عودة الريس «عبد الواحد» !

فاطميات

د.فاطمة قنديل

السبت، 27 أغسطس 2016 - 01:53 م

في فيلم »رد قلبي« يُدخل «الريس عبد الواحد» ابنه (علي) المدرسة الحربية، ليصبح،كما يريد أي أب لابنه، أفضل منه، كان الابن متفوقا، فأكمل تعليمه بعد أن حصل على المجانية (التى كافح من أجلها إلى حد أنه لعب ماتش ملاكمة بضلع مكسور!) لكن لاالمدرسة الحربية، ولا التفوق، كانا شفيعيه فى الزواج بمن أحب، فماإن تجاسر الأب وذهب ليخطب له «إنجي» (ابنة الباشا)، حتى أرسل «الباشا» له بمن يرسله إلى مستشفى «المجانين»! باقى الحكاية تعرفونها، فقد أذيع الفيلم آلاف المرات، فى كل عيد لثورة يوليو، فى كل مناسبة قومية، حتى فى أعياد ثورة يناير صاحبة شعار: «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، وموجتها الثانية فى 30 يونيو! يظل بإمكانك أن ترى نسخا أخرى جديدة من الفيلم، ليس بالضرورة على هيئة «فيلم»، ولكن على هيئة إعلانات، ومسلسلات، وبرامج توك شو أيضا، آخرها ماشاهدناه من مناظرة الأربعاء 24/8، «مع إبراهيم عيسى»، بين الخبير الاقتصادي/ إلهامى الميرغني( نائب رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكي)،والأستاذ/ محمود عطاالله، الخبير بقطاع البنوك (عمل من 2004-2007 نائبا لرئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة) انقسمت المناظرة إلى «مؤيد» لسياسات الدولة، وهو الأستاذ محمود بالقطع، و»معارض» وهو الأستاذ إلهامى بالقطع، بل بدا الأمر وكأن الأستاذ محمود متحدث باسم الحكومة لا مجرد مؤيد لسياساتها!كان سؤال البرنامج: «هل تنحاز سياسة الدولة للفقراء ومحدودى الدخل؟» دافع الأستاذ محمود عن سياسات الدولة، ودافع الأستاذ إلهامى عن محدودى الدخل، وبينهما تساءل الأستاذ إبراهيم عيسى عن تعريف محدودى الدخل! كان تعريف «المؤيد» لهم: «أسرة من 5 أفراد، يعيشون فى بيت به 3 غرف نوم! وفى كل غرفة «لمبة»،ولديهم مروحة، أو مروحتان، وتليفزيون وديكودر» (نسى المؤيد «الثلاجة» لابأس)، هل هذا وحده ماذكرنى بالريس عبد الواحد؟! أعنى أسرته المكونة منه ومن زوجته وعلى وحسين وبهية (ابنه الخالة) والبيت الواسع الذى كانوا يعيشون فيه فى «جنينة الباشا»؟! مماجعلنى أتصور أن الأستاذ محمود قد استمد معلوماته عن محدودى الدخل من الفيلم المعروض فى خمسينيات القرن الماضي! فقط أضاف «للديكودر» التليفزيون والمراوح! وهل هناك أسرة محدودة الدخل، هذه الأيام، تعيش فى بيت به ثلاث غرف! من شاهد العينة العشوائية لمن نقلتهم الدولة إلى «الأسمرات»، حسب تقرير الإعلامية لميس الحديدي، رأى البيوت المعلقة بين الصخور، كالجحور، وبها ثلاجة ولمبات وتليفزيون، وهى لاتشبه بيت «الريس عبد الواحد» للأسف، لكن عبارة أخرى «للمؤيد» جعلتنى أشعر أننى أشاهد الفيلم بحذافيره، تلخص رأيه فى التعليم، إذ يرى الأستاذ محمود أن على الدولة أن تلتزم بمجانية التعليم الإلزامى فقط، مماجعل الأستاذ إلهامى يفقد أعصابه (التى حاول جاهدا التحكم فيها، فيما بدا لي، طوال الحلقة) ويقاطعه قائلا: «يعنى حنخللى الشعب يفك الخط»؟! لكن «المؤيد» لم يقصد ماتصوره «المعارض»، والحق يقال، وكان عليه أن ينتظر توضيح الأستاذ محمود الشروط الواجبة كى يتعلم الشعب، وهي، فى نظره، تقوم على التزام الدولة بأن يأخذ الشعب الابتدائية! ومن أراد أن يكمل تعليمه عليه أن يعتمد على: إماتفوقه، أو قدرته المادية! فى هذه اللحظة من الحوار قفزإلى ذهنى «الأمير علاء»، واقفا فى شرفة القصر يصطاد العصافير، ويصيب «علي» برصاصة فى كتفه (على سبيل المشاكسة)، فتصرخ إنجى وتضمد له جراحه بمنديل، الأمير علاء-كماتعرفون- أكمل تعليمه العالي، لقدرته المادية، لالتفوقه، ولولا أن «علي» كان متفوقا، لعمل بالابتدائية مع الريس عبد الواحد، فى جنينة الباشا، ولولا كل ذلك لماكان هناك فيلم، وثورات، وعلى وإنجى، والريس عبد الواحد الذى أثق أنه كان جالسا فى كواليس المناظرة،مذهولا، وهو يرى الأستاذ محمود وقد أرسل له، ولنا جميعا، فى الحقيقة، بمن يرسلونه، بعد كل هذه السنين،ومن جديد،إلى مستشفى المجانين!

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة