خارج النص

مشروع قومي .. للإنسان المصري

د. أسامة السعيد

السبت، 30 يوليه 2016 - 02:43 م

حاول أن تقرأ عن أي تجربة إصلاح وبناء في العالم، ستجد أن العامل الأهم المشترك بينها هو اعادة الروح للإنسان، تنمية العقل والجسد، الاستثمار في البشر قبل الحجر.. هكذا كانت تجربة النهضة العربية الأولي في عصر محمد علي، وهكذا بدأت النهضة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية، وعلي ذات الطريق سارت تجارب ماليزيا وسنغافورة، وقتل كل ذلك تجربة عصر النهضة في أوروبا، والتي بدأت بتحرير الإنسان من الخرافات، فانطلق عصر التنوير والعقلانية، وانطلقت أولي خطوات بناء الحضارة.

ونحن في مصر لسنا بحاجة إلي اعادة اختراع العجلة، فتحرير الإنسان المصري من كل قيود الجهل والأمية والزيف التي للأسف سيطرت علي عقله لسنوات، واستعادة الروح والوعي هي البداية الحقيقية للبناء، الإنسان لابد أن يكون هو المشروع القومي لمصر حاليا ومستقبلا.

مصر كانت دوما هبة الإنسان، هو الذي استطاع أن يجعل منها حضارة عظيمة، وعندما تم تغييب وعيه وتهميشه، بدأت عصور الاضمحلال، وتحولت مصر من صانعة للحضارة إلي مستهلكة لها ومجرد معبر للحضارات الأخري.

وأزعم أن معظم مشكلاتنا يمكن أن تحل بالوعي واستعادة الروح، فالمشكلة الطائفية البغيضة التي تطل برأسها بين حين وآخر هي مشكلة وعي بالأساس، والكثير من مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية كالفساد وغياب الضمير وانعدام الكفاءة في كثير من القطاعات، وحتي مشكلات القمامة والمرور وأزمة الدولار هي في الأساس أزمات يمكن مواجهتها بالإدارة الواعية واستعادة روح الانتماء، فضلا عن اعتماد العلم وسيلة لإدارة حياتنا، واسناد الأمر للأكفأ بدلا من الفهلوة والمحسوبية.

الانسان المصري كان أغلي سلعة تنتجها مصر علي مدي تاريخها، وأهم الصادرات التي تصنع سمعتها في العالم، فالإنسان المصري هو الذي بني كل تلك الآثار الخالدة التي نفاخر بها العالم حاليا، والعمال المصريون هم من بنوا الاستانة عاصمة الخلافة العثمانية، والمهندسون والعمال المصريون هم الذين شيدوا البناء الحالي للكعبة المشرفة، وعقول مصر هي التي علمت العرب من المشرق إلي المغرب سواء كان ذلك التعليم مدنيا او دينيا، فضلا عن أن مثقفيها ومفكريها هم من صاغوا العقل العربي، وفنانيها هم من شكلوا وجدانه.

الآن.. لسنا بحاجة إلي المقارنة بين الماضي والحاضر والسقوط في مستنقع جلد الذات، لكننا بحاجة إلي مشروع قومي لبناء الإنسان المصري من جديد واستعادة روحه ووعيه لأنه الأساس الذي تبني عليه الحضارة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة