فواصل

ابتزاز دولة كبري ..!

أسامة عجاج

الإثنين، 01 أغسطس 2016 - 02:21 م

من البديهيات القول بان احداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ علامة فارقة في تاريخ العالم الحديث، واختلفت الأمور جذريا مابعد هذا الحدث عن ماقبله. الهجمات أوقعت عددا من الضحايا وصل إلي ٣٥٠٠ شخص، تأثيرات تلك الهجمات انعكست ليس علي واقع امريكا، ولكن كل العالم، وتحول العالم إلي أعداء يحددهم البيت الابيض، وأصدقاء الذين اصطفوا وراء الادارة الامريكية، وتم تنفيذ المخطط القديم لغزو العراق واحتلاله، ودفعت دول آخري أثمانا مختلفة، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية.
وكان من الطبيعي ان تسعي الولايات المتحدة إلي تشكيل عدد من اللجان، لمعرفة حقيقة ماجري، وتم الامر سريعا في شهر نوفمبر من نفس العام، بمشاركة خمس أعضاء من كل من نواب الحزب الديمقراطي والجمهوري، برئاسة توماس كين حاكم ولاية نيوجرسي السابق، والتي استمر عملها علي مدي عام ونصف، نظرت خلالها في العديد من الوثائق والتقارير، وأصدرت تقريرها والذي بلغ حوالي ٨٠٠ صفحة، تم حجب ٢٨ ورقة منه بقيت سرية، وقال بوش يومها، ان «نشر هذا الجزء من التقرير سيضر بعمليات المخابرات الأمريكية، وسيكشف عن مصادر وأساليب ستجعل انتصار واشنطن علي الارهاب اصعب». اذا المنع وفقا لتصريح اكبر رأس في الادارة كان لأسباب أمريكية خالصة، ولكن اللوبي المعادي للمملكة العربية السعودية كان له رأي آخر، وأشاعوا ظلما وعدوانا وكذبا، ان المنع تم لان الأوراق تكشف عن تورط السعودية، وان بوش حرص علي اخفاء تلك المعلومات للعلاقة الخاصة بين العائلة السعودية وآل بوش، رغم ان هناك من الشواهد ماينفي ذلك بالكلية، ونتوقف عند بعضها:
أولا: التصريحات الواضحة والصريحة التي أدلي بها الامير الراحل سعود الفيصل من البيت الابيض، بعد ظهور التقرير بأيام، بعد لقاء الرئيس بوش، «السعودية تشعر بخيبة أمل ازاء عدم نشر التقرير كاملا»، مشيرا إلي ان نشرها سيمكن السعودية من إزالة اي شكوك حول الدور الحقيقي للمملكة في الحرب ضد الارهاب، وقال:  «ان السعودية ليس لديها ما تخفيه، وأنها لا تسعي ولم تكن في حاجة إلي حماية احد».
ثانيا: ان محاكم الاستئناف الامريكية سبق لها وان رفضت دعاوي قضائية ضد السعودية، في نفس الموضوع عدة مرات، في عام ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٥، وذكرت في حيثياتها انه لا وجود لأدلة موضوعية علي الاتهامات الموجهة.
ثالثا: ان المملكة ومنذ التسعينات تمثل هدفا استراتيجيا لتنظيم القاعدة، وكان زعيمها اسامة بن لادن يعتبر المملكة ووقوعها تحت سيطرة ونفوذ القاعدة» الجائزة الكبري»، وعانت المملكة الكثير من الارهاب منذ ذلك التاريخ وحتي الان.
وطوال الخمسة عشر سنة السابقة ظلت الأمور تراوح مكانها، أعلام وبعض كبار مسئولين أمريكيين من اللوبي المعادي للمملكة، يروج لفكرة تورط السعودية في العملية، وأطراف آخري في الادارة تنفي ذلك، ومن نماذج المجموعة الاولي السيناتور بوب غراهام وكان احد المشاركين في التحقيقات، عندما قال « انه امر لايصدق ان ١٩ شخصا اغلبهم لم يتكلموا الانجليزية قط، ولم يذهبوا إلي امريكا من قبل، ولم يحصلوا علي تعليم ثانوي، استطاعوا تنفيذ مهمة معقدة كهذه، دون ان يلتقوا دعما من داخل امريكا».
ولان الابتزاز هو طابع عمل الولايات المتحدة، وحاولت طوال السنوات الماضية استخدام ال٢٨ ورقة في ممارسة ضغوط علي السعودية، للحصول علي مكاسب سياسية، فقد حرصت واشنطن علي افتعال أزمة جديدة مرتبطة بنفس الأحداث، وذلك عندما أعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما في ابريل الماضي، عن ان الادارة سوف تكشف عن تلك الأوراق الـ٢٨، وتم تحديد الموعد خلال الشهر الماضي، وهو ماتم بالفعل، وكان من الضروري البحث عن مسار جديد للضغط علي السعودية، عندما وافق مجلس الشيوخ في مايو الماضي، علي مشروع قانون العدالة ضد رعايا الارهاب، يتيح لأسر ضحايا حادث ١١ سبتمبر، رفع قضايا تعويض علي الحكومة السعودية، وتردد يومها ان السعودية هددت ببيع أصول لها في امريكا بقيمة ٧٥٠ مليار دولار، وهو ما نفاه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وقال»ان قانونا هكذا قد يتسبب في تأكل ثقة المستثمرين»، ولكن سخر من تصريحات متوقعة من دوائر أمريكية كالقول ياالهي ان السعوديين يهددوننا» واعتبرها» سخيفة» اما اسباب عدم توقيع اوباما فهي تعود لأسباب أمريكية خالصة، ومنها ان هذا القانون يجعل امريكا ضعيفة في مواجهة أنظمة قضائية آخري في العالم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة