أوراق شخصية

حبال المحاكم.. وشريعة الغاب !!

آمال عثمان

الجمعة، 05 أغسطس 2016 - 08:18 م

تلقيت رسالة من القارئ عادل سعيد زايد الحاصل علي ماجستير في القانون من جامعة الإسكندرية يقول فيها : لقد بات الشعب المصري يئن ويتعذب نتيجة بطء إجراءات التقاضي وتأخير الفصل في المنازعات، والتي قد تستغرق سنوات طويلة، وربما يعود الحق لصاحبه بعد موته كمدا وحزنا علي حال العدالة في بلدنا، فالعدالة البطيئة أشد أنواع الظلم، والقضاة معذورون لأن عددهم قليل مقارنة بالعدد الضخم من القضايا المنظور أمام المحاكم علي اختلاف أنواعها ودرجاتها، ولأن «حبال المحاكم طويلة» كما نقول بلغتنا العامية، لذلك قد يلجأ المواطن للحصول علي حقه بيده، وتسود شريعة الغاب، القوي يفترس الضعيف، ونعود لعهد الفتوات كما كان في الثلاثينيات والأربعينيات، والتي جسدها الروائي العالمي نجيب محفوظ في رواياته، حيث يلجأ الضعيف إلي فتوة المنطقة ليستعيد حقوقه، بعد عجز الدولة عن القيام بهذا الدور !!

ولعلاج قضية بطء التقاضي يجب زيادة أعداد القضاة وتفعيل قانون السلطة القضائية  وبصفة خاصة المادة 47 من القانون رقم 46 لسنة 1972  والتي تنص علي ألا تقل نسبة تعيين المحامين المشتغلين بمهنة المحاماة في وظيفة قاض بالمحاكم الابتدائية عن الربع، ولا يجوز عند التعيين في وظيفة رئيس بالمحكمة الابتدائية او قاض بمحاكم الاستئناف أن تقل نسبة التعيين من المحامين عن العشر، وتحسب هذه النسبة لكل فئة علي أساس الوظائف الخالية خلال سنة مالية كاملة، لذلك أقول  اذا كنا جادين في حل هذه المشكلة المهمة والخطيرة  يجب علينا الإسراع بتعيين عدد من المحامين في مرفق القضاء حسبما نص قانون السلطة القضائية ، وبالنسب المقررة حتي يشعر المتقاضي بأن هناك عدالة ناجزة وسريعة ويطمئن أن حقه سيعود إليه في اقرب وقت.

انتهت الرسالة التي تناولت قضية مهمة يعاني منها مئات الآلاف من المتقاضين في المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها، صحيح أنها مشكلة عالمية ولا تقتصر علي مصر، ولكن الصحيح أيضا أن حجم تلك الظاهرة تفاقم في بلدنا بصورة ليس لها مثيل بسبب كثرة القضايا، واستغلال الدفاع للإجراءات القانونية، حتي أن بعض المنازعات القضائية تستمر في المحاكم لأكثر من عشر سنوات!

إن العدالة البطيئة ليست فقط نوعا من الظلم يلحق بأصحاب الحقوق، لكنها أيضا تلقي بالعديد من الآثار السلبية والتبعات علي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وينعكس ذلك علي مناخ الاستثمار، وعلي حقوق وحريات المواطنين، وكذلك علي انعدام الأمن والأمان، حيث يلجأ أصحاب الحقوق إلي العنف لاسترداد حقوقهم لشعورهم بغياب العدالة وانعدام هيبة القضاء!

ولا شك أن العائق الأكبر في حل تلك المشكلة يتمثل في قلة عدد القضاة مقارنة بعدد القضايا المتزايد في المجتمع، مما يدفع القاضي الذي ينظر مائة قضية في رول اليوم الواحد إلي التأجيل، ومد أجل القضايا والأحكام، وهذا يجعل تفعيل قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ضرورة حتمية تساهم في تخفيف حدة تلك المشكلة، والمغزي من ذلك القانون هو تواجد محام بين أعضاء الهيئة القضائية يكون ملما بكيفية استغلال المحامين لثغرات القوانين والإجراءات.

ولأن سن القاضي يجب ألا تقل عن الأربعين عاما، فإن قانون السلطة القضائية اشترط في اختيار المحامين لشغل وظيفة قاض أن يكون مارس المحاماة فعليا 9 سنوات استئناف، وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت سن المحامي في هذه الحالة يتجاوز 38 سنة، حيث إن المحامي لابد أن يمر عليه 7 سنوات من القيد بالجدول العام حتي يصل للاستئناف، أي يكون قد أمضي 16 عاما منذ تخرجه في الجامعة (سنه 22 عاما) ذلك بخلاف إضافة سنوات التجنيد.

ولكن من واقع متابعتي للعديد من آراء المتخصصين أري أن حل مشكلة بطء الإجراءات القضائية لا يقتصر فقط علي تعيين المحامين في السلك القضائي، وإنما هناك حزمة من الحلول لابد من اتخاذها للحد من التفاقم المستمر لتلك الظاهرة الخطيرة، والعمل علي تحقيق العدالة الناجزة، قبل أن يلجأ المجتمع لشريعة الغاب !!

.. وللحديث بقية 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة