فوق الشوك

رسالة إلى الرئيس

شريف‮ رياض

الأربعاء، 24 أغسطس 2016 - 02:20 م

السيدالرئيس.. اسمح لى أن  أوجه إليك حديثى مباشرة منبها ومحذراً من خطر أشرت إليه من قبل.. لست وحدى ولكن خبراء وكتابا كثيرين أطلقوا نفس التحذير لليقظة قبل أن يفوت الأوان وتتحول الدعوة إلى ربط الأحزمة على البطون إلى انفجار أصحاب البطون الجائعة.
لا أدرى كيف لا يرى صناع القرار فى الحكومة أو الأوساط المحيطة بك هذا الخطر.. إذا كانوا يرونه ويتصورون أن الأمور ستبقى دائما تحت السيطرة فهذه مصيبة.. وإذا كانوا لا يرونه فتلك هى المصيبة الأعظم.
من المؤكد سيادة الرئيس أن  حرصك على الانتقال بمصر إلى حياة جديدة تواكب العصر خلال فترة حكمك اتجاه حميد لا يختلف عليه اثنان لكن يبقى دائما هناك خيط رفيع بين ما تراه ضروريا لتحقيق هذا الهدف بالاهتمام والتركيز والتوجه نحو المشروعات القومية الكبرى سواء الانتاجية أو الخدمية وتطوير البنية الأساسية بالتوسع فى مشروعات الطرق والكبارى وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحى والغاز لجذب الاستثمارات المباشرة التى تخلق فرص العمل لشبابنا وبين ما يراه الفقراء ومحدودو الدخل.. هذا الخيط هو الأولويات.. الدولة ترى أن الأولوية فى هذه المرحلة للمشروعات الكبرى والبنية الأساسية وزيادة مساحة الرقعة الزراعية وإقامة المدن الجديدة والقضاء على العشوائيات ولكى تحقق الدولة هذا الهدف لابد أن تتصدى بمشرط الجراح لمشكلة عجز الموازنة الذى أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية عبر سنوات طويلة حتى بات الأمر لا يحتمل التأجيل وهى وجهة نظر سليمة من الناحية الاقتصادية ويؤيدها بلا شك قطاع كبير من الشعب يتفهم المشكلة على حقيقتها ومستعد لربط الأحزمة على البطون فعلا.. لكن هناك أيضا قطاعا آخر من الشعب لا يقل أهمية تمدد من طبقتى الفقراء ومحدودى الدخل إلى الطبقة المتوسطة وربما تجاوزها.. هذا القطاع لا يمكن تجاهل وجهة نظره التى تقوم على أساس توفير الحياة الكريمة للناس اليوم وليس غداً.. الفقراء ومحدودو الدخل لا يستطيعون أن ينتظروا ليجنوا ثمار المشروعات الكبرى.. إلخ بعد سنوات.. هم لا ينكرون أهميتها وضرورتها وحتميتها لكنهم يرون أن تنفذ هذه المشروعات بالتوازى مع تحسين أحوالهم المعيشية.. وهم أول من سيربط الأحزمة على البطون إذا وجدوا أن هذه الأحزمة ستطول أيضا المليونيرات والأغنياء الذين لا ترتفع أصواتهم بالمعاناة لأنهم قادرون على تحمل أية زيادات جديدة فى تكلفة الانتاج وأسعار السلع والخدمات لكن أن تطلب الدولة من الشعب أن يربط الأحزمة على البطون وتقول سيادتكم مخاطبا المواطنين فى أكثر من مناسبة «اصبروا معايا شوية» بينما يرى الناس انهم فى واد والحكومة فى واد آخر .. سبق أن أشرت إلى مشروع القانون الذى تقدمت به الحكومة لمجلس النواب لزيادة مرتبات رئيس الوزراء والوزراء.. بعدها ناقش المجلس مشروع قانون آخر بزيادة رسوم استخراج الأوراق القضائية عشرة جنيهات توجه لصندوق علاج القضاة وهو ما رفضه عدد من النواب محذرين من خطورة هذا التوجه.. هل هذا تصرف منطقى من حكومة تطلب من الناس أن يتحملوا قسوة الاجراءات القادمة التى يفرضها الاتفاق مع صندوق النقد الدولى على منح مصر قرض الـ١٢ مليار دولار الذى يعد ثانى أضخم قرض يقدمه الصندوق فى تاريخه.
لو لم نلجأ لصندوق النقد الدولى لاستطعنا أن نطبق الاصلاحات الاقتصادية بالتدريج بما يتناسب مع ظروفنا بدلا من أن نضع أنفسنا تحت مقصلة صندوق النقد الدولى معتبرين أن موافقته على القرض شهادة بسلامة اقتصادنا تؤهلنا للحصول على قروض أخرى من المؤسسات المالية الدولية المشابهة دون أن نفكر للحظة كيف ستسدد الأجيال القادمة هذه القروض.. لقد رفض مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق أن يلجأ الى صندوق النقد الدولى واعتمد على امكانيات ماليزيا السياحية وثرواتها الطبيعية فى إعادة بناء بلاده وكانت البداية بتطوير التعليم حتى أصبحت ماليزيا مثالا يحتذى.. فلماذا نلجأ نحن إلى الحلول السهلة ونحمل الأجيال الحالية والقادمة أعباء فوق طاقاتهم.
من يتصور أن الشعب يمكن أن يتحمل فى وقت واحد قرارات تستهدف خفض أعداد موظفى الحكومة وتقييد التعيينات الجديدة دون أن يكون هناك فى المقابل مشروعات استثمارية تستوعب الطاقات العاطلة والخريجين الجدد.. وعلى التوازى مطلوب من الشعب أيضا أن يتحمل ضرائب جديدة كضريبة القيمة المضافة التى حذر عشرات الخبراء من آثارها فى رفع أسعار السلع والخدمات ويتحمل زيادة فى أسعار الكهرباء والمياه والغاز الطبيعى ورسوم الخدمات وزيادات أسبوعية فى اسعار المواد الغذائية الأساسية.. من يتصور هذا واهم ولهذا أحذر من خطورة انفجار الأوضاع.
 اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة