حريات

تقليب نار الفتنة في مقالات صحفية

رفعت رشاد

الأحد، 07 أغسطس 2016 - 04:13 م

مبارزات صحفية في مقالات منشورة في صحيفة هنا أو هناك عن أقلية الأقباط في مصر وعن ندرة أو انعدام وجود الأقباط في مناصب مرموقة في الدولة. رجل أعمال فتح الموضوع مهاجما ثورة يوليو ومتهما إياها بأن ضباطها تحالفوا مع الإخوان المسلمين لإنجاح ثورتهم. رجل الأعمال لم يستند إلي وثائق تؤكد كلامه بشأن اتهامه أو بشأن اتباع الثورة منهج الإخوان المسلمين. بل تجاهل رجل الأعمال أن الثورة اشتبكت مع الإخوان وتغلبت عليهم وأقصتهم من الحياة السياسية وكانت مصر في عهد جمال عبد الناصر تتمتع بحرية في الاعتقاد والسلوك تظهره أفلام الستينات والخمسينات إذا ما نحينا جانبا شهادات كبار السن منا.
رجل الأعمال إختار توقيتا غريبا بمناسبة كلام البابا تواضروس عن معاناة الأقباط ومقابلة رئيس الجمهورية له. صحيح أن ما نسمعه عن الأحداث في المنيا وبني سويف أمر نرفضه وأمر يجب معالجته في ظل ما يسمي بدولة القانون حتي يأخذ كل مواطن حقه بالدستور والقانون. اختار رجل الأعمال توقيتا غريبا ليطلق كلامه بشأن إقصاء الأقباط وركز في كلامه علي فترة ثورة يوليو موجها اتهاماته لها ولزعيمها زاعما أنه أقصي الأقباط بينما عبد الناصر هو الذي بني كاتدرائية العباسية. وبغض النظر عن مواقف ناصر الموضوعية التي تبتعد في الأصل عن إقصاء أي طرف خاصة الأقباط، فإن إثارة رجل الأعمال مثل هذه القضايا الآن في مقالات صحفية مسألة غير صحية فضلا عن أنه من خلال حزبه وأعضائه داخل البرلمان ومن خلال اتصالاته شخصيا يمكنه أن يحل أي مشاكل في هذا الشأن.
ردا علي رجل الأعمال قام الرجل الأقرب إلي الزعيم جمال عبد الناصر بنشر مقال لا أعتبره ردا مقنعا لأنه ذكر أشياء بشأن الأقباط لا ترقي إلي مرتبة المشاركة ولو بنسبة تتلاءم مع نسبة عدد الأقباط في مصر منها وجود ضابط برتبة صغيرة كان يقف علي بوابة 6 ليلة الثورة ومنها عدد من الوزراء الذين كانوا أعضاء في الحكومات المختلفة. كل ما قاله الرجل لم يقنعني شخصيا بوجود تمثيل مناسب للأقباط وإن كنت أعتقد أن مسألة التمثيل النسبي يجب استبعادها وأن يكون التمثيل حسب الكفاءة لا حسب الملة أو الديانة.
أيضا قامت ابنة الزعيم بالرد علي رجل الأعمال وهو قد أعجبه ما أثاره الردود التي تلقاها فقد صار الرجل كاتبا يثير القضايا ويجد من يرد عليه بشأنها. ولم أكن لأحبذ رد ابنة الزعيم فالموضوع لا يستحق، فمجرد مقال نشر ومجرد رأي قيل والأمر لا يستحق إثارة قضايا ورد علي اتهامات لثورة يوليو التي يأتي موسم الهجوم عليها بمناسبة ذكري حلول موعدها في شهر يوليو. فلم يجد رجل الأعمال إلا ثورة يوليو ليصب عليها اتهاماته بينما انتهي عهد الثورة في 28 سبتمبر 1970 بوفاة ناصر ومجيء السادات الذي أعلن وفاتها رسميا بما أسماه ثورة التصحيح. ولماذا لم يوجه رجل الأعمال اتهاماته إلي عهد السادات أو عهد مبارك وينسب إليهما مسألة إقصاء الأقباط؟.
لماذا اختار رجل الأعمال ثورة يوليو ليكيل لها اتهاماته بأنها حليفة الإخوان؟ هل لأن الثورة انقضي عليها عقود طويلة ولم يعد من رجالها من يدافع عنها ؟ أم لأن الإخوان اختفوا ولم يعد لهم أنياب وأظافر ؟.
لقد »شبعت»‬ ثورة يوليو اتهامات منذ السبعينات. أطلق عليها السادات وعصره كل ما في جراب الحاوي. فالثورة فاشلة وفقدت شرعيتها ودمرت الحياة الديمقراطية والمخابرات كانت فاسدة انشغلت بتصوير النساء عاريات وقيادات الجيش كانت فاسدة وخسرت الحرب لأنها تفرغت للمغامرات الفنية والنسائية وتزوجت تلك القيادات من الفنانات وتركت فنون القتال والحرب.
منذ وجود الصحف الخاصة وفتح الباب لرجال الأعمال للكتابة في الصحف القومية وجدنا الساحة الصحفية والسياسية تعج بكل قادر علي النفاذ لصفحات الصحف والإدلاء بآراء يملؤها الانطباع لا المنطق السياسي أو الموضوعي. لذلك آمل أن يراعي هؤلاء أن آراءهم في مقالاتهم تختلف عن آرائهم في »‬ قعداتهم» فالدولة لا تتحمل المزيد من تقليب النار في وعاء الفتنة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة