أضواء وظلال

حرب الدولار.. وكيف المواجهة

خالد جبر

الخميس، 11 أغسطس 2016 - 04:09 م

 احتلت أزمة الدولار وارتفاع قيمته أمام الجنيه المصري اهتماما واسعا خلال الشهور الماضية.. وبالطبع كان الخوف من استمرار تصاعد سعره في السوق الموازية.. وهو الاسم المهذب للسوق السوداء.. هو المسيطر علي كل التحليلات.. أما الخوف الأكبر فكان هو ارتفاع الأسعار في كل المجالات.. وهو ما حدث بالفعل.. والقادم أخطر.
ورغم إجراءات البنك المركزي المصري طوال الشهور الماضية لضبط أسعار الصرف في السوق المحلي ووضع ضوابط مشددة علي شراكات الصرافة.. فان الدولة تقف حائرة أمام أزمة الدولار وتأثيراته علي الوضع الاقتصادي الداخلي وأسعار السلع الاستهلاكية وعمليات الاستيراد من الخارج.. وعلي حركة تدفق الاستثمارات الأجنبية. سعر الدولار تجاوز معدلات عالية.. ومرشح للصعود والزيادة نتيجة نقص المعروض من العملة الصعبة وتزايد طلبات المستوردين. البنك المركزي بذل جهودا كبيرة في الفترة الماضية وطرح عطاءات دولارية إلي السوق، ومع ذلك فالسوق السوداء تسير في طريق غير معلومة ويقودها المضاربون من تجار العملة والراغبون في زيادة سعر العملة إلي أكثر من ذلك.. المسألة واضحة ولا تتعلق بعمليات تجارية وحسابية وإنما تجاوزت إلي حرب اقتصادية مكشوفة أشبه بحرب العملات ضد مصر من المتربصين بها ومحاولة خنق الاقتصاد المصري من الداخل بالمضاربات أو من الخارج مثل عمليات شراء الدولار من العاملين بالخارج وهو ما كشفت عنه الأرقام الأخيرة الصادرة عن البنك المركزي بتراجع تحويلات المصريين بالخارج إلي مصر.
لم ينجح البنك المركزي في القضاء علي السوق السوداء، أو حتي تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص الشركات. كما لم تنجح أيضا حملات مباحث الأموال العامة علي شركات الصرافة في القضاء علي السوق الموازية.
 من هنا برزت فكرة محاصرة شركات الصرافة التي بدأ عملها في مصر بداية التسعينات لتكون سوقا موازية لعمليات استبدال العملة بهامش ربح معقول.. ولكنها مع توحشها وتمكنها من السوق بسبب نقص المعروض من العملة.. ونقص الداخل منها إلي السوق المحلية.. تحولت الشركات إلي مساهم رئيسي في تدمير الاقتصاد المصري.. ولا شك أن هناك تدخلات خارجية وحربا منظمة من بقايا جماعات الإخوان لتحقيق هذا الهدف الخبيث.. وقد تم فعلا إغلاق ٤٨ شركة صرافة بشكل نهائي أو مؤقت.. من بين ١١٥ شركة تعمل في مصر لها آلاف الفروع في الداخل والخارج.
رئيس مجلس النواب شدد علي ضرورة اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، وكان اقتراحه بأن يتم إغلاق جميع شركات ومحلات الصرافة في الجمهورية للحد من أزمة أسعار الدولار والقضاء علي السوق الموازية بشكل نهائي، وأن يبقي المتحكم الوحيد في العملات الأجنبية هو البنك المركزي، ووصف شركات الصرافة بأنها سرطان يطعن في جسم الاقتصاد المصري ولابد من إلغائها.. ولابد من تطبيق عقوبات تصل إلي الإعدام علي من يتلاعب، وتم فعلياً الاتفاق وجارٍ العمل علي مشروع قانون إلغاء شركات الصرافة في مصر.
 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل سيحد قرار إغلاق شركات الصرافة من أزمة الدولار في مصر بشكل نهائي؟.. أم يعتبر قرارا في غير محله يؤدي إلي المزيد من ظواهر الأزمة؟.. هل هو القرار السليم في الوقت السليم.. أم سيكون القرار الذي سيزيد الأزمه ويشعلها أكثر وأكثر؟.. وما هو البديل لتلك الشركات.. وهل يحقق هذا البديل حل مشكلة عدم وجود الدولار أصلا؟.. وما هو مصير مليارات الدولارات الموجودة في حوزتها؟.
كل تلك الأسئلة نستعرضها في مقال قادم بإذن الله.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة