في الصميم

حسين كامل بهاء الدين .. وداعاً

جلال عارف

السبت، 30 يوليه 2016 - 02:37 م

رحل حسين كامل بهاء  الدين عن دنيانا، فقدنا عالماً كبيراً، شيخاً لأطباء الاطفال في مصر، وسياسياً عمل للوطن وأخلص له، ومسئولا قاد مسيرة التعليم لسنوات طويلة خاض فيها المعارك التي لم تهدأ الا برحيله عن موقعه الوزاري الذي كان إيذانا بأن الأسوأ وبالنسبة للتعليم ـ قادم!!

في منتصف الستينيات من القرن الماضي تولي بهاء الدين قيادة منظمة الشباب التي كانت تتولي مسئولية التربية السياسية والقومية لشباب مصر. كان في الثلاثينيات من عمره، وكان العصر هو عصر القيادات الشابة والمبدعة، وكان وجود استاذ طب الاطفال علي رأس المنظمة في ذلك الوقت يعني تغييرا حاسما في توجه القيادة لتصعيد جيل جديد من القيادات التي تجمع بين العلم والثورة، والتي تحسن التعامل مع أجيال شابة بدأت تأخذ مكانها في الجامعات في ظل مجانية التعليم، وتنتظر دورها في قيادة المجتمع في كل المجالات.

في السبعينيات، ومع غيره من القيادات السياسية، ابتعد بهاء الدين عن العمل السياسي، وتفرغ لعمله كأستاذ لطب الاطفال وللجهد العلمي من خلال رئاسته للجمعية المصرية لطب الاطفال، الي أن كانت المفاجأة بعودته للعمل السياسي في اوائل التسعينيات وليتولي  بعد ذلك ـ مسئولية التعليم العام والجامعي في فترة خطيرة كانت مصر تواجه فيها موجة من الإرهاب. وكان ما بدأ مع السادات من تحالف مع الإخوان قد تحول إلي حالة من سيطرة هذه التيارات المتطرفة بفكرها المتخلف وسلوكها العدواني علي الكثير من الجامعات والمدارس.

خاض الرجل المعركة ضد التطرف والتخلف والمتاجرين بالدين بكل شجاعة أدرك ـ بوعيه السياسي العميق ـ أن المعركة هي معركة فكر وثقافة قبل ان تكون معركة أمنية. واستطاع النجاح حين استعان بكل قوي المجتمع الحية لتواجه الخطر.

وفي نفس الوقت كان بهاء  الدين يخوض معركة أخري من أجل الحفاظ علي تعليم مجاني وجيد للطبقات الوسطي والفقيرة بقدر الامكان، وفي مواجهة محاولات عاتية لترك الحبل علي الغارب للتعليم الخاص والدولي. وعندما أصر علي عدم الترخيص للجامعات الخاصة إلا بشروط تجعلها اضافة حقيقية للتعليم وليست وسيلة للإثراء  الفاحش.. كان عليه ان يترك وزارة التعليم العالي، وان يتفرغ لوزارة التربية والتعليم لسنوات، قبل ان يتركها هي الأخري لتبدأ أسوأ مراحل التدهور في كل مراحل التعليم، بعد أن غابت الرؤية، وتم التسليم لما فرضته دولة الفساد التي سيطرت علي العملية التعليمية.

اختلفت كثيرا معه ، لكن لم أفقد يوما اعتقادي بأنه كان في كل ما يفعل وهو يتحمل المسئولية عن التعليم، كان مخلصا لما يؤمن به، وكان شجاعا في مواجهة التطرف وفي محاربة الفساد، وكان صادقا في الحفاظ علي حق كل طفل في تعليم مجاني ومحترم وكان مقاتلا من أجل أن تتصرف الدولة علي ان التعليم ليس خدمة تقدمها، بل هو أفضل استثمار لها علي الاطلاق.

رحم الله حسين كامل بهاء الدين، وعوض الوطن عنه خيرا.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة