من الأعماق

الصعيد.. وسلسال الدم

جمال حسين

الخميس، 11 أغسطس 2016 - 04:07 م

نار الثأر والفتنة تكاد تشتعل وتتجدد بين أكبر عائلتين بمركز دار السلام بسوهاج بسبب إطلاق اسم شهيد ينتمي لعائلة علي مدرسة مقامة في زمام العائلة الأخري!.. عائلة قورة تريد تكريم ابنها الشهيد حسام قورة بإطلاق اسمه علي المدرسة الإعدادية بالمركز تخليدا لدوره البطولي في محاربة الإرهاب بسيناء وتضحيته بروحه من أجل مصر وهذا حقها ونحن نؤيدها لكن يتبع كبار العائلة نظرية »درء المفسدة مقدم علي جلب المنفعة»‬ واعتقد أن الشهيد الذي كرمه الله بجنات الخلد لا يرضيه اشتعال نار الفتنة بسببه وبسبب جمود الفكر وعدم إعمال العقل كما أن العقل يرفض وضع النار بجوار البنزين حتي لا تشتعل النيران وتأتي علي الأخضر واليابس.. عائلة رضوان ترفض وضع لافتة اسم الشهيد علي المدرسة الموجودة في زمام عائلتهم رغم إقرارهم بحق تكريم الشهيد وكنت أتمني أن يبادروا بالترحيب بذلك لعل دماء الشهيد التي سالت في سيناء تطفيء لهيب الثأر بين العائلتين وتعيد روح المحبة والأخوة.. لكنهم اعتبروا أن ذلك استفزاز مقصود من عائلة قورة.. كل عائلة تمسكت برأيها حتي لو كان هذا الرأي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب وأصبح الوضع فوق صفيح ساخن.. لذلك لابد من تدخل سريع من الحكماء والمسئولين وأتمني أن يكون علي رأس الوسطاء فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. أحمد الطيب الصعيدي الذي يحظي بحب واحترام الجميع قبل أن نبكي علي الدم المسكوب.. أتمني أن يعود كبار العائلتين إلي رشدهم وأن يتفقوا علي كلمة سواء يغلبون فيها سماحة الدين الإسلامي الحنيف علي مصالحهم. إنه الثأر البغيض الذي يسيطر علي عقول الكثيرين من أبناء الصعيد إلا من رحم ربي وهو إحدي آليات الانتحار الذاتي في محافظات الوجه القبلي التي تمتد علي طول ألف كيلومتر من الفيوم والجيزة شمالا وحتي أسوان جنوبا الذي ولا تتحدث إلا بلهجة الدم.
أعلم أن الجهود المبذولة من الدولة لم تنجح في القضاء علي ظاهرة الثأر وربما نجحت في تحجيمها بعمل مصالحات بينما تمتليء احصائيات مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية بآلاف الخصومات الثأرية الملتهبة التي تحتاج تدخلا سريعا وعاجلا لوقف سلسال الدم.. لديّ يقين أن الأعمال الدرامية التي تناولت ظاهرة الثأر سواء أفلاما سينمائية أو مسلسلات ومسرحيات لم تنجح في تحقيق هدفها التوعوي والتنويري بل علي العكس قامت بإذكاء روح الانتقام وترسيخ قواعد الثأر البغيضة.. أكاد أجزم أن رجال الدين لم ينجحوا في بث روح التسامح بين المتناحرين وأجزم أن الجامعات المنتشرة في طول محافظات الصعيد وعرضها لم تحقق دورها التنويري في تنمية المجتمع الريفي للقضاء علي هذه العادة الجاهلية المترسخة بقوة وأقولها بكل قوة إن وزارتي الثقافة والإعلام ووسائل الاعلام المختلفة لم تفلح في محاصرة ثقافة الثأر رغم امكانياتهما الهائلة.. أيضا لم تنجح سياسة وزارتي التعليم والتعليم العالي رغم ازدياد أعداد خريجيها وارتفاع نسبة الحاصلين علي أعلي الشهادات الجامعية في تغيير مفاهيم العقول المنغلقة وترسيخ قيم السماحة وقوة القانون.. علماء الاجتماع والسياسة أكدوا أن تراجع دور الدولة في الصعيد خلال عقود طويلة عاشها الصعايدة محرومين من كل المشاريع التنموية والخدمية ساهمت في انتشار ظاهرة الثأر.. أتمني أن نعمل مخلصين للقضاء علي ظاهرة الثأر اللعينة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة