خواطر

حــل أزمــة الـدولار مسئولية الدولة والشعب

جلال دويدار

الخميس، 28 يوليه 2016 - 01:15 م

متابعة أزمة الدولار وانعكاساته السياسية والاجتماعية أصبحت تثير الشكوك بشكل واضح وجلي. أنها ليست وليدة العرض والطلب فحسب. إن التطورات والملابسات المتلاحقة في أسعاره والتي كانت اقل من الـ ٨ جنيهات في البنوك منذ سنتين  وبزيادة ٧٥ قرشا أو جنيه في السوق السوداء تصاعدت في  الايام  الأخيرة ليصبح الفرق حوالي أربعة جنيهات!!

ليس خافيا أن هذا الانفلات المفتعل قد جري في أعقاب قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة ١٤٪ في مقابل الدولار ليصل السعر الرسمي إلي حوالي تسعة جنيهات.

جاء التدخل الحماسي للانتهازيين والمضاربين علي خط الازمة استغلالا لتصريح طارق عامر محافظ البنك المركزي الذي اتسم بالانفلات.  حدث ذلك عندما أعلن أنه في سبيله إلي اتخاذ قرار بتعويم الجنيه. هذا التصريح حول التعويم لم يكن له ما يبرر تداوله علنا وإعلاميا حتي إذا كانت هناك نية للإقدام علي اتخاذه. ترتب علي هذا التصريح تنشيط حركة مافيا تجارة العملة ومعهم الانتهازيون المتربصون بأمن مصر الاقتصادي الفاقدون للحس الوطني والمتآمرون علي أمنها واستقرارها.

لا أحد ينكر أن الأوضاع الاقتصادية المتردية نتيجة العديد من الممارسات والسلوكيات الداخلية والخارجية قد ساهمت في تفاقم الأزمة وتعقيدها.. ولكن ما كان أحد يتوقع وصولها إلي هذا الحد في التجاوز. كلنا نعلم وندرك ما هي العناصر الاساسية التي أصبحنا نفتقدها لتوفير الدولار بالسوق بالقدر الذي يسد الحاجة ويزيد. إنها تتركز بشكل أساسي علي تحويلات المصريين في الخارج التي تقلصت في الفترة الأخيرة وكذلك عائد قناة السويس الذي شهد تراجعا يدفعنا إلي الحيرة إذا كان ذلك بفعل الكساد في التجارة العالمية أو استجابة للضغوط الاقتصادية التي تمارس علينا خارجيا.

يرتبط بهذا الجانب أيضا موارد التصدير الذي شهد انخفاضا ملحوظا في معدلاته وبالتالي عوائده . يأتي  بعد ذلك التدفق السياحي الذي انتكس وتعرض لانحصار حاد في السنة الاخيرة نتيجة قرارات وقف السياحة الروسية والبريطانية بعد حادث إسقاط طائرة شرم الشيخ.. هذا الاجراء أفقدنا ما يقرب من خمسة مليارات دولار كان ينفقها سياح هذين البلدين والمقدرين بأزيد من أربعة ملايين سائح . ورغم تبني الدولة المصرية لقرارات جريئة لاستعادة الثقة المفقودة في اجراءات التأمين بمطار شرم الشيخ ومعظم مطاراتنا الرئيسية.. إلا أنه ولأسباب غير مفهومة فإن سياحة الدولتين مازالت تنتظر قرار عودتها وهو الأمر الذي يصب في صالح الاحساس بالتآمر علينا. وفي هذا الشأن ايضا لايمكن اغفال حقيقة ما كانت تحققه السياحة قبل ثورة ٢٥ يناير والمقدر بـ ١٢٫٥ مليار دولار عام ٢٠١٠ دخل مباشر عن طريق البنوك.

داهمتنا بعد ذلك وبشكل أساسي الطامة الكبري المتمثلة في فشل وقصور سياستنا لجذب الاستثمارات والتي لها دور مهم في رفع معدلات الرواج . لا يقتصر انخفاض هذه التدفقات الاستثمارية الضرورية علي المستثمرين الاجانب بل إنها وللأسف تشمل أيضا مستثمري الداخل الذين يكتنزون المليارات والملايين ولا يفكرون في استثمارها بمشروعات إنتاجية. يضاف إلي ذلك أيضا إنخفاض الانتاج واستمرار تعطل بعض المصانع علاوة علي جنوح قطاع كبير من العمالة المصرية إلي تدني انتاجهم - عما كانت عليها -  يجري هذا السلوك في نفس الوقت الذي يطالبون فيه بزيادة الأجور والحوافز!.

من المؤكد انه كان مهما أن يثمر هذا التحرك الإيجابي لمواجهة الموقف من جانب القيادة السياسية للدولة المصرية ممثلة في الرئيس السيسي والذي جري تجاوبا مع نبض الشارع وتقديرا لخطورة ما تشهده الاوضاع الاقتصادية من هموم وأوجاع تهدد الأمن الاجتماعي . كان من نتائج الاجتماع الذي عقده مع المسئولين في الدولة عن المسيرة الاقتصادية تجاه حصر العملة الخضراء الي التراجع في سعرها تجنبا من مافيا ممارسات تجارتها غير المشروعة للخسائر التي قد تلحق بهم .  ان الجهود المبذولة لعبور الازمة  لايجب ان تقتصر علي ما تم الحصول عليه من قروض خارجية وإنما لابد من أن تتخلي الحكومة وأجهزتها عن حالة الصمت والعجز والسلبية الذي تعيشه . إنها مطالبة بالايجابية والفعالية لدفع عجلة الانتاج وإزالة معوقات الاستثمار باعتبارهما قاطرة إي إصلاح اقتصادي.

من ناحية أخري فقد حان الوقت أن يتقدم مجلس النواب بالمساعدة في اختراق أزماتنا من خلال الدور المنوط به والذي تحتمه عليه مسئولياته في إدارة شئون الدولة . ليس من وسيلة للمشاركة في جهود الدولة وأمل التحرك من جانب مجلس النواب سوي أن يرتفع صوتنا بكلمة واحدة هي.. يا رب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة