ّخجلان أوبخ مصلى !

فاطميات

د.فاطمة قنديل

السبت، 03 سبتمبر 2016 - 04:25 م

فى مشهد مهيب، يوم أن امتلأت الطرقات، فلم يكن هناك موطئ لقدم، بعد أن هتفت الحناجر «يسقط يسقط حكم المرشد»، فأطاحت بحكم الإخوان، أطلقت «كنيسة الدوبارة»، وكنائس مصر كلها، أجراسها مع أذان المغرب فى إفطار رمضان، وكنيسة الدوبارة، لمن لا يعرفها، كانت تداوى -لسنوات- فى مستشفاها الميدانى مصابى ثورة 25 يناير، وما تابعها من موجات، لم يسأل راهباتها، وأطباؤها، وطبيباتها المجروح عن دينه، أو عقيدته، أو حتى عن رأيه فى المسيحية، فى بلد عاشت لحظة تاريخية من: «الدين لله والوطن للجميع»، بعد أن كانت تشاهدها فى أفلام «حسن الإمام»، وتدمع العيون على الحلم المفقود بوطن يحترم «المواطنة» هلالا كانت أو صليبا، رغم أن الجلسات «العرفية» فى المنازعات الطائفية ظلت تكرر المشهد نفسه، فى نهاية الصلح المزعوم، فنسخر منها، لأن التمثيل كان أجمل، بكثير، من الحقيقة، وأكثر صدقا! سيراودكم من هذه المقدمة، دون شك، أننى سأنتقد قانون «بناء الكنائس الجديد»، حاشا لله، فالحكومة ترى أننى إذا فعلت سأكون من مثيرى الفتنة الطائفية، وكذلك «البرلمان»، والسلفيون سيغضبون، وأنتم تعرفون أنهم يتعاملون معنا وكأنهم «ماسكين لنا زلة» لأنهم وقفوا إلى جوار «الشعب» فى 30 يونيو! ولا ينبغى أن نغضبهم، فغضبهم شديد، ولحوم علمائهم «مسمومة» كما يزعمون، وأنا عن نفسى لا أريد أن أغضب أحدا، ولا أريد أن أعكر صفو المجتمع، وتلاحمه، ووحدته الوطنية، وليس من المعقول، بداهة، أن أكون على حق وكل هؤلاء على باطل، أنا مواطنة صالحة، أو أحاول أن أكون، فأنا -مثلا- أكتب لكم الآن، على وقع صوت المؤذن فى إحدى «الزوايا» المقامة تحت العمارة المجاورة لبيتي، وأسد أذنى لأن صوت المؤذن رديء جدا، لكننى لم أعترض، فجيرانى سيرهقهم السير 300 متر كاملة هى ما يفصلهم عن الجامع القريب، فقط ذهبت إلى العمارة، واكتشفت أن المؤذن هو «البواب»، وحين فهمت السبب بطل العجب، فلم أنبس بكلمة، اقتداء بكلمات بيرم التونسي:» خجلان أوبّخ مُصلي/ داخل يأدى العباده/ لكن ياعبدالله قول لي/ إيه العمل فى البلاده/ ع الميضه يقضى نهاره/ يغسل فى وشه وإيده/ والناس وراه فى انتظاره/ واللى يعيده يزيده»، ولأن فى الإعادة «إفادة» كما يقول المثل، والتكرار يعلم الشطار، فقد قررت أن أسلى نفسي، بإحصاء عدد الزوايا والجوامع فى منطقتى السكنية، حتى تعبت، ولأن منطقتنا بها كنيسة أيضا، قلت فى نفسي: لا بأس، على الأقباط أن «يمشوا رجليهم شوية»، وعلى المواطن الصالح أن يرى دائما الإيجابيات لا السلبيات، ويسير فاغرا فمه من السعادة، ما استطاع إليها سبيلا، صحيح أننى لم أسمع يوما جرس الكنيسة المجاورة يدق، ولا يعانق الأذان، كما فى فيلم «حسن الإمام»، وكما سمعته بأذنى -التى سيأكلها الدود- فى ميدان التحرير، لكن «ما لا يدرك كله لا يترك كله»، كما قالت النائبة المحترمة «إليزابيث»، فى برنامج «الإبراشي» منذ أيام، وهى تحاول إقناع أحد شباب الأقباط بأن قانون «دور العبادة الموحد»، الذى حلم به، وحلمنا به معه، ليس هذا أوانه! هى أدرى، ولست مسيحية حتى أكون «ملكية» أكثر من الملك، والبرلمان أدرى، بخطورة توغل الأقباط، فى مصر! وبضرورة «محايلة» السلفيين، حتى لا يغضبوا، والحكومة أدرى منى، فأنا مجرد امرأة «ناقصة عقل ودين»، ولا يمكن أن أفترض، مثلا: أن البرلمان يحب الحكومة، لأنه لو لم يحب الحكومة، سيسحب منها الثقة، ولأنه لوسحب منها الثقة، لن يفلح فى تشكيل حكومة، وسينحل هو نفسه، ويعود أعضاؤه مرة أخرى إلى «لم الأصوات»، وهو خاطر خبيث، طردته فورا من عقلى الشرير، كمبرر لهذا العشق «المدله» للبرلمان والحكومة، ووحدتهما الوطنية. على المرء، خاصة لو كان امرأة، أن يكون طيبا، وألا يستسلم لهذه الأفكار الشيطانية، فما أجمل أن نتوحد؛ حكومة وبرلمانا، أقباطا ومسلمين، وما أجمل أن يصمت، أمثالى من النساء، عن «الولولة»، فالخريف على الأبواب، وفيه قال الشاعر: «الدنيا خريف/ والجو لطيف /قفل لى على كل التخاريف»!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة