عصام حجي: اللامنتمي يحلم بالمستحيل

محمد السعدني

الثلاثاء، 02 أغسطس 2016 - 02:20 م

نشرت دورية «هافنجتون بوست» الأمريكية في مارس الماضي مقالاً عن «أفلام مقتبسة عن قصص حقيقية، لكنها ليست كذلك»، حيث يقوم البعض باستخدام أسماء لشخصيات واقعية ثم ينسج حولها قصصاً خيالية، كما في الفيلم الأمريكي «ذئب وول ستريت The Wolf of Wall Street». وهو فيلم كوميديا سوداء مستوحي من مذكرات ملياردير أمريكي صنعته المباحث الفيدرالية وأجهزة الاستخبارات وصعدت به في عالم المال والأعمال،وسرعان ماكان سقوطه المدوي ومحاكمته.

كان هذا أول ماجال في خاطري عندما تناهي إليّ أخبار ماصرح به عصام حجي في مقابلته الجمعة الماضي مع «التليفزيون العربي» من لندن المدعوم من تركيا وقطر والتنظيم الدولي للإخوان، والمتخصص في ترصد مصر والهجوم عليها، فقد تلبس حجي ثوب البطولة الزائفة وراح يؤدي دوره في فيلم هابط هو أيضاً من الكوميديا السوداء حيث تناثرت تصريحاته المتضخمة علي شاكلة:» نعد لإقصاء السيسي عن الرئاسة» و»أن عددًا من قوي ثورة يناير وحركات التغيير بمصر تتجمع حالياً لإعداد مشروع للترشح كفريق رئاسي لانتخابات عام 2018»، مؤكدًا أن هذا الفريق سيكسب الانتخابات حتي لو ترشح الرئيس السيسي أمامه مرة أخري - ويالها من ثقة عمياء لايدعمها إلا الوهم - وأن التعليم والمصالحة هما الحل -لاحظ المصالحة -،ثم لماذا يشتري الجيش المصري السلاح؟ وماهي ضرورة وجود الجيوش أصلاً؟»..وهلفطات كثيرة من هذه النوعية التي لايروج لها إلا من ارتضوا أن يكونوا أبواقاً للتنظيم الإرهابي للإخوان وداعميهم من القوي الدولية، أوالمتطلعين لأدوار أكبر من قدراتهم وأحلامهم،كما زينها لهم محركو الدمي الكبار من أجهزة الاستخبارات العالمية الذين يتصيدون أصحاب النفوس الضعيفة فيحولونهم إلي ماريونيت يلاعبون بهم أوطانهم المنكوبة بأمثالهم، يتعهدونهم بالرعاية ويخضعونهم لبرامج زائفة عن «صناعة النجم» فيغدقون عليهم بمراكز وألقاب لايستأهلونها ظناً منهم أنهم قادرون علي خداع الشعب وتقديمهم أبطالا بدلاء. ومن أسف أن إعلامنا المغيب يبتلع الطعم كل مرة ويجري وراء هؤلاء المزيفين، يروج لهم أفلامهم البائسة وكأنه جزء من صناعة النجم عابر القارات.

والمقابلة هنا تفرض نفسها مابين فيلم ملأ الدنيا وشغل الناس «ذئب وول ستريت» وفيلم هابط قام ببطولته الزائفة ذئب آخر هو من أسف من أبناء جلدتنا لكنه كان دائماً ولايزال علي الضد منا، إنه المدعو عصام حجي المستشار العلمي للرئيس السابق عدلي منصور، الذي وسد أموراً خطيرة لمن لايستأهلون مواقعها فجاءوا كما أطفال الأنابيب أو الأطفال المبتسرين في تكوينهم وذهنيتهم وشخوصهم وأفكارهم، حيث نشأوا في حاضنات صناعية بديلة اكتسبوا منها هوياتهم القلقة وشبوا علي نموذج رضعوه ممن منحوهم هويات مزدوجة وأفكارا  مفارقة لواقعنا الوطني، فمنهم من يحمل الجنسية الأمريكية ومنهم من يحملها ومعها الجنسية الفرنسية كبطل الفيلم المزيف في ملهاته الأخيرة وحديثه مع قناة التليفزيون العربي الذي جاء كما فيلم بائس يدفع للأسي والبكاء علي من امتهن العلم فامتهن قيمته وأهانها وصف نفسه مع مرتزقة كاذبين اجترأوا علي الوطن والحقيقة وقيم الاحترام والاستقامة، وجلسوا في مواقع ساقطي القيد السياسي ممن يترصدون وطنهم في الخارج ويهدرون قيم المواطنة والأخلاق. المشكلة ليست في ازدواج الجنسية بقدر ماهي في ازدواج وتعدد الولاءات، إضافة إلي الخواء النفسي والفراغ الذهني وضعف التجربة وتضخم الذات،وهي مأساة مكتملة الأركان لابد أن يحاسب عليها من مكنوا لمثل هذه الشخصيات المأزومة المهزوزة «اللامنتمية» ممن كتب عنهم الفيلسوف الفرنسي «بول نيزان» منذ عقود طويلة وحذر منهم واعتبرهم كلاب الحراسة الجدد، الذين لايحرسون إلا مصالحهم الضيقة حتي ولو جاءت علي حساب الوطن، لأنهم عبيد للمناصب والتطلعات، فالوطن عندهم قطعة من تورتة يمكن التهامها في الصباح مع الكابوتشينو و»دوناتس» العم سام.

لقد سكتنا كثيراً علي هذا العصام حجي حرجاً من النيل من قيمة العلم ورجاله، لكنه آثر أن يسقط عنه آخر أوراق التوت. في محاضرة له في جامعة «روتجرز» في نيوجيرسي 30 يناير الماضي تحدث بتعال أن مصر بلامستقبل وأن المصريين شعب من المتحرشين، وأن العقول النابغة أمثال البرادعي ومحمد مرسي ومصطفي حجازي تم اضطهادهم بمصر، - لاحظ العقول النابغة- ثم سخر من التعاون مع الخبراء الروس لبناء المفاعلات النووية وحرض العالم علي عدم العبور في قناة السويس، مما اضطر د. سلمي حبيب مستشارة الطب النفسي بنيويورك أن تسخر منه وتشبهه بممثل كوميدي فاشل يحتاج علاجاً نفسياً عاجلاً، ووجه له دكتور خليل العناني أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تدوينة مفادها: «حد يقول لعصام حجي يبطل خيابة». أليس هجومه غير الموضوعي علي الجيش المصري هو تنفيذ لأجندة صهيوأمريكية مغرضة؟ وهل هذا كلام يصلح نسبه لمتعلم ناهيك عمن يلقبونه بالعالم الدولي الكبير؟.

ماذا كان يقصد هذا المهزوز المشوش من لقائه التليفزيوني ومحاضراته المسمومة؟ هل تصور أنه يمكن أن يأتي علي طراد أمريكي لينصب علي مصر من يحكمها كما أحمد الجلبي في العراق؟ أم تصور أن هجومه الدائم غير المبرر علي مصر قد يكون طريقه لنوبل كما حصل عليها آخرون لايستحقونها كما توكل كرمان وآخرين علي شاكلتها في العلوم والآداب والسلام؟.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة