محمد سلماوى
محمد سلماوى


حوار| سلماوي: وجدت صورة أمي في زوجتي.. واعتزلت كل المناصب بإرادتي

غادة زين العابدين

الأحد، 14 أغسطس 2016 - 03:33 م

جمع بين الصحافة والأدب.. وبين الفن والسياسة.. وبين الأرستقراطية ومعايشة مشاكل البسطاء، تولى أعلى المناصب ثم قرر التحرر بإرادته من كافة المناصب ليتفرغ لكتاباته ورواياته وأسرته والأهم أحفاده، هو الرئيس السابق لاتحاد كتاب مصر واتحاد الكتاب العرب، وهو أيضًا مؤسس ورئيس تحرير سابق لأكثر من جريدة، وعضو سابق لمجلس نقابة الصحفيين ووكيل المجلس الأعلى للصحافة، وأخيرا هو عضو لجنة الخمسين التى شاركت فى إعداد دستور مصر، وكان المتحدث الرسمى باسمها هو الأديب والكاتب الصحفى الكبير محمد سلماوي.

..................................................؟

والدى كان رجل أعمال هو المهندس سلماوى محمد بك كان رجل أعمال يعمل فى مجال الاستيراد والتصدير وصاحب مصانع تعدين وكان عاشقا لمصر، وحريصا على استثمار أمواله كلها داخل البلاد..رغم تأميم شركاته عام 1962، والدتي زينب شتا ابنة رجل الأعمال محمد شتا بك الذى تبرع بخزينته الشخصية لمصطفى وعلى أمين عند تأسيس أخبار اليوم بعدما رفضوا تبرعه المالى..ووقتها كتبوا مقالا عن هذا التبرع..واعتبروا الخزينة فأل حسن..لأن خزينة شتا بك لا تفرغ أبدا!.

..................................................؟

كنا نعيش فى حى الزمالك فى عمارة ليبون.. حيث كان جيراننا فاتن حمامة ورشدي اباظة وعلى أمين وحافظ اسماعيل وغيرهم.. تعلمت من والدى الانتماء للوطن.. أما والدتى فتعلمت منها الفن والجمال.. فقد كانت فنانة تشكيلية هاوية وتركت لنا لوحات زيتية رائعة اعتز بها جدا.

..................................................؟

أنا الابن الاكبر لأخوتى الاربعة وبعدى امينة زوجة مساعد وزير الخارجية الأسبق.. وأشرف مؤلف موسيقى كان لديه فرقة موسيقية مع عمر خيرت ومجدى الحسينى فى السبعينات لكنه الآن مقيم فى انجلترا..أما الرابعة فهى هداية زوجة المهندس أبو بكر خيرت.

..................................................؟

كانت أمى توفر لنا مناخا فنيا وأدبيا ممتعا داخل البيت..حيث مكتبة والدى الثرية.. ورسومات أمى الرائعة.. وتعلمنا عزف البيانو على يد المدرس اليونانى . وقد قرأت فى طفولتى وصباى قصة الثورة الفرنسية وتاريخ نابليون وابراهام لينكولن..وغيرهما من السير الذاتية لعظماء التاريخ.

وكان أبى وأمى حريصين على تعليمى أنا وأخوتى لغات عديدة.. فأجدنا الإنجليزية فى مدرسة فيكتوريا كوليج.. والفرنسية على يد مربيتنا الفرنسية، بالإضافة لحرصهما على إجادتنا للغة العربية من خلال تعلم القرآن على يد الشيخ جلال الذي كان يعطينا دروسا أسبوعية فى البيت.

..................................................؟

كنت طفلا هادئا شغوفا بالفنون والثقافة.. وكان جو البيت يشغلنى عن الدراسة والرياضة» كنت باكره المدرسة وباكره الحساب وماكنتش طالب متفوق،»لكن الأمر اختلف فى الجامعة.. حيث انفتحت على الدنيا، وتفوقت فى الدراسة بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية حتى عينت معيدا بها وكمان عرفت أهمية الرياضة، وبدأت أمارس السباحة وركوب الخيل بهدف اللياقة فقط».

 ..................................................؟

حكايتى مع الكتابة بدأت من الطفولة» كلنا بنكتب شعر وقصص واحنا صغيرين.. لكن الشاعر الحقيقى هو اللى يستمر فى الكتابة بعد سن 18.. زى ما قال الشاعر البريطانى الكبير تى إس إليوت» .. كانت معظم كتاباتى فى مجال المسرح والقصة، وكنت أكتب بالانجليزية..وجاءت نقطة انطلاقى كأديب بعد اتجاهى لدراسة ماجستير المسرح فى الجامعة الأمريكية..وقتها عرضت لى مسرحية على مسرح إيوارت..وكان من بين الحضور الناقد الكبير روبرت بن وارين الذى هنأنى بعد العرض وقال إننى سأصبح كاتبا مسرحيا كبيرا» وساعتها أدركت أن الأدب هيكون طريقى، فقررت بعدها أن تكون كتاباتى كلها بالعربية».

..................................................؟

مرحلة فاصلة أخرى فى حياتى.. حينما التقيت بالأستاذ محمد حسنين هيكل عام 1970.. وطلب منى العمل معه بالأهرام.. كنت وقتها معيدا بكلية الآداب..وتصورت انه سيعرض علىّ العمل بقسم الأدب..لكنى فوجئت به يطلبنى للخارجى.. لرؤيته فى ضرورة أن يضم القسم الخارجى كافة التخصصات.. حتى يستطيع المحرر تقييم الأخبار المتنوعة من مختلف أنحاء العالم واستكمالها.

................................................؟

رغم سعادتى بعملى كأستاذ جامعة لديه ما يقوله للطلاب المتعطشين للمعرفة..الا أننى لم أتصور كيف أقضى عمرى فى تدريس الأدب الانجليزى فى بلد بها نسبة أمية 60%.. ومجتمع يعانى من مشكلات أكثر إلحاحا من الأدب الانجليزي، كانت لدى رغبة حقيقية فى الاقتراب من مشاكل المجتمع وواقعه لا أن أكون فقاعة على سطحه..وشعرت أن عملى كصحفى سيكون أحد أدوات اقترابى من هذا الواقع..ومع ذلك كنت مترددا فى ترك الجامعة..فطلبت من أستاذ هيكل العمل شهرا بدون راتب.. وقبل مرور الشهر بهرنى وجذبنى عالم الصحافة فقدمت استقالتى من الجامعة لتتغير حياتى بالكامل .
..................................................؟

مع عملى بالصحافة..أخذتنى الأحداث الكبرى التى تلت رحيل عبد الناصر..ابتعدت قليلا عن الأدب..ولكن أصبحت لى رؤية سياسية وموقف سياسى..لدرجة أن مواقفى المعارضة أدت بى للسجن فى عهد السادات. تجربة السجن كانت ثرية جدا وجهت نظرى لقاع المجتمع الذى كنت أسعى لمعرفته.. واكتشفت أن هذه الفئة يمكن أن تجد لديها مبادئ وشهامة قد لا تجدها فى فئات أخرى..وسجلت تجربتى فى مسرحية «القاتل خارج السجن» التى أخرجها سعد أردش.

..................................................؟

يقولون إن الرجل يبحث عن أمه فى زوجته..وربما لهذا السبب اخترت زوجتى فنانة مثل أمى..فزوجتى هى الفنانة التشكيلية نازلى مدكور..تزوجتها عن حب..»اتعرفت عليها وأنا معيد فى الجامعة..ولأنها فنانة وانا أديب.. اتفاهمنا بسرعة على كل شئ.. حتى أثاث البيت، وكل واحد فينا بيقدّر جنون التانى الفنى ويحترمه»..زوجتى كانت تعمل فى الأمم المتحدة..لكنها فضلت التفرغ للفن لتصبح من كبار الفنانين الذين تعرض أعمالهم بالخارج.

..................................................؟
لدى فى الأسرة فريق شياطين من سن 2 إلى 10.. هم أحفادى الخمسة..»أما بييجوا البيت.. يا ويلنا من شقاوتهم».. لكنى صديق مقرب لهم جميعا.. أما حفيدى الكبير علىّ فهو أهم صديق فى حياتى وكثيرا ما نخرج سويا لتناول البيتزا، وأجمل متعة عندى حين أخرج مع «الشياطين الخمسة» لتناول الآيس كريم.

..................................................؟

حينما وصلت «السبعين» اعتزلت كل المناصب الادارية..وتركزت أحلامى وطموحاتى فيما يمكن أن أحققه بالكتابة.. فأنا أكتب الآن تاريخ مصر من خلال تاريخى الشخصى من نهاية الحرب العالمية إلى كتابة الدستور..فقد عايشت خلال حياتى أحداث كبرى فى تاريخنا الحديث..تفاعلت معها واشتبكت بها..سواء بالمساهمة فيها أو بالصدام معها..كان آخرها المشاركة فى كتابة الدستور الجديد الذى يفترض أن يضع مصر على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها.

..................................................؟

لم أندم لحظة واحدة على التخلى عن المناصب الادارية، فأنا أريد التفرغ للكتابة.. والاستمتاع بالحياة والسفر مع زوجتى لرؤية الآثار ومشاهدة الأوبرا.. وقراءة الكتب التى لم يتسع وقتى لها..وكتابة الكتب التى أحلم بها..ثم الاستمتاع بأحفادى» والخروج مع أحفادي بالدنيا كلها وإذا كنت اعتذرت مرتين عن الوزارة لكن مش ممكن أعتذر لأحفادي لو طلبوا نخرج ناكل آيس كريم!.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة