ارحمونا من افتكاسات وزير التعليم

من وراء النافذة

هالة العيسوي

الخميس، 01 سبتمبر 2016 - 03:51 م

غير معقول ما تفعله وزارة التعليم فى أبنائنا وفى الأهالى. قرارات غير مدروسة وغير نزيهة تفوق احتمال أولياء الأمور. هى ناقصة؟ آخر افتكاسة لوزارة التعليم هى قرار بإلغاء امتحانات نصف السنة ونصف الفصل الدراسى واستبدالها بامتحانات شهرية! وتطبيق هذا القرار على طلاب الشهادتين الابتدائية والإعدادية. لماذا؟ وما هى فلسفة هذا القرار؟ قالوا فى تفسيره أنه يوفر تقويماً أفضل للطلاب وتدريباً لهم على الامتحانات! يعنى الأهالى ما صدقوا يخرجوا من تحت ضرس مدرس الفصل وملاحقة الدروس الخصوصية معه فى سنوات النقل حتى تأتى الوزارة بهذا القرار المجحف.
حتى لو كانت تلك الخطة معترفا بها تربويا وتعليميا فى كل بلدان العالم أو حتى فى المريخ يجب أن تعلم وزارة التعليم فى بلادنا المحروسة أن منظومتنا التعليمية لها خصوصية متفردة، وأن الوزارة موجودة لخدمة العلم وتطوير التعليم والنهوض بالنشء لا لخدمة المصالح الخاصة والمدرسين الخصوصيين. أهلكنا الوزير بتصريحات عنترية سابقة عن محاربة الدروس الخصوصية و»السناتر» ولم يقل لنا الآلية التى سيحارب بها تلك الدروس، ولا لأين وصلت معركته المقدسة معهم. والآن تتخذ الوزارة قرارا كل «فضيلته» أنه يكرس جبروت المدرسين الخصوصيين واستغلالهم لمواسم الامتحانات فى إذلال الأهالى ورفع أجورهم ومضاعفة عدد الحصص الخاصة! لاحظ أن الدروس الخصوصية من ضمن الخدمات المدرجة فى قانون ضريبة القيمة المضافة ولم يستطع واضعو القانون الإجابة عن سؤال حول المدرسين الخصوصيين ولا عن كيفية ضبط تحصيل الضريبة منهم فى الوقت الذى استثنوا فيه فئة الأطباء بحجة دعم القطاع الصحى.
هل يعقل ألا يفكر جهابذة المجلس الأعلى للتعليم وكبيرهم وزير التعليم فى كل هذا؟ هل وضعت وزارة التعليم مثلاً ضوابط أو ضمانات لنزاهة تنفيذ خطتها تلك؟ من الذى سيضع الامتحانات الشهرية ومن الذى سيقوم بتصحيحها؟ وهل ستتم بأرقام جلوس وسرية أوراق الإجابة أم أنها ستكون سداح مداح يتحكم فيها مدرس الفصل ويحابى تلاميذه الخصوصيين ويسرب لهم الامتحان الذى وضعه بنفسه ويتجاهل فيها من لا يتلقى دروساً خصوصية معه؟ ولو كانت هذه الامتحانات الشهرية ستوضع من قبل الوزارة وستجرى بنفس الآليات القديمة لامتحانات نصف السنة فهل لدى الوزارة القدرة اللوجيستية أو بالأحرى رفاهية إجراء امتحانات شهرية شاملة لعموم مدارس البلاد؟
أرجوكم اجتهدوا فى البحث عن حلول جادة لمشكلاتنا المتجذرة بدلا من التشبث بمظاهر كذابة ولا تكونوا كمن يعلق زينة الفرح على منزله قبل أن يتقدم أى عريس لابنته!
تكلفة منظومة الفساد
 فى قضية واحدة من قضايا الفساد الراهنة وهى قضية صوامع وتوريد القمح قدرت النيابة العامة تكلفة أحد بنود الاتهام فيها وهى الاستيلاء على مبالغ من خلال إعداد كشوف وهمية بحوالى 621 مليون جنيه، سدد منها رجل أعمال واحد من ضمن المتهمين مبلغ 77 مليون جنيه مقابل التصالح والإفراج عنه. ثم تبعه متهم آخر من رجال الأعمال أيضاً فسدد حسب الخبر الذى نشرته الأخبار أول أمس أكثر من 84 مليون جنيه، وأيضاً مقابل التصالح والإفراج عنه وإنقاذ أمواله هو وأفراد أسرته من التجميد وإخضاعها للحراسة. والبقية تأتى. وفى قضية أخرى من قضايا الفساد نشرت الصحف أن رجل الأعمال حسين سالم سيقوم بسداد ما يربو على الخمسة مليارات ونصف المليار جنيه مقابل التصالح مع الدولة ورفع اسمه هو وأسرته من قوائم ترقب الوصول.
وعندك٢٫٣ مليار جنيه حددتها لجنة استرداد أراضى الدولة من شركة واحدة هى السليمانية لتغيير نوع النشاط بخلاف ما ستسدده باقى الشركات عن مخالفات مشابهة. وجاءت حصيلة أول مزاد لإعادة بيع الأراضى المستردة 164مليون جنيه.
هذه المليارات المتناثرة تدل على أن تكلفة منظومة «الفساد» باهظة جداً. وعلى أن المسئولين فى حكوماتنا لا يرون أو يتعامون عن ذلك الخيط الحريرى الشفاف الذى يفصل بين «الفساد» وبين المصطلح الذى نستخدمه كثيرا هذه الأيام وهو «التفكير خارج الصندوق»؛ المقصود به التحرر من القيود الحديدية للتفكير النمطى المقولب والبيروقراطية الجامدة التى تحبس محاولات الابتكار لإيجاد حلول عملية لأزماتنا وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية وتوفير سبل آمنة لتنمية موارد الدولة. وكل وزير يأتى مبتكراً منظومة جديدة مدعياً أنها من خارج الصندوق لنكتشف فى نهاية الأمر انها منظومة فساد محبوكة كمنظومات الخبز والقمح والبطاقات الذكية وتغيير لوحات السيارات المعدنية وغيرها من المنظومات التى أهدرت المليارات. ولنكتشف بحسبة بدائية بسيطة أن حكومتنا لو حاربت الفساد بصدق ودقة ودون استثناءات أو محاباة لوفرت لنفسها الثلاثين ملياراً التى تستهدفها من فرض ضريبة القيمة المضافة التى أبتلتنا بها مؤخراً. ولأصبحت صديقة الشعب فعلاً لا عبئاً عليه وعلى القيادة السياسية. حاربوا الفساد بدلاً من محاربة الشعب المطحون.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة