من وراء النافذة

تعليمنا.. و«جيم» زويل «المعطشة»

هالة العيسوي

الخميس، 04 أغسطس 2016 - 02:28 م

 

سؤال  أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار خبر وفاة العالم الراحل د. أحمد زويل؛ تري لو كان زويل بقي في مصر وحصل علي أعلي شهاداته العلمية منها هل كان سيصبح هو نفسه زويل الذي كرمه العالم وبكته البشرية بعد رحيله؟ أم كان سينضم لمئات الآلاف من حملة الماجستير والدكتوراه العاطلين والخاملين بلا فائدة حقيقية تعود علي الوطن منهم ومن أبحاثهم، بل ولا تستبعد أنه ربما انضم للوقفات الاحتجاجية التي قام بها هؤلاء الأكاديميون بحثاً عن مطالبهم بالتعيين.

السؤال يحمل إجابته في طياته وفي صيغته التهكمية بأنها نفي قاطع. السبب معروف لدي الجميع وهو سوء نظام التعليم في بلادنا المحروسة وقتل الإبداع ووأد التفكير العلمي وعدم تشجيع البراعم علي التفتح والازدهار. السؤال دفعني لتأمل لهجة العالم الراحل واحتفاظه بجيمه المعطشة في أحد الحوارات التليفزيونية التي تكرر بثها مؤخراً بعد رحيله، ومع أنني لا أستطيع الجزم بما إذا كانت تلك الجيم المعطشة ندت عنه بتلقائية لهجته الأصيلة أم أنها كانت زلة لسان وحسب. لكن (جيمه المعطشة) علي أية حال كانت في تقديري دليلاً علي ارتباط الرجل بجذوره الأصيلة وانتمائه لثقافة وطن نبت وترعرع فيه، ولم تفارقه حتي بعد أصبح زويل الذي نعرفه. المفارقة أن بكاءنا علي رحيل زويل يأتي متواكباً مع بكائنا علي حال التعليم في مصر وغرقنا في مشكلة تسريبات امتحان الثانوية العامة، وبدء موسم الدروس الخاصة مبكراً وهرولة الأهالي علي حجز أماكن لأبنائهم خاصة من طلاب الشهادات العامة قبل بدء العام الدراسي لدي المدرسين الخصوصيين.

علي ان ما أدهشني فعلا هو اكتشافي أن الدروس الخصوصية داء عالمي! وأن انجلترا مثلا تعرف نظام الدروس الخصوصية و»السناتر» مثلنا تماماً. بل إن أحد الأصدقاء المقيمين في العاصمة البريطانية استأجر لابنه ثلاثة مدرسين خصوصيين الأول لتلقينه وتحفيظه ما يحتاج للحفظ كالنظريات العلمية والرياضية ومعاني الكلمات وهجائها والثاني لتفهيمه وشرح المادة، والثالث لتأهيله للامتحانات وتعريفه بخفايا وأساليب التغلب علي صعوبتها وتدريبه علي وضع استراتيجية حلها!

وتسأل عن دور المدرسة وعن طبيعة المناهج والكتب المدرسية ونوعية الامتحانات فتأتيك الإجابة بأن هناك مناهج محددة لكل عام دراسي مطلوب فيها من التلميذ التعرف علي موضوعاتها بالبحث والاستماع للشرح في المدرسة ولكن كل علي طريقتها. أي ان كل مدرسة تقوم بتدريس المنهج المقرر للطلاب علي طريقتها دون الالتزام بنص معين في المنهج او بكتاب مدرسي محدد. المهم ان تصل المعلومات للتلميذ. وفي مرحلة التعليم الإلزامي التي تبدأ من سن الخامسة حتي الخامسة عشرة أو السادسة عشرة لا يوجد امتحان في نهاية كل عام دراسي ومن ثم ليس هناك نجاح ورسوب، ولكن الامتحان يتم كل ثلاث سنوات أي ما يقابل عندنا الصف الدراسي الثالث الابتدائي والسادس الابتدائي والثالث الإعدادي وبعد اجتياز كل امتحان من هؤلاء يكون الطالب قد اجتاز مرحلة جزئية ويحصل علي شهادة بإنهائها. ولكي يتمكن من الالتحاق بالمدرسة الأفضل للحصول علي الشهادة الثانوية أو ال (IG) عليه تحقيق العلامات التي تؤهله للالتحاق بها. فالمدارس ذات السمعة الطيبة تشترط حداً أدني من المجموع. والتعليم هناك حكومي في مجمله.

بالطبع ليس مطلوباً من التلميذ اختزان كل المعلومات التي تلقاها في دراسته أما في الامتحان فالمطلوب منه ان يتوصل إلي الإجابة الصحيحة بأي أسلوب وبأي طريقة، وبالتالي ليس هناك ما يسمي بالإجابة النموذجية. بهذا الأسلوب يكون قد حصل في نهاية كل مرحلة علي كم معرفي يكفي لتأهله للمرحلة التالية،وتكون مداركه قد اتسعت بالقدر الذي يتيح له اختيار المستقبل الأنسب لملكاته ومهاراته.

قد لا يكون هذا النظام هو الأمثل أو الأنسب بالنسبة لنا، لكنه علي الأقل لا يعتمد علي التلقين ويشجع علي البحث والتفكير والمعرفة، ولو اقتبسنا منه قد يصبح لدينا أكثر من زويل واحد وأكثر من مجدي يعقوب ومصطفي السيد ومحمد العريان ورموز آخرين نباهي بهم الأمم في المستقبل القريب.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة