الرئيس السيسي أثناء حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية
الرئيس السيسي أثناء حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية


الجزء الأول من حواره لرؤساء تحرير الصحف القومية

السيسى: السلام هو الحل السحري لمشكلات الشرق الأوسط

ياسر رزق

الأحد، 21 أغسطس 2016 - 02:26 م

٧ ساعات كاملة أمضيناها يوم أمس، مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حوار شامل، بصالون الطابق الأول من قصر الاتحادية.

هذا هو الحوار الصحفى الثانى الذى يدلى به الرئيس منذ توليه منصبه لرؤساء تحرير الصحف القومية: الأخبار والأهرام والجمهورية.
التقينا بالرئيس فى تمام التاسعة والنصف صباحاً.. زميلاى محمد عبدالهادى علام وفهمى عنبة وكاتب السطور، بحضور اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية والسفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم الرئاسة.
كان محدداً للقاء ثلاث ساعات على الأكثر، وكان مقدراً أنها تتسع لتناول كل القضايا فى حوار شامل.
لكن الحوار امتد، واللقاء طال ٧ ساعات كاملة، لعلها الأطول فى زمنها لحوار صحفى مع رئيس، ولعلها الأقصر فى شعورنا بمرور وقتها، فى حضرة رجل لا تريد حين تلتقى به أن تفارقه.
لم تتوقف أسئلتنا، وإجابات الرئيس طيلة هذه الساعات، إلا بعض الوقت، ليلتقى المبعوث اليابانى ثم الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس فى صالون آخر، وانتهزنا هذه الفرصة لسرعة إعداد الجزء الأول من هذا الحوار للنشر.
الكلمات مهما عبرت، تعجز عن وصف أجواء اللقاء.
لم يبد الرئيس ضيقاً من طول المدة، ولا من أى سؤال، أجاب عن كل استفساراتنا دون تردد أو تحفظ.
كان الحوار ثرياً، صريحاً، مفصلاً.
يعتز السيسى بأمرين أنه مواطن قبل أن يكون رئيساً، ومقاتلاً قبل أن يكون قائداً.
تحدث عن مستقبل مصر بعيون المواطن الذى يريد لبلده أن تجد مكانها أخيراً بين صدارة الأمم، وتحدث عن حاضر مصر بعيون الرئيس المهموم بوطنه والمنشغل بالنهوض بشعبه.
هو مقاتل ذو كبرياء، لا ينحنى لأحد ولا يرضخ إلا لإرادة الجماهير، ويعرف أيضاً أن المقاتل فى ساحة المعركة ظهره هو شعبه، وذخيرته هى عزته وشرفه.
يأسرك الرئيس السيسى ببشاشته وهو يقابلك ويكلمك، ولا تستطيع أن تخفى إعجابك بنظرته الشاملة للأمور ورؤيته البعيدة للقضايا واستخلاصه لجوهر الأشياء من قلب تفاصيل المشهد.
تحدثنا مع الرئيس فى كل ما كان يعن لنا، فى سياسة مصر الخارجية، وعلاقتها الدولية، تناولنا قضية السلام فى الشرق الأوسط وتداعياتها، والأزمات العربية وتبعاتها، وعلاقات مصر بأفريقيا والقوى الكبرى فى العالم.
كان جوهر الحوار عن مصر الداخل.. مصر التحديات.. مصر الأمل.. مصر المستقبل.
وأنهيناه بأسئلة عن الإنسان والبطل والرجل الذى اختاره الشعب لمهمة إنقاذ وحماية وبناء، وأجاب عنها كلها دونما أى حرج.
ونبدأ الجزء الأول لهذا الحوار بقضايا مصر والعالم.

***


سيادتك قلت مؤخرا إن أدبيات السياسة الخارجية المصرية فى العقود السابقة لم تعد مناسبة للوضع الحالى. هذا الكلام يحتاج إلى تفصيل. هل المقصود هو تغيير فى ثوابت العلاقات المصرية الخارجية، أم تغيير نهج كان سائدا فى التعامل؟
- الرئيس: المقصود أننا ندير علاقاتنا مع دول العالم فى إطار الشراكة، لا التبعية، فمصر ليست تابعة لأحد. نحن لدينا علاقات استراتيجية ثابتة نحافظ عليها ونسعى لتطويرها، وهى علاقات شراكة تقوم على الانفتاح وتبادل المصالح والرأى والحوار السياسى والاحترام المتبادل.
ونحن من خلال اتصالاتنا ولقاءاتنا بقادة العالم، نعطى الفرصة للآخرين لتفهم ما يدور فى مصر والمنطقة. ولقد أثبتت الوقائع التى تشكلت فى المنطقة صدق الرؤية المصرية، وصحة ما نطرحه من شواغل، كانت من قبل لاتحظى بالقبول أو التفهم، ولكن الآن ثبت سلامة ما كنا نقوله، ورؤيتنا الحقيقية للواقع. لذا فإن الثقة فى السياسة المصرية تزداد يوماً بعد يوم، والاستعداد للتعاون معها يزداد بمضى الوقت، وهو عنصر حاسم فى زيادة الفهم لسياستها ولحقائق الوضع فى المنطقة.
وأقول بكل وضوح إنه خلال العامين الماضيين لم يستطع أحد أن يملى علينا شيئا على غير ما نراه، فالقرار الوطنى المصرى يتمتع بالاستقلال بشكل مطلق. بل أقول إننا عند إعلان بيان الثالث من يوليو عام٢٠١٣، حينما كنت وزيرا للدفاع، فإننا -وأقسم بالله- لم نستأذن أحداً، أو نخطر أحداً، أو ننسق مع أحد فيما قررته الجماعة الوطنية وأعلنته على الشعب.
< فى زيارتك لأسيوط قبل شهرين.. أطلقت دعوة إلى كل أطراف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل لإعادة إحيائها من أجل إنهاء الصراع.. وبعدها أوفدت وزير الخارجية للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلى والرئيس الفلسطينى ما تقييمك للوضع وكيف ترى الجهود الدولية المبذولة فى هذا الاتجاه؟
- الرئيس: موقفنا ثابت من عملية السلام ونحن ندعم كل الجهود التى نسعى إلى حلحلة هذه القضية شديدة التعقيد، فاستمرار النزاع له تأثير سلبى بالغ على المنطقة، أما الاتفاق فله تأثير ساحر على مستقبل شعوبها.
إن مصر كانت ومازالت داعمة للجهود الأمريكية خلال السنين الماضية، وداعمة لمبادئ السلام العربية، كما أعلنت تأييدها للمبادرة الفرنسية، وعلاقاتنا مع الطرفين الفلسطينى والاسرائيلى تتيح لنا أن نلعب دوراً محورياً لإيجاد حل لقضية السلام.
< لكن أين الدور الروسى، خاصة أن روسيا أحد راعيى مؤتمر مدريد للسلام الذى أطلق عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية منذ أكثر من ربع قرن، كما أنها عضو فى الرباعية الدولية؟
- الرئيس: نحن ندعم أى تحرك إيجابى من جانب الدول المعنية والقادرة على التأثير سواء الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبى أو روسيا الاتحادية.
وأذكر أن الرئيس الروسى بوتين أبلغنى بأنه دعا الرئيس الفلسطينى أبومازن ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو للاجتماع فى موسكو لإجراء محادثات مباشرة.
ونحن نؤيد هذه الجهود، والكل مدعو للتحرك فى هذه القضية التى تحتاج إلى جهد جبار، والتجاوب مع المبادرات المطروحة بهدف إيجاد ضوء فى نهاية النفق للفلسطينيين لاقامة دولتهم المستقلة جنبا إلى جنب مع اسرائيل.
لكن لابد من إنهاء الخلاف الفلسطينى الفلسطينى من اجل تهيئة المناخ لتفاوض حقيقى، وتحقيق المصالحة سواء داخل حركة فتح، أو بينها وبين حركة حماس.
< لكن سيادة الرئيس، ألا تعتقد أن انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية قد يؤدى إلى إرجاء أو تجميد تلك الجهود؟
- الرئيس: من الضرورى أن يتم التحرك الآن، وألا يجمد الوضع، وللأسف المياه راكدة تماما ولابد من جهود لتحريكها، بشرط توافر إرادة لدى إسرائيل والسلطة الفلسطينية ودول الإقليم والمجتمع الدولى.
إننا لا نريد أن نستأثر بدور، بقدر ما نريد تشكيل قناعة لدى الآخرين للقيام بدورهم وأن السلام لو تحقق هو الضوء المبهر الذى سيغير ملامح المنطقة.
< من خلال رؤيتك للموقف الإسرائيلى، هل تجد قدراً من التغير فى النظرة الإسرائيلية تجاه السلام؟
- الرئيس: أرى أن القناعة بأهمية السلام وإيجاد مخرج تتزايد لدى الجانب الإسرائيلى، وهذا مؤشر إيجابى.
< بشكل عام.. ما النقاط الرئيسية التى تحكم الموقف المصرى من قضايا المنطقة خاصة النزاعات فى دول الجوار العربى؟
- الرئيس: أولا نحن لا نتدخل فى شئون الآخرين.. ثانيا: مصر تدعم إرادة الشعوب.. ثالثا: إننا ندعم الحلول السياسية السلمية للمسائل المتنازع عليها.
< فى هذا الإطار.. نسأل عن موقف مصر من المشاركة فى التحالف العربى لدعم الشرعية فى اليمن؟
- الرئيس: مصر تشارك بعناصر من القوات البحرية فى باب المندب لتأمين الممر الملاحى وتأمين وصول السفن لقناة السويس. ولدينا عناصر من القوات الجوية فى السعودية، لكن لا توجد لنا أى قوات برية فى أى دولة عربية. كل ما لدينا من قوات خارج مصر هى فى إطار قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
< الوضع فى سوريا يبدو معقداً ومتشابكاً، كيف حددت مصر موقفها فى ظل العلاقات التاريخية التى تربطها بهذا البلد العربى الشقيق، وكيف ترون سبل الخروج من هذه الأزمة؟
- الرئيس: إشكالية الموقف فى سوريا، يكمن فى أنه بلد تتقاطع فيه الرؤى والمصالح بشكل أو آخر. وهناك أطراف كثيرة تتعامل مع هذا الملف، وأعتقد أن التفاهمات الأمريكية الروسية من جانب ومرونة الأطراف الإقليمية التى لها مصالح مباشرة من جانب آخر، يمكن أن تؤدى إلى إيجاد مخرج لهذه الأزمة، وهذا يحتاج إلى وقت. أما الموقف المصرى فهو يتأسس على:
٥ محددات رئيسية هى:
- احترام إرادة الشعب السورى.
- ايجاد حل سلمى للأزمة.
- الحفاظ على وحدة الأرض السورية.
- نزع أسلحة الميليشيات والجماعات المتطرفة.
ـ إعادة إعمار سوريا وتفعيل مؤسسات الدولة.
< بالنسبة للأوضاع فى ليبيا.. حذرت سيادتك أكثر من مرة من انتقال العناصر الإرهابية إلى الأرض الليبية لتكون منطلقا لها إلى مصر ودول شمال المتوسط.. ما التدابير التى اتخذتها مصر لمواجهة هذا الخطر؟
- الرئيس: المسألة بوضوح أنه كلما زاد الضغط على العناصر المتطرفة فى سوريا والعراق والنجاح فى مواجهتها، فإنها تنتقل إلى ليبيا. ولقد رصدنا ذلك منذ عدة أشهر، ووجود حركة خروج من سوريا والعراق والتجمع فى ليبيا، وهناك جهود دولية للتعامل مع هذا الخطر. وفى هذا الصدد فإن مصر تدعم الجيش الوطنى الليبى والبرلمان لأنهما يمثلان الشعب الليبى  وإرادته، ومصر تسهم فى تدريب عناصر الجيش الليبى، وهم مطمئنون لذلك لأن الجيش المصرى جيش ذو عقيدة وطنية، وليس جيشاً قبلياً ولا طائفياً، ونحن نبذل جهدنا لحماية حدودنا مع الاستعداد الكامل لمجابهة أى مخاطر قائمة منذ سقوط القذافى وحتى الآن.
< كيف تقيمون علاقة مصر بدول الخليج، خاصة أن هناك تقارير خارجية تحاول الترويج لفتور علاقات مصر بالسعودية والإمارات؟
- الرئيس: علاقات مصر ودول الخليج ثابتة وقوية، ونحن حريصون على هذا الأمر، وأيضا الأشقاء فى دول الخليج يحرصون من جانبهم على توطيد هذه العلاقات. ولا توجد مشكلة تعترى هذه العلاقات سواء فيما يتعلق بقضايا المنطقة والتعاون الثنائى. لكن البعض يختزل  العلاقة بين مصر وأشقائها فى الخليج بحجم الدعم المقدم منها، وهذا ليس صحيحاً.
< مشكلة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية التى تضمنت جزيرتى تيران وصنافير أثارت جدلا فى الشارع المصرى، كيف ترون أبعاد هذه المشكلة، وتأثير مجرياتها على العلاقات المصرية السعودية؟
- الرئيس: نحن نتعامل باحترام كامل مع مؤسسات الدولة، ونحترم القضاء وأحكامه كما أن القضاء نفسه أتاح للدولة التعامل أمامه وفى نفس الموضوع وفقا للقانون. ولدينا مؤسسة البرلمان التى تمثل إرادة الشعب، وسيكون أمام البرلمان فرصة كاملة لدراسة الاتفاقية بشكل متعمق.
ونسجل للأشقاء فى السعودية أنهم يتفهمون الموضوع والإجراءات الدستورية فى مصر تماما.
< ما الذى تستفيده مصر من اتفاقات تعيين الحدود البحرية مع الدول المجاورة لسواحلها؟
- الرئيس: تعيين الحدود البحرية يعطى فرصة حقيقية للبحث عن الثروات والموارد المتاحة فى المياه الاقتصادية.
وهذا ما حدث فى اتفاق تعيين الحدود مع قبرص، وأتاحت لنا المنطقة الاقتصادية الكشف عن حقل «ظهر» الذى سيكون مصدرا كبيرا للدخل من النقد الأجنبى عند بدء انتاجه بحلول عام ٢٠١٨، كما أن اتفاق تعيين الحدود البحرية مع السعودية يشكل فرصة للتنقيب عن الثروات والنفط فى البحر الأحمر.
< وماذا تم فى مفاوضات تعيين الحدود البحرية مع اليونان؟
- الرئيس:  نحن نمضى فى هذه المباحثات، وبدأنا بالفعل فى إجراءات وخطوات فى هذا الشأن.
أما فيما يتعلق بالتعاون الثلاثى بين مصر وقبرص واليونان، فسوف نستضيف القمة الثالثة فى أكتوبر القادم لبحث وتفعيل مجالات التعاون والمشروعات التى اتفقنا عليها فى القمتين السابقتين، بقبرص واليونان.
< توليت رئاسة القمة العربية فى دورتها السابقة، كيف رأيت صورة العالم العربى فى هذا العام؟
- الرئيس: أتصور أننا فى منطقتنا العربية بحاجة إلى قيام الدول العربية بمراجعة شاملة تستهدف التعاطى بشكل أكثر ايجابية من قضايانا لصالح الدول والشعوب العربية بأكملها.
وفى رأيى أن النقاش والحوار والتنسيق هى أفضل السبل لحل أى اشكاليات والتعامل مع أى شواغل. ودورنا يجب أن يكون جمع الشمل العربى واحتواء المشكلات، لاسيما أن المنطقة فى أصعب أحوالها.
< ننتقل إلى العلاقات المصرية الأفريقية.. سيادتك حرصت منذ توليك الرئاسة على المشاركة بانتظام فى القمم والمحافل الأفريقية، هل نستطيع القول إن مصر عادت إلى دورها الأفريقى؟
- الرئيس: بالتأكيد.. فمنذ خطابى الأول ركزت على الدائرة الإفريقية فى علاقات مصر الخارجية. ونحن بدأنا عهداً جديداً مع الأشقاء، ويمضى مسار تطوير علاقاتنا مع دول القارة بصورة طيبة، خاصة دول حوض النيل، وهناك تقدير كبير للدور المصرى خاصة فى تعاملنا الحكيم مع موضوع سد النهضة.
< كيف تسير المباحثات فى اتجاه توقيع اتفاق الدراسات الفنية والبيئية الخاصة بسد النهضة، والتعاون الثلاثى بين مصر والسودان وإثيوبيا؟
- الرئيس: المباحثات تسير بشكل مطمئن للجميع ويبعث على الرضا. لذا لابد أن تكون ردود أفعالنا هادئة وواثقة ومطمئنة بأن مياه النيل ستظل تتدفق إلى مصر.. وهم يعون هذا.
وبهذه المناسبة.. فسوف يزور الرئيس السودانى عمر البشير القاهرة فى أكتوبر القادم، لبحث تطوير التعاون فى اطار اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.
< نأتى إلى علاقات مصر بالقوى الكبرى.. كيف تسير علاقاتنا بالولايات المتحدة؟
- الرئيس: العلاقات المصرية الأمريكية هى علاقات استراتيجية تقوم على ثوابت يحرص عليها الطرفان، ونحن فى البلدين مهتمون بأن نعطى الفرصة لأنفسنا لمراجعة مواقفنا، ولقد اتضح لهم خلال السنوات الثلاث الماضية، حقائق الوضع فى مصر، وسياستها التى تتسم بالتعقل والتوازن والحرص على هذه العلاقات. وبالتأكيد فإن مستقبل هذه العلاقات جيد فى ضوء أنه كلما يمر الوقت، تتحسن الأمور.
< هل هناك اتصالات مع ممثلى حملتى الرئاسة الأمريكية المقبلة؟
- الرئيس: نحن نلتقى مع كل الشرائح السياسية الأمريكية.. مع المسئولين، سواء فى الكونجرس أو الحكومة أو البنتاجون، ونتحاور معهم وهم يستمعون إلى آرائنا ويتفهمون موقفنا.
< العلاقات المصرية الروسية شهدت فى العامين الماضيين زخماً كبيراً يعيد لها ثقلها التاريخى.. هل تأثرت هذه العلاقات بحادث الطائرة الروسية؟
- الرئيس: العلاقات بين مصر وروسيا راسخة وذات طبيعة خاصة ولها بعدها التاريخى.
أما بالنسبة لحادث الطائرة فلم يترك أثراً سلبياً على هذه العلاقة، لكن كانت هناك بعض الظروف وتمت مراعاتها بين البلدين. ونحن متفهمون للموقف الروسى وحساسية القيادة الروسية وشواغلها تجاه مواطنيها، ونعلم أن السياحة الروسية لمصر لابد أن تعود.
< هل هناك مؤشرات على عودتها قريباً؟
- الرئيس: إن شاء الله. ومن المهم عودة السياحة الروسية إلى مصر كتعبير عن قوة العلاقة بين البلدين، وأنا متفائل بعودتها قريباً.
< ماذا عن توقيع الاتفاق الخاص بإنشاء محطة الضبعة النووية؟
- الرئيس: هناك نقاط صغيرة يجرى التفاوض بشأنها، وهذه المحطة هى أمل مصر فى دخول آفاق المعرفة النووية، وإن شاء الله سيتم توقيع الاتفاق هذا العام.
< هل مازالت قضية الدارس الإيطالى ريچينى تعترض مسار العلاقات المصرية الإيطالية؟
- الرئيس: أسجل إشادتى وتقديرى للتصريحات الايجابية لماتيو رينزى رئيس الوزراء الإيطالى. وهم فى إيطاليا يشعرون بأننا نتعاون معهم ونحرص على استجلاء الحقيقة، ونحن متعاطفون مع أسرة الطالب الإيطالى. وهناك تعاون بين أجهزة التحقيق فى البلدين. ولقد ساهمت زيارات الوفود الشعبية فى إيضاح صورة التعاون المصرى الإيطالى، ومازالت جهود التحقيق مستمرة فى هذه القضية. لكن دعونى أقول إن تناولنا لها فى بعض وسائل الإعلام المصرية، أدى إلى تعقيد القضية.
< الملاحظ أن العلاقة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى كل على حدة جيدة، بينما الاتحاد نفسه له مواقف تبدو مغايرة فى بعض الأحيان.. ما تفسير ذلك؟
- الرئيس: إننى أقدر أن لكل دولة موقفها الخاص نحو مختلف القضايا وعلاقتنا بدول الاتحاد الأوروبى متميزة، وأرى أن التعاون مع الاتحاد ككل فى تحسن مستمر.
< بعد تولى تيريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا منصبها أجريت سيادتك اتصالاً معها.. ماذا دار فى هذا الاتصال؟
- الرئيس: هذه المكالمة كانت للتهنئة بتوليها منصبها، وأيضا للحديث عن علاقات التعاون بين البلدين، وتناولنا موضوع عودة السياحة البريطانية لمصر، وكان الحديث إيجابيا فى هذا الموضوع، ونتوقع عودة السياحة البريطانية فى الخريف المقبل، وسنتلقى إجابة حاسمة فى هذا الشأن قريبا.
 ثم يبتسم الرئيس وهو يقول: طلبنا فى الرئاسة إجراء هذا الاتصال مع رئيسة وزراء بريطانيا وتم الاتصال على الفور، ولا أعلم من أين أتت المعلومات التى ذكرها البعض بأن البريطانيين تأخروا فى الرد علينا اسبوعين أو ثلاثة؟!
< هناك تصريحات متضاربة تصدر من مسئولين أتراك عن العلاقات مع مصر.. كيف تستقبلون هذه التصريحات، ولماذا لا نرد بالقدر الكافى على من يمس مصر وقيادتها؟
- الرئيس: نحن نعطيهم الوقت لإعادة النظر فى موقفهم من مصر وتصويب تصريحاتهم.
وعندما نرد فإننا نرد بموضوعية اذا كان الأمر يحتاج إلى رد. وليس كل ما يقال يستحق الرد. وفى العلاقات بين الدول ينبغى أن يكون هناك مستوى لائق للتصريحات والتعامل، واننى أحرص على أن نعكس حضارة وثقافة وقيم وأصالة مصر، والمصريون أصبحوا متفهمين لذلك.
أما عن العلاقات بين الشعبين، فلا توجد أى أسباب للعداء، ونحن فى مصر ليست عندنا نزعات مذهبية أو طائفية، وإنما نتعامل بالشكل الذى يليق بمصر.
< فى مطلع الشهر المقبل، ستقومون بزيارة إلى الصين بدعوة من الرئيس الصينى للمشاركة فى قمة العشرين، ما الذى تحمله إلى القمة كزعيم عربى افريقى ؟
- الرئيس: إن حرص الرئاسة الصينية على دعوة مصر لحضور قمة مجموعة العشرين، التى ستعقد فى مطلع سبتمبر المقبل فى مدينة «هانجو» الصينية، يعكس مدى التقدير الذى تحظى به مصر على الصعيد الدولى، ومدى الثقة فى ثقلها الإقليمى، فضلا عن النظرة التفاؤلية إزاء مستقبلها الاقتصادى.
وسوف تحرص مصر خلال مشاركتها على إيصال صوت الدول الافريقية بوجه خاص والنامية بوجه عام، وأن تحقق القمة النتائج المأمولة فيما يتعلق بتقديم المساندة الفعالة لهذه الدول فى سعيها لتحقيق الأهداف الدولية للتنمية المستدامة 2030، بما فى ذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول النامية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبى إليها، وتيسير نفاذ منتجاتها وخدماتها لأسواق الدول المتقدمة، فضلا عن ضرورة التزام الدول المتقدمة بتعهداتها فى إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ لتقليل الاثار السلبية للانبعاثات الضارة على الدول النامية، وتمكينها من زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وما يتضمنه هذا المجال من تكنولوجيا حديثة وصديقة للبيئة.
وسوف تقوم مصر خلال القمة بعرض رؤيتها إزاء الموضوعات الاقتصادية الدولية المطروحة على جدول الأعمال، وأهمها سبل تنسيق السياسات الدولية وفتح مسار جديد للنمو، ودفع التجارة والاستثمار على الصعيد الدولى كوسيلة للتغلب على تباطؤ أداء الاقتصاد العالمى وتجنب الانزلاق مجددا إلى أزمة كساد، وكيفية الاستفادة من الفرص التى تتيحها التكنولوجيا الرقمية والصناعية المبتكرة لتحفيز النمو الاقتصادى العالمى، والتحديات التى تواجه قطاع الطاقة العالمى.
وهذه الزيارة ستكون فرصة لإجراء مشاورات مع العديد من قادة الدول العشرين، وعقد مباحثات مع الرئيس الصينى لمناقشة التعاون بين البلدين.
< فى النصف الثانى من سبتمبر المقبل، تشاركون للعام الثالث فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. فى المرة الأولى كان الغرض من المشاركة هو ان يطل العالم على مصر الجديدة بعد ثورة 30 يونيو، وفى المرة الثانية كان الغرض هو انفتاح مصر على العالم بعد عزلة مؤقتة أعقبت الثورة.. ما رسالتكم إلى العالم فى هذا العام؟
- الرئيس: الزيارة هذه المرة هدفها تأكيد صدق الرؤية المصرية تجاه أهم قضية تواجه العالم وهى قضية التطرف والإرهاب.. لاسيما أن مصر تشغل مقعداً غير دائم بمجلس الأمن وتتولى رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب.
< خلال العامين الماضيين.. زرت العديد من دول العالم، ما التجربة التى جذبت انتباه سيادتكم أكثر من غيرها؟
- الرئيس: الحقيقة أننى كنت اتصور أن الموارد وشحها أو توافرها هو أحد أهم أسباب تقدم الدول. لكننى عندما ذهبت إلى كوريا الجنوبية وجدت ان الانسان هو أهم وأثمن عنصر فى التقدم. فالغنى الحقيقى فى كوريا الجنوبية هو قدرة الانسان الكورى، وهذا الأمر يجب ان نعمل عليه فى مصر من أجل صياغة الشخصية المصرية واستكمال بنائها.
وفى زيارتى لليابان.. جذب انتباهى التعليم. هناك منظومة متكاملة فى المدارس، فالفصول بلا أبواب وهذا له مغزى، ولقد وجدت أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة التى زرتها فى طوكيو لا يزيدون على ٢٨ فردا منهم ثمانية يتولون مهمة تجهيز الوجبات للتلاميذ.. والكل هناك مقتنع بأن دور التعليم هو بناء الشخصية.
< نلاحظ أن هناك تأخرا فى نقل تجارب بعض الدول، رغم وجود تفاهمات على ذلك؟
- الرئيس: نقل التجارب بين الدول مسألة تأخذ وقتا، لان الدول المتقدمة تقوم بدراسات وتضع تصورات لهذا التعاون قبل صياغة  الاتفاقات وما سيتم التعاون بشأنه. الناس هناك تأخذ وقتها فى الدراسة بتعمق لذا فالموضوع يأخذ وقته ولا ينتهى فى شهر أو شهرين كما نتصور.
< خلال زيارة سيادتكم إلى كوريا الجنوبية وسنغافورة، شاهدت بعض الشباب المصرى يعمل فى إدارة كبريات الشركات العالمية هناك.. كيف شعرت حين التقيت بهم؟
- الرئيس: شعرت بالسعادة البالغة، وتأكد لى أننا قادرون على تحقيق ما نتمناه بشرط أن نتحلى بالصبر والجدية، فإذا تمسكنا بهما فى كل مجال كالتعليم والإنتاج وغيرهما سنحقق نتائج هائلة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة