجها من الاتحاد الاوروبي للاستفتاء العام في مغامرة غير محسوبة العواقب فإذا كانت الديمقراطية -والتي تعني حكم الشعب - اسلوبا مستحدث المستحدث لحكم الشعوب قد تحولت إلي سيف مسلط علي رقاب الحكام فإن مستقبل الأمم والدول لا يقرره العامة «رجل الشارع» ولكن يقرره أهل الرأي والفكر والمشورة.

ويؤكد هذا الاتجاه تعامل بلقيس ملكة سبأ مع الرسالة التي تلقتها من النبي سليمان «الملك» فحينما وجدت ان الرسالة تتعلق بمستقبل ومصير مملكتها «سبأ» لم تطرح الأمر للاستفتاء العام أي لم ترجع للعامة أو لرجل الشارع ولكن دعت أهل الرأي والفكر والمشورة لاجتماع عاجل لتأخذ رأيهم وأكدت في بداية الاجتماع علي انها اعتادت علي عدم اخذ أي قرار إلا بعد العودة لهم «قالت يأيها الملؤا افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتي تشهدون».

هذا هو الاسلوب الرشيد للحكم فلا يمكن للعامة ان يقيموا الأمور والمسائل الخطيرة التي تتعلق بالمصائر بطريقة سليمة لأنهم لا يمتلكون الملكات والمهارات والوسائل اللازمة للتقييم.

وقد بدأت الاثار السلبية والكارثية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي تتوالي فهذه هي اسكتلندا وهذه هي ايرلندا الشمالية تطالبان باستفتاء عام للانفصال عن المملكة المتحدة بل ان اسكتلندا طعنت علي نتيجة الاستفتاء استنادا لقاعدة قانونية بريطانية تحتم ان يشارك في الاستفتاء ما لا يقل عن ٧٥٪ من الناخبين وينال دعم ما لا يقل عن ٦٠٪ منهم حتي تكون نتيجته نافذة وهذا لم يحدث في الاستفتاء الذي اجري علي خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وفي الاتجاه المعاكس رحبت مدن الوسط والشمال الشرقي والشمال الغربي لانجلترا وويلز بنتيجة التصويت وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في حين ان معظم المناطق الجنوبية وعلي رأسها لندن واكسفورد وبريستول وليفربول قد اصابتها الصدمة من نتيجة التصويت لان هذه المناطق قد صوتت بكثافة لصالح البقاء في الاتحاد الاوروبي.

وبالنظر إلي العديد من الصراعات الداخلية المكتومة بين مكونات المملكة المتحدة سواء بين المطالبين ببقائها أو المطالبين بخروجها من الاتحاد الاوروبي أو بين ايرلندا الشمالية وايرلندا الجنوبية حيث ترتبط الأخيرة ارتباطا وثيقا بالمملكة المتحدة هذا فضلا عن الشرخ الكبير التي احدثه الاستفتاء داخل حزب العمال البريطاني حيث صوتت مدن الشمال الشرقي  والشمال الغربي والتي تعد من المعاقل التاريخية لحزب العمال بكثافة لصالح الخروج أيضا صوتت مدن مثل برمنجهام التي تعتبر الاخري من أهم معاقل حزب العمال البريطاني بكثافة لصالح المغادرة وذلك علي الرغم من دعوة قادة الحزب لقواعده بالتصويت لصالح البقاء ومن هنا جاءت الضغوط الكبيرة علي جيرمي كوربين زعيم حزب العمال البريطاني لاجباره علي الاستقالة علي خلفية اقالته لوزيرة الخارجية في حكومة الظل وتبعات ذلك من تقدم عدد كبير من وزراء حكومة الظل بالاستقالة.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة