د . زويل والأزهر و «المكفراتية»

د.عبدالمنعم فؤاد

السبت، 13 أغسطس 2016 - 02:11 م

د.أحمد 

زويل : عالم مصرى أذهل العالم بنظرياته العلمية، وقدم نفسه للدنيا كلها باسمه المصرى المسلم البحّاثة، العلاّمة ليدلل على كذب من يظنون أن المسلمين ضد العلم، والتحضر، والرقي، والمدنية. فالإسلام أعظم، وأجل مما يظنون، والعلماء يرفع رب العالمين درجاتهم فى العالمين، وأوروبا نفسها أقرت، واعترفت بفضل علماء المسلمين على  تقدمها، وحضارتها : لعلمها أن هذا الدين لا يحجُر على الفكر، ولا يتصادم مع التطور، والتقدم. لذا احتضن الغربيون د .زويل- وأمثاله -،وقدم الرجل نفسه نموذجا يفخر به كل مصري، ومسلم فى العالم إلى أن وافته المنية، وهو فى محراب البحث، والعلم.
غير أن أصحاب ثقافة التكفير، والمكفراتية لم يعجبهم العجب،وعزّ عليهم أن يرى العالمُ  مسلما تُصفق له الدنيا بأكملها، وتضع له الملائكة أجنحتها، وتستغفر له : رضا بما يفعل. - كما أخبرنا بذلك المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فخرج من هؤلاء من يسمى الشيخ وجدى غنيم ليُطلق قذيفة التكفير على هذا العالم الذى قضى نحبه، وبدلا من أن يترحم عليه حكم بلعنه، وكفّره!. لا لذنب اقترفه سوى أنه قدم علمه لكل إنسان، فمن يفعل ذلك عند غنيم فهو كافر ملعون لا مكان له فى جنة رب العالمين !.
وكأن رب العالمين أعطى مفاتيح الجنان لهؤلاء البشر، والغريب أن بعض المناوئين لكل ما هو إسلامى تصيّدوا هذا الأمر وخرجوا فى الفضائيات ليقولوا : هذا هو الدين، وهذا الغنيم هو : نسخة مما يخرجه الأزهر.
وكذب هؤلاء، وما صدقوا، فالأزهر لا يعرف مثل هذا الفكر،، وغنيم هذا ليس من أبناء الأزهر، ولا يُعرف مصدر علمه. وما يحمل سوى بكالوريوس تجارة، ثم تثقف على بعض الكتب التى توجد على الأسوار، وظن بقراءته لكتاب،أو كتابين منها : أنه صار عالما فذا يناطح بعلمه العلماء، وألقى -كما رأينا- حشدا هائلا من الفتاوى الغريبة ومنها: حكمه على العالم الراحل بالكفرواللعن.
- فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟ !.
إن الأزهر الشريف يعرف قدر العلماء، وهو أول من سارع لنعى الراحل مؤكدا: ( أن التاريخ سيذكره بحروف من نور، وأن أبحاثه التى وصفها بالقيّمة: قد أحدثت ثورة علمية حديثة، وساهمت بشكل كبير فى نفع البشرية، وخدمة الشعوب، ولم ينس الأزهر فى نعيه وبيانه» الثناء على حب هذا الرجل لوطنه، وأمته، وحرصه على تقدم مصر، وازدهارها،ومساعدة النابغين من أبناء هذا الوطن الغالى».).
فهل من اللائق بعد ذلك أن يُحمِّل المغرضون  إثم غنيم للأزهر، ويدّعون أنه من أبنائه،وقد أفرزته مناهجه ؟!.
ألم يأن لهؤلاء أن يطّلعوا بإنصاف على بعض من هذه المناهج التى يقدمها الأزهر لابنائه، وفيها التدليل على أن ثقافة التكفير لا مكان لها فى الأزهر، وأن المكفراتية هم من فرز غير أزهرى، والأزهر يحذر ابناءه، بل وأبناء الأمة الإسلامية الذين جاءوا من كل فج عميق ليتعلموا فى محرابه من خطورة التكفير للموحدين..
ويرجع أصل هذا التحذيرالمهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو القائل : ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كانت كذلك وإلا ردت عليه ).
واقتدى علماء الأمة بهذا النهى النبوى فحذروا بقوة فى كتبهم، والتى يقتبس منها الأزهر فى مناهجه من التسرع بتكفير أهل القبلة، فالغزالى يقول : ( والذى ينبغى الاحتراز منه التكفير ما وجد إلى ذلك سبيلا... ويواصل قائلا : والقضية : أن تكف لسانك من أهل القبلة - يعنى المسلمين - ما داموا يقولون : لا إله إلا الله محمد رسول الله فإن التكفير فيه خطر، أما السكوت فلا خطر منه.).
والأصل : أن الاعتقاد لدى المسلمين يكون دائما بيقين، ولا يزول إلا بيقين أشد منه، وأقوى. عملا بالقاعدة الأصولية ( اليقين لا يزول بالشك ).
فإذا ادعى وجدى غنيم- ومن على شاكلته من المكفراتية - كفر زويل أو غيره فلابد أن تُقدّم الأدلة اليقينية على ذلك. فلا يخرج المسلم من الإسلام إلا بإنكار ما دخل به، ولذلك لم نر لغنيم أدلة على تكفير العالم الراحل: اللهم إلا الفهم المخل لآيات من كتاب الله، ويتحدث فيها بلا علم، ولا وعى سليم.
وهذه هى المشكلة التى يقع فيها التكفيريون خاصة إذا أرادوا أن يشرعنوا أحكامهم : فتجدهم سطحيين إلى أقصى مدى، يقدمون اجتهادات متدنية ليُسقطوا أحكام النص الشرعى على ما يريدون، وأى خلاف بينهم، وبين الآخرين فى أمر ما سواء  سياسيا، أو فقهيا، أو حتى إداريا فهو : مفاصلة عقائدية ينتج عنها حكمهم على المخالف بالكفر!.
فالمشكلة لدى هؤلاء تكمن فى عقولهم، وفى سوء فهمهم للنصوص.. فهم لا ينكرون النص الشرعي، ولكن يسيئون فهمه.
ومن سمع أدلة وجدى غنيم فى تكفير الرجل يجد أن للعلماء فيها تأويلات، ولم يترك العلماء هذه المسألة للأهواء فلابد من أدلة صريحة لا تقبل التأويل.
لماذا؟ لأن الخطر الذى سيجلبه التكفير سيهز أمن المجتمع، فما من تكفير انتشر إلا وأعقبه العنف، والقتل، والتفجيرسواء كان هذا عاجلا أو بعد حين، وقد حدث أن هؤلاء لما كفّروا عليا -رضى الله عنه- : قتلوه بعد ذلك بدم بارد، ولم تُحدثهم أنفسهم بأفضاله،،وأنه فدى النبى، ونام فى فراشه وهو طفل صغير منتظرا القتل من المشركين لينجو الإسلام الذى يتشدق به هؤلاء كذبا الآن.
كذلك أتباعهم فى عصرنا : كفّروا : الشيخ الذهبي، واتبعوا ذلك بقتله، ونرى الآن أنصار بيت المقدس، وتكفيرها الجماعى للجيش، والشرطة، واتباع ذلك بالقتل، والتفجير للكمائن، والمديريات الأمنية، والمذابح للأبرياء فى رفح، والفرافرة، وغيرها.
فالتكفير يرتبط ارتباطا عضويا بالقتل، والتفجير.
لذا يحذر الأزهر منه، وبقوة لأنه يشتمل على القتل المعنوى ثم الجسدى لأبناء الأمة، ومن حُكم عليه بالكفر يفرق بينه، وبين زوجه، ولا يرث، ولا يورث، ولا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه، ولا يدفن فى مقابر المسلمين إلى غير ذلك من المخاطر.
كل هذا يعيه الأزهر، ويعلم طلابه : أن الله تعالى ما أمرنا أن نتعبده بتكفير الناس، ولكن بنصحهم، وهدايتهم،ولا يسألنا فى الآخرة :
كم كفرتم؟، ولكن كم هديتم، ونصحتم، وقربتم الخلق إلى طريقى؟.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة